"الشباب في قلب المشهد السياسي"، ندوة تثقيفية للوطنية للانتخابات    محافظ بني سويف يعتمد مواعيد وجداول امتحانات النقل والشهادة الإعدادية    محافظ المنوفية يلتقي مدير شركة غاز مصر الجديد    رأس المال السوقي يخسر 25 مليار جنيه.. مؤشرات البورصة تهبط بختام جلسة اليوم    70 شهيدا بينهم 47 في غزة حصيلة غارات الاحتلال على القطاع اليوم    انطلاق مباراة الجونة أمام مودرن في الدوري    رئيس مسار بعد التتويج بدوري السيدات: هدفنا المساهمة في تطوير كرة القدم المصرية    جوندوجان يحلم بأن يكون مساعدًا ل "الفيلسوف"    المشدد 5 سنوات لسائق لاتجاره في الترامادول بالعبور    تأجيل امتحانات طلاب المعهد الفنى فى أسوان بعد نشوب حريق    بالمستندات.. ننشر تقرير الطب النفسي لطفل برج العرب ضحية الاعتداء الجنسي    ضبط 3507 قضية سرقة تيار كهربائى خلال 24 ساعة    بعد نقلها إلى المستشفى.. أوس أوس يطالب جمهوره بالدعاء لوالدته    رحلة عبر الزمن فى متاحف مكتبة الإسكندرية| عروس المتوسط تحفظ مستودع الأسرار    بالصور.. ملك أحمد زاهر تتألق في أحدث ظهور لها    «الوزراء» يستعرض تقرير أداء الهيئة العامة للرعاية الصحية    خلافات مالية تشعل مشاجرة بين مجموعة من الأشخاص بالوراق    "الشباب في قلب المشهد السياسي".. ندوة تثقيفية بالهيئة الوطنية للانتخابات | صور    عدوان الاحتلال الإسرائيلي على طولكرم ومخيميها يدخل يومه 101    محافظ قنا يشارك في احتفالية مستقبل وطن بعيد العمال ويشيد بدورهم في مسيرة التنمية    5 أبراج تُعرف بالكسل وتفضّل الراحة في الصيف.. هل أنت منهم؟    "التعليم" تعلن إطلاق مسابقة للمواهب في مدارس التعليم الفني    «التعليم العالي» يبحث مع وزير خارجية القمر المتحدة التعاون الأكاديمي والبحثي بين البلدين    جوتي ساخرًا من برشلونة: أبتلعوا الأهداف مثل كل عام    ب12 هاتفًا.. عصابة تخترق حساب سيدة من ذوي الاحتياجات وتنهب أموالها    محافظ الدقهلية يلتقي المزارعين بحقول القمح ويؤكد توفير كل أوجه الدعم للفلاحين    وزير البترول: التوسع الخارجي لشركة "صان مصر"على رأس الأولويات خلال الفترة المقبلة    تعرف على وضع صلاح بين منافسيه في الدوري الإنجليزي بعد 35 جولة    عمر طلعت مصطفى: العمل الاحترافي يجذب 400 ألف سائح جولف لمصر سنويًا    القائمة الكاملة لجوائز مهرجان أسوان لأفلام المرأة 2025 (صور)    كندة علوش: دوري في «إخواتي» مغامرة من المخرج    قطاع الفنون التشكيلية يعلن أسماء المشاركين في المعرض العام في دورته 45    عفروتو وليجسى ودنيا وائل وكريم أسامة في ألبوم مروان موسى الجديد    البابا تواضروس يستقبل وكيل أبروشية الأرثوذكس الرومانيين في صربيا    إطلاق صندوق لتحسين الخدمة في الصحة النفسية وعلاج الإدمان    حزنا على زواج عمتها.. طالبة تنهي حياتها شنقا في قنا    المراجعات النهائية للشهادة الإعدادية بشمال سيناء    فيديو.. خالد أبو بكر للحكومة: مفيش فسخ لعقود الإيجار القديم.. بتقلقوا الناس ليه؟!    مدبولي يُكلف الوزراء المعنيين بتنفيذ توجيهات الرئيس خلال احتفالية عيد العمال    وائل غنيم في رسالة مطولة على فيسبوك: دخلت في عزلة لإصلاح نفسي وتوقفت عن تعاطي المخدرات    وزارة الأوقاف تعلن أسماء المقبولين لدخول التصفيات الأولية لمسابقة القرآن الكريم    آخر تطورات مفاوضات الأهلي مع ربيعة حول التجديد    وظيفة قيادية شاغرة في مصلحة الجمارك المصرية.. تعرف على شروط التقديم    سحب 49 عينة سولار وبنزين من محطات الوقود بالإسكندرية لتحليلها    التايكوندو يتوجه للإمارات للمشاركة في بطولة العالم تحت 14 عام    وكالة الأنباء الفلسطينية: ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي لمدرستين في مخيم البريج ومدينة غزة إلى 49 قتيلا    كيف يتم انتخاب البابا الجديد؟    هل انكشاف أسفل الظهر وجزء من العورة يبطل الصلاة؟.. الإفتاء توضح    «مستقبل التربية واعداد المعلم» في مؤتمر بجامعة جنوب الوادي    مصر ترحب باتفاق وقف إطلاق النار في اليمن مع الولايات المتحدة    زيادة قدرتها الاستيعابية.. رئيس "صرف الإسكندرية يتفقد محطة العامرية- صور    بتكلفه 85 مليون جنيه.. افتتاح مبنى امتداد مركز الأورام الجديد للعلاج الإشعاعي بقنا    عضو مجلس الزمالك: كل الاحتمالات واردة في ملف زيزو    أسامة ربيع: توفير الإمكانيات لتجهيز مقرات «الرعاية الصحية» بمواقع قناة السويس    اليوم.. الرئيس السيسي يتوجه إلى اليونان في زيارة رسمية    ما حكم إخراج المزكى زكاته على مَن ينفق عليهم؟.. دار الإفتاء تجيب    الأزهر يصدر دليلًا إرشاديًا حول الأضحية.. 16 معلومة شرعية لا غنى عنها في عيد الأضحى    عاجل- مصر وقطر تؤكدان استمرار جهود الوساطة في غزة لوقف المأساة الإنسانية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أكاذيب وأوهام‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 09 - 2010

إذا كان الطريق إلي جهنم مفروشا دائما بالنيات الطيبة كما يقولون‏,‏ فإن الطريق إلي الجنة مسكون أحيانا بالأبالسة‏!‏ وبعض البشر وفي بعض الأحيان كثير منهم يسلكون دون قصد طريق الجنة بأساليب توقظالشيطان من مرقده ليبذر بين الناس وسواس الفتنة والحروب الدينية‏,‏ وهم يتصورون أنهم بهذا السلوك يحجزون مقعد مسبقا في النعيم‏!‏
ومن بين هؤلاء بشر يتركون دينهم وينشغلون بدين الآخر‏,‏ وهمهم الأول هو البحث عن المثالب والعيوب والنواقص والنواقض فيه‏,‏ كي يقفوا في البرية ويصرخون‏:‏ نحن الأخيار‏,‏ نحن الأفضل‏,‏ نحن الأقرب إلي الله‏,‏ أما الآخرون فهم الأشرار السيئون الأبعد عن الله‏..‏
ويخيل لي أحيانا أن هؤلاء يظنون أن الجنة ضيقة المساحة‏,‏ ولن تسع إلا لهم فقط دون خلق الله‏,‏ وعليهم أن يقدموا أوراق اعتمادهم علي وجه السرعة قبل أن تحجز كل المساحات فلا يجدون خرم إبرة‏!‏
وفي الغالب لا تقتصر أوراق الاعتماد علي الإيمان والورع التقوي والعمل الطيب وأعمار الأرض‏,‏ وإنما تمتد إلي الطعن في الأديان الأخري وأحيانا تسفيهها‏!‏
والدين الإسلامي من الأديان التي تعرضت إلي حملات شرسة مستمرة فيها كثير من الوقاحة والجهل سواء في الشرق بيزنطة أو في الغرب‏,‏ باسم البحث العلمي ومناهج التحليل‏,‏ حملات بدأت منذ أكثر من ألف سنة‏,‏ بل تحديدا في القرن السابع الميلادي بانتقادات يوحنا الدمشقي وأثيميوس زيجابينوس في مؤلفه العقيدة الشاملة‏,‏ ولم تتوقف هذه الحملات واستهدفت بالدرجة الأولي كتاب الله القرآن باعتبار ه حجر الأساس في الإسلام وعموده الصلد‏,‏ شارك فيها رجال دين وأباطرة ومفكرون وفلاسفة وكتاب وسياسيون‏,‏ وزادت حدتها في الألفية الثالثة‏,‏ خاصة بعد هجمات سبتمبر علي نيويورك وواشنطن‏,‏ والعمليات التفجيرية في لندن وبالي ومدريد والرياض وطابا والرباط وغيرها‏!‏
والمدهش أن عددا كبيرا من المنتقدين المحدثين دأبوا منذ فترة علي إمطار بريدي الإلكتروني برسائل يتوهمون انهم أتوا فيها بما لم يأت به الكارهون الاوائل‏,‏ منهم واحد اسمه عزت أندراوس وقد يكون اسما مستعارا‏,‏ لا يكف عن تذكيري ب الأخطاء النحوية في القرآن‏,‏ وبدا من كتابته وتعامله مع السور القرآنية والأيات وتبوبيها وتصيده أنه يتحدث عن أشياء يجهلها جهلا تاما‏,‏ فصار مثل الأعمي الذي يتصور نفسه دليلا للممبصرين في عملية تسلق جبل حاد التضاريس‏..‏
وهذه الأخطاء التي وقع فيها أغلب المنتقدين‏,‏ لها أسباب إضافية‏,‏ غير العداوة والكراهية‏..‏
أولا‏:‏ إن اللغة العربية عصية عليهم لا يفهمون مدلولاتها الفنية والأدبية علي نحو صحيح‏,‏ فيستخرجون من العبارات التي يقرأونها معاني لا علاقة لها بالنصوص التي يتعاملون معها أو يستشهدون بها‏,‏ وقد أورد عزت هذا ما يربو علي‏25‏ خطأ حسب أوهامه‏,‏ كلها مرود عليها بالأدلة اللغوية وأبيات الشعر الجاهلي وقواعد النحو والصرف العاصية عليه في كتاب صادر من وزارة الأوقاف بعنوان حقائق الإسلام في مواجهة شبهات المشككين‏,‏ وأنصح الاستاذ عزت بالإطلاع عليه علي شبكة الإنترنت لعله يريح عقله ويرتاح‏.‏
ثانيا‏:‏ أغلب المصادر التي يعتمدون عليها مجروحة أو ناقصة أو جزئية حتي لو كانت عربية‏,‏ وقد نقلت من مصدر إلي مصدر عن طريق العنعنات أي عن فلان وعن فلان‏,‏ دون أي محاولة لإعادة النظر في صلاحيتها الفكرية والفنية والعلمية‏,‏ واعتبروا ما جاء فيها حقائق لا يأتيها الباطل وغير قابلة للمناقشة‏!‏
ثالثا‏:‏ كان هدف البعض منهم التبشير‏,‏ والمبشر‏(‏ أي مبشر أو داعية‏)‏ بطبعه صاحب موقف مسبق يعمل طول الوقت علي إثبات صوابه‏,‏ وينحاز ضد الدين الآخر‏,‏ وتغلب عليه العاطفة قبل العقل‏!‏
ومؤخرا قرأت كتاب الدكتور عبد الرحمن بدوي دفاع عن القرآن ضد منتقديه وهو تحفة فكرية بحق‏,‏ لا يفند فيه فقط ما يقوله المنتقدون بشتي الوسائل‏,,‏ وإنما يجتهد اجتهادا رائعا في شرح وتفسير معان تضيف للفكر الديني أبعادا قد لا يراها المسلمون التقليديون الذين ينقلون عن السلف نقل مسطرة دون تمحيص أو أعمال فكر‏,‏ فتأتي أعمالهم ساذجة وأحيانا بعيدة إلي حد ما عن مفاهيم أكثر إنسانية ورحابة‏!‏
وأكثر ما استوقفني في كتاب الدكتور عبد الرحمن بدوي هو تفسيره لعبارة النبي الأمي‏,‏ فهو يعدد الآيات التي ورد فيها هذا الوصف سواء مفردا أو جمعا‏,‏ وكذلك التفسيرات الشائعة المعتمدة علي لسان العرب‏,‏ ثم يجول مع عشرات المستشرقين الذين استخدموا اللفظ بمعني جهل القراءة أو الكتابة أو الاثنين معا أو بمعني وثني‏,‏ علي أساس أن النبي جاء برسالته بين أمة وثنية‏:‏ هو الذي بعث في الأميين رسولا منهم‏.‏
ثم يقدم تفسيرا بديعا ويقول إن الرسالة المحمدية مرسلة للناس كافة دون تفرقة بسبب الجنس أو اللون أو القومية أو الحدود أو اللغة وليس لأمة العرب فقط‏,‏ وبالتالي فكلمة أمي مشتقة من كلمة أمم‏,‏ جمع أمة‏,‏ وكما يوضح علم الصرف فأن نسب أي كلمة يجري علي المفرد وليس الجمع‏,‏ فلا يقال أممي وإنما يقال أمي‏,‏ بمعني عالمي وصالح وموجه لكل الأمم‏,‏ فالنبي الأمي هو النبي المرسل والموجه إلي كل الأمم‏,‏ وأميين التي وردت أربع مرات في القرآن الكريم تعني البشر أجمعين‏,‏ من مختلف الأمم أو كل الأمم‏.‏
إن كتاب الدكتور بدوي ليس مجرد كتاب في نقد الذين هاجموا القرآن وتفنيد ما قالوه‏,‏ وإنما هو طريقة في التفكير نحن الأحوج إليها لنضع أيدينا علي مفاهيم أتصور أنها أكثر صحة ومنطقا مما نعول عليه من تفسيرات الأقدمين‏.‏

المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.