في المؤتمر الأول للرابطة العربية لتعريب العلوم الطبية الذي نظمته نقابة أطباء مصر وبحضور عمرو موسي الأمين العام لجامعة الدول العربية اتفق المجتمعون علي تعريب جميع المواد التي تدرس في كليات الطب في مصر وسائر الدول العربية والإسلامية.. كما اتفق عمداء كليات الطب العرب علي وضع أسئلة الامتحانات باللغتين العربية والأجنبية, مع السماح للطلاب بالإجابة بأي من هاتين اللغتين. تم هذا الاتفاق من أجل حماية اللغة العربية والحفاظ علي أصولها العريقة. وفي هذا المجال أريد أن أنوه إلي أن حماية اللغة العربية ليست عن طريق تعريب الطب فقط, وليس هذا التعريب بالعصا السحرية التي ستصلح حال لغتنا الجميلة, فالمسئولية جماعية, مسئولية تعليم وتربية وثقافة وكذلك وسائل الإعلام خاصة التليفزيون والقنوات الفضائية و بالأخص الإعلانات والبرامج الحوارية وبعضها هابط وكذلك الأفلام السينمائية وما يأتي بها من ألفاظ ومسميات غريبة علي اللغة العربية. ومن أكثر الأسباب التي أطاحت باللغة العربية الفصحي اللهجات المختلفة في الاقطار العربية وخاصة دول شمال إفريقيا ولبنان والتي يصعب علي الشخص العادي أن يتابع أو يفهم ما يقال, في الوقت الذي نجد فيه العامية المصرية أقرب اللهجات إلي اللغة الفصحي باستثناء السنوات العشر الأخيرة التي اعتاد خلالها الشباب التفوه ببعض الألفاظ( الروشنة) كما يطلقون عليها. أما عن التعليم فنحن وجيلنا شهود علي التقنية العالية التي درسنا بها اللغة العربية الفصحي من خلال القرآن الكريم ودراسة الشعر ابتداء من الجاهلي والأموي والعباسي.. حتي الشعر الحديث, هذا بخلاف جماعات الخطابة والأنشطة الثقافية المختلفة. وأما الفن في الماضي القريب فكان معلما, فلقد غنت أم كلثوم لشوقي وحافظ وجورج جرداق ورامي وآدم وعمر الخيام, وكانت هذه الأغاني مهرة للشعر تترنم به وتلقنه للمستمعين وتعلمهم النطق السليم والحفاظ علي قواعد اللغة, ولا أنسي الشاب الصغير الذي يقود دراجة ويبيع اللبن ويردد مقاطع اغنيتي الاطلال.. وهل رأي الحب....), إلي هذا الحد استطاعت كلمات الشعر المحترمة أن تخترق وجدان هذا الشاب الأمي وأنشدها كما هي مع احترام الفتحة والضمة. ومع التطور غير المسبوق في البحث العلمي خاصة في الطب والعلوم والرياضيات والاتصالات فإن التفكير في التعريب يقطع التواصل بيننا وبين العالم المتقدم, فتوحيد لغة الحوار تمكننا من مسايرة كل ما هو جديد عن طريق المؤتمرات العلمية والدوريات. د.عادل وديع فلسطين