كنت صغيرا لم اكمل العشر سنوات بعد.. اقطن في عمارة كبيرة في محافظة سوهاج عمارة تضم عشرات الشقق التي يقطنها مسلمون ومسيحيون اصدقائي واصدقاء اخواتي الاصغر والاكبر كنا نعيش كأسرة واحدة نلعب و نذاكر و نسافر و نذهب الي نفس المدرسة سويا. حيث أ ن الشقق كانت مفتوحة طوال الليل والنهار نأكل في اي بيت وننام ايضا في اي مكان فيها طالما ان للعمارة بابا واحدا. استيقظت يوما وذهبت للعب كالعادة مع صديقي ايمن جريس.. طرقت الباب لم يجب احد.. رفعت بصري لاعلي لاجد قفلا كبيرا علي الباب لم يستطع بصري ان يستوعب المشهد استفسرت عن الامر لم أتلقي اي اجابة شافية الا انهم غادروا البيت الي حين كررت السؤال فتلقيت الجملة الشهيرة عيب كده ده كلام الناس الكبار.. ادخل ذاكر لم اقتنع بالامر وظل الفضول يدفعني حتي توصلت الي الحكاية وهي ان صفاء اخت ايمن ارتبطت بعلاقة عاطفية بمحمد فاضل جاري الذي تخرج من كلية الحقوق ولم تستطع العقائد ان توقف شعورهما البشري, وصل الامر الي اهلها فقرروا الرحيل في صمت الي منطقة اخري, اما محمد فسافر للعمل في المانيا وتزوج هناك بعد عام من امرأة مسيحية وعاش معها هناك خمس سنوات ثم عاد الي القاهرة ليستقر فيها مع زوجته واولاده. هذه قصة من عشرات القصص التي تحدث في مصر وفي شتي بقاع العالم بغض النظر عن الديانات لكن البعض يريد اشعالها فتنة طائفية برغم انها فتنة عاطفية ليس الا. والفتنة الطائفية كما يقول الدكتور اسعد ابوالنور باحث اجتماعي ومتخصص في التراث المصري هي التي تقع نتيجة قيام احد بمنع الآخر من ممارسة شعائره الدينية كأن يمنع احدا من الصلاة في المسجد او الكنيسة مما يعتبر تحيزا دينيا يؤدي الي فتنة طائفية بين طوائف المجتمع.. لكن ما يحدث نتيجة ان شخصا احب فتاة من طائفة اخري فهذه ليست فتنة بل هي مشاكل حياتية تحدث وستظل تحدث ليس لها علاقة بالدين ويمكن السيطرة عليها بشكل او بآخر.. اما ما حدث فهو من باب سكب الزيت علي النار واشعال الفتن بين طرفي مصر. وجذور الفتنة تبدأ من الشائعات التي يطلقها مثيرو الفتنة مع كل قصة حب بين فتاة مسيحية وشاب مسلم حول قيام المسلمين بخطف الفتيات المسيحيات واجبارهن علي الاسلام, وهذا الكلام يرفضه حتي عقلاء الاقباط وكبارهم. ويضيف الدكتور امام حسانين باحث بمركز البحوث الاجتماعية والجنائية.. تردد مؤخرا ان هناك دراسات اجريت علي شتي اقاليم مصر تقول ان70% من المشاكل بين المسلمين والمسيحيين في مصر نتيجة للعلاقات العاطفية وهي دراسة مكذوبة لا صحة لها.. لان الحوادث التي تطل علينا في مصر ونحن مركز للدراسات نسبة العلاقات العاطفية بها لاترقي الي حيز الدراسة وانها كلها مجرد حوادث فردية تكاد تحدث كل عشر سنوات وفي اماكن مختلفة والعاطفة هنا ليست فتنة طائفية كما يريد البعض ان يصور من خلال الأحاديث والدراسات التي لا اساس لها من الصحة.. فالعلاقات الدينية بين المسلمين والمسيحيين في مصر جيدة للغاية ولايوجد فيها اي شائعة ولكن البعض يريد التفرقة بادخال امور دنيوية واعطائها شكلا دينيا مثل قصص الحب بين الشباب المسلم والفتيات المسيحيات او العكس نعم هي امور يجب ألا نتجاهلها ولكن ايضا يجب ألا نتعامل معها.. بالشكل الديني المجرد وننساق وراء دعاة الفتنة الطائفية بل طالما هي امور حياتية فنعالجها في اطارها الصحيح الشكل المدني, فنحن في دولة مدنية ولسنا في دولة دينية. ويشير د. محمد بشير استاذ علم الاجتماع السياسي إلي ان القضايا العاطفية بين المسلمين والمسيحيين لم تتناولها الابحاث والدراسات بالشكل الجاد لعدة اسباب انها ليست قضية سهلة في الدراسة, كما انها مجرد حالات فردية يصعب تعقبها لم ترق الي حيز الظاهرة.. لكن هذا لاينفي خطورتها فمن يريد ان يفجر الوضع بين المسلمين والمسيحيين في مصر عليه فقط ان يطلق شائعة عن وجود علاقة عاطفية أو جنسية بين الطرفين وللاثارة, ممكن ان يقول ان الفتاة مسلمة والشاب مسيحي وبفعل التعود تتحول هذه المشكلة الجنسية التي لها علاقة بالعادات والتقاليد والتربية الي فتنة طائفية.. ولذلك علينا جميعا ان نعي الدرس جيدا ويجب علي المشايخ والقساوسة ان يتركوا الفضائيات ويعودوا الي الكنائس والمساجد ليوضحوا الصورة للشباب المسلمين والمسيحيين علي حد سواء ويظهروا الفرق الواضح بين المشاكل العقائدية التي لاوجود لها في كل مشاكل المسلمين مع المسيحيين وبين المشاكل اليومية والتي يمكن ان تحدث بين مسلم ومسلم وبين مسيحي ومسيحي مهما كانت ابعادها عاطفة اموال عقارات فيجب ان نضع هذه العلاقات في حيزها الصحيح.. اما ما يخص العلاقات العاطفية التي تنتهي بالزواج بين المسلمين والمسيحيين والتي اثبتت الدراسات أن نسبتها لاتزيد علي01,% فيجب اولا ان نعترف بوجودها.. وان نجد خلالها حلا عقلانيا وان نحد حدودها بعيدا عن صبغها بالدين فالكنيسة الارثوذكسية وعلي رأسها البابا شنودة يحاولون قدر الامكان حماية البنات والشباب المسيحي من الوقوع في العلاقات العاطفية حتي مع اطراف من كنائس اخري مثل البروتستانت وعلي مشايخ الاسلام ان يسلكوا نفس الطريق في نصائحهم للشباب المسلم.