نقيب الصحفيين يكشف تفاصيل لقائه برئيس الوزراء    أستاذ اقتصاد: التعويم قضى على الطبقة المتوسطة واتمنى ان لا أراه مرة أخرى    الشرطة: نحو 50 محتجا يواصلون الاختباء بجامعة ألمانية    شخص يحلف بالله كذبًا للنجاة من مصيبة.. فما حكم الشرع؟    فلسطين.. تجدد القصف المدفعي الإسرائيلي على المناطق الشرقية لدير البلح وسط قطاع غزة    خالد جلال: مدرب الترجي يعتمد على التحفظ    هيثم عرابي: فيوتشر يحتاج للنجوم.. والبعض كان يريد تعثرنا    انتهاء الموجة الحارة.. الأرصاد الجوية تكشف حالة الطقس اليوم    عائشة بن أحمد تكشف سر العزوبية: أنا ست جبانة بهرب من الحب.. خايفة اتوجع    هشام ماجد: «اللعبة 5» في مرحلة الكتابة.. وهذه قصة صداقتي مع شيكو    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    بايدن: لن نرسل قوات أمريكية إلى هايتى    وزير خارجية السعودية يبحث هاتفيًا مع رئيس وزراء فلسطين الأوضاع فى الضفة وغزة    السفير رياض منصور: الموقف المصري مشرف وشجاع.. ويقف مع فلسطين ظالمة ومظلومة    بوتين يصل إلى بيلاروس في زيارة رسمية تستغرق يومين    كسر محبس مياه فى منطقة كعابيش بفيصل وانقطاع الخدمة عن بعض المناطق    وفد قطرى والشيخ إبراهيم العرجانى يبحثون التعاون بين شركات اتحاد القبائل ومجموعة الشيخ جاسم    وليد صلاح الدين: لدىّ ثقة كبيرة فى فوز الأهلي بأفريقيا وهدف مبكر يربك الترجى    الزمالك ضد فيوتشر.. أول قرار لجوزيه جوميز بعد المباراة    منتخب مصر يخسر من المغرب فى ربع نهائى بطولة أفريقيا للساق الواحدة    سيد معوض يكشف عن روشتة فوز الأهلي على الترجي    30 دقيقة تأخر في حركة القطارات على خط «القاهرة - الإسكندرية».. الجمعة 24 مايو 2024    إصابة 5 أشخاص إثر حادث اصطدام سيارة بسور محطة مترو فيصل    «حبيبة» و«جنات» ناجيتان من حادث معدية أبو غالب: «2 سواقين زقوا الميكروباص في الميه»    تمنحهم رعاية شبه أسرية| حضن كبير للأيتام في «البيوت الصغيرة»    متحدث الوزراء: المجلس الوطني للتعليم والابتكار سيضم رجال أعمال    تشييع جثمان شقيق مدحت صالح من مسجد الحصرى بعد صلاة الجمعة    أصداء «رسالة الغفران» في لوحات عصر النهضة| «النعيم والجحيم».. رؤية المبدع المسلم وصلت أوروبا    الهندية كانى كسروتى تدعم غزة فى مهرجان كان ب شق بطيخة على هيئة حقيبة    كاريكاتير اليوم السابع.. العثور على مومياء أثرية ملقاة بالشارع فى أسوان    وفاة إيراني بعد سماعه نبأ تحطم مروحية رئيسي، والسر حب آل هاشم    سورة الكهف مكتوبة كاملة بالتشكيل |يمكنك الكتابة والقراءة    يوم الجمعة، تعرف على أهمية وفضل الجمعة في حياة المسلمين    شعبة الأدوية: التسعيرة الجبرية في مصر تعوق التصدير.. المستورد يلتزم بسعر بلد المنشأ    الصحة العالمية تحذر من حيل شركات التبغ لاستهداف الشباب.. ما القصة؟    بعد تثبيت الفائدة.. سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 24 مايو 2024    وفد قطري يزور اتحاد القبائل العربية لبحث التعاون المشترك    المعمل الجنائي يفحص آثار حريق داخل محطة تجارب بكلية الزراعة جامعة القاهرة    مقتل مدرس على يد زوج إحدى طالباته بالمنوفية: "مش عايزها تاخد دروس"    سعر الدولار مقابل الجنيه بعد قرار البنك المركزي تثبيت أسعار الفائدة    إخفاء وإتلاف أدلة، مفاجأة في تحقيقات تسمم العشرات بمطعم برجر شهير بالسعودية    استقالة عمرو أنور من تدريب طنطا    إصابة فتاة إثر تناولها مادة سامة بقنا    حظك اليوم برج الحوت الجمعة 24-5-2024 مهنيا وعاطفيا.. فرصة للتألق    حظك اليوم برج الجدي الجمعة 24-5-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    خبطة في مقتل.. تفاصيل ضبط ترسانة من الأسلحة والمخدرات بمطروح    مندوب فلسطين بالأمم المتحدة: الحصول على العضوية الكاملة تتوقف على الفيتو الأمريكي    افتكروا كلامي.. خالد أبو بكر: لا حل لأي معضلة بالشرق الأوسط بدون مصر    أسعار الدواجن البيضاء في المزرعة والأسواق اليوم الجمعة 24-5-2024    «صحة البرلمان» تكشف الهدف من قانون المنشآت الصحية    "فوز الهلال وتعادل النصر".. نتائج مباريات أمس بالدوري السعودي للمحترفين    لمستخدمي الآيفون.. 6 نصائح للحفاظ على الهواتف والبطاريات في ظل الموجة الحارة    «فيها جهاز تكييف رباني».. أستاذ أمراض صدرية يكشف مفاجأة عن أنف الإنسان (فيديو)    انتهاء فعاليات الدورة التدريبية على أعمال طب الاسرة    انعقاد الجلسة الخامسة لمجلس جامعة الدلتا التكنولوجية    ما هي شروط الاستطاعة في الحج للرجال    رئيس الوزراء يناقش سبل دعم وتطوير خدمات الصحفيين    ما حكم سقوط الشعر خلال تمشيطه أثناء الحج؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صديق قديم جدا‏(38)‏ لم يعد للكلام بقية
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 08 - 2010

‏(1)‏ انتبهت فجأة للشاب الذي يرتدي السترة الرمادية ويعطي وجهه للجدار ويتكلم‏.‏ قالوا لي إن اسمه سليمان‏,‏ مريض يسكن قريبا من المكتب‏,‏ وإن أمه تأتي به كل صباح وتعود لتأخذه‏.‏ عندما اقتربت وجدته سليمان الشاعر‏.‏ كانت ملامح وجهه قد تشوهت بسبب من الحركات العصبية التي يقوم بها طيلة الوقت‏,‏ وهو التفت برأسه الحلق وتطلع بحاجبين مرفوعين مليئين بالدهشة والهلع‏.‏
لم يعرفني‏..‏ وأدركت أنني فقدته إلي الأبد‏.‏
‏(2)‏
كانت أياما صعبة‏,‏ وكنت ما أزال أذهب إلي قصر الدوبارة‏,‏ لم أعرف ما الذي كنت أعول عليه‏,‏ كنت أدرك أنها قضية كبيرة بين جعفر عمران والحكومة‏,‏ لكن صدمتي كانت كبيرة في الرجل الذي كان دائم الكلام والضحك معي‏,‏ وهو يقابلني بوجه محايد ويتشاغل عني ويعطيني ظهره‏.‏ إذ أقترب‏,‏ حتي زوجته الإنجليزية التي تسكن شقة مستقلة في العمارة المجاورة للتي يسكن بها‏,‏ ويلتقيان بين آن وآخر‏,‏ والتي كانت دائمة الوقوف معي للكلام والضحك بلهجتها المكسرة‏.‏
المرة الأخيرة رأيتها تمشي بقامتها النحيلة‏,‏ وفستانها الخفيف القصير وهي تسحب وراءها كلبها الدقيق الذي يدرج علي الرصيف ويعرفني بدوره لم تفعل إلا أن التفتت من بعيد وهزت رأسها بشعرها الأسود الملموم وواصلت طريقها في صمت‏,‏ حتي سعيد السفرجي صار يتجنبني‏.‏ لم يكن ممكنا للأمور أن تنتهي هكذا أبدا‏,‏ كان توفيق يمر علي كل مساء حيث نذهب إلي المقهي‏,‏ نجلس شبه صامتين في انتظار خليل المحامي الذي قال إنهم علي وشك أن يطلبوني للذهاب إلي خبير الخطوط في مصلحة الطب الشرعي‏,‏ وعندما كنت أعود إلي البيت أمضي طول الليل أمام الأوراق وأتدرب‏.‏
‏(3)‏
كنت طلبت منه أن يخبرني ما الذي سوف يفعله الخبير بالضبط‏,‏ وخليل قال إنه سوف يضع الدفتر أمامي مفتوحا‏,‏ وإلي جواره مجموعة من الورق الأبيض‏,‏ وسيطلب مني أن أنظر إلي توقيع جعفر عمران وأكتب مثله عدة مرات‏.‏ بعد ذلك سوف يأخذ الدفتر والورق بعيدا ويعطيني واحدة جديدة ويجعلني أواصل الكتابة حتي أملأ الورقة‏,‏ ثم يصرفونني ويقوم الخبير بالفحص وكتابة تقريره وتقديمه للنيابة‏.‏
‏(4)‏
بعدما فكرت في هذا الكلام فهمت منه أنهم عندما يضعوا التوقيع أمامي ويطلبون أن أكتب مثله‏,‏ إذا لم يكن الخط خطي فسوف يكون الأمر واضحا مهما كان عدد المرات التي سوف أكرره فيها‏,‏ أما إذا كان الخط خطي فإنني بالطبع سوف أكتب بخط مختلف عما أراه‏,‏ وما أن يأخذوا الأوراق من أمامي ويطلبوا مني أن أكرر ما كتبته فإنني لن أستطيع الاستمرار بالطريقة نفسها‏,‏ لأن أحدا لا يستطيع طول الوقت أن يكرر خطا ليس خطه‏.‏
كنت أعرف شكل التوقيع الذي وقعته‏,‏ وهو كتابة اسم جعفر عمران مثل توقيع سريع‏,‏ ولم يكن أمامي والحال هكذا إلا أن أخترع لنفسي خطا مختلفا وأن أتمرن عليه ليل نهار حتي يصير هو خطي الأصلي الذي يمكنني أن أكرره مئات المرات دون أي تغيير‏,‏ وأنا عكفت ليل نهار أتدرب علي خط لا يخصني حتي أصبحت مطمئنا أنه صار يخصني‏,‏ وأي ورقة تصادفني في أي وقت كنت أخرج القلم وأتدرب‏.‏
‏(5)‏
جري الأمر كما أخبرني خليل المحامي تماما‏,‏ وضعوا أمامي الدفتر مفتوحا‏,‏ وعلامة حمراء تحيط بخانة التوقيع‏,‏ وطلبوا مني أن أكتب مثله‏,‏ كانت أمي طلبت مني أن أقرأ الفاتحة لأم هاشم قبل أن أكتب‏,‏ قرأتها وركزت تماما واستحضرت الخط الجديد الذي صار خطي‏,‏ بعد قليل حملوا كل شيء وتركوا لي عدة أوراق بيضاء وطلبوا مني أن أستمر بالكتابة‏.‏ تركوني وحدي في الحجرة وخرجوا‏.‏
‏(6)‏
بعد عدة أيام استأجرت العائلة ميكروباص واتجهوا جميعا إلي نيابة الموسكي‏,‏ أمي وأخوتي الصغار والجيران‏,‏ بينما سبقتهم برفقة توفيق مع خليل المحامي الذي دخل وتركنا جميعا عند الناصية‏.‏ كنت خائفا غير مصدق أنني يمكن أن أسجن بسبب شيء مثل هذا‏,‏ ثم لمحنا خليل يهبط الدرجات القليلة في بدلته القديمة‏,‏ حافظة الجلدية في يد بينما يسوي ربطة عنقه الحمراء بالأخري‏,‏ أسرعنا نحوه‏,‏ وهو قال‏:‏ إن الموضوع انتهي‏,‏ لأن الخبير كتب في التقرير أن الخط الذي علي الإيصال ليس خط عبدالله‏.‏

المزيد من مقالات إبراهيم اصلان


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.