التجارة شطارة.. هذه المقولة تغلغلت في شرايين شتي مناحي الحياة وشتي القطاعات التي تتعامل مع البشر حتي مهنة الطب التي من المفترض أن تتعدي في إنسانيتها كل الحدود المادية. تحولت هي الأخري إلي تجارة رابحة بكل ما تحمله هذه الكلمة ,وفي مدينة الغردقة أمثلة صارخة للتجارة الرابحة في مهنة الطب فخلال الفترة الأخيرة طغت علي سطح هذه المدينة ظاهرة بناء وتشييد المستشفيات الخاصة ومعها ايضا ما يسمي بالمراكز الطبية ووصلت إلي ما يقرب من عشرة مستشفيات خاصة وتسعة مراكز طبية ناهيك عن الكم الكبير من العيادات الخاصة التي ملأت لافتاتها شوارع الغردقة وهناك العيادات الخاصة الموجودة داخل عدد كبير من الفنادق والقري السياحية وهذه المنشآت كان الهدف الأول منها هو البحث عن بريق السياحة التي يتحقق معها الربح الوفير والسريع. ولذلك سيطرت المغالاة غير العادية علي تكاليف علاج الأجانب في معظم تلك المنشآت ولم يسلم المصريون من هذه المغالاة ايضا لدرجة ان شركات التأمين العالمية المسئولة عن دفع تكاليف علاج اي سائح أجنبي بالاتفاق مع شركات السياحة علت صرخاتها مما يحدث في مثل هذه المستشفيات. وبالطبع هذه التصرفات التي ترتكبها هذه المنشآت ذات نظرة ضيقة لانها تسيء لسمعة السياحة التي هي المصدر الأول لإقتصاد هذه المحافظة وهناك ألاعيب عديدة ترتكب داخل هذه المستشفيات جعلت وزارة الصحة ومحافظة البحر الأحمر تبحث عن ضوابط وأساليب لتقليم أظفار تلك المغالاة والألاعيب. فكما يقول محمد رفيع عضو مجلس محلي المحافظة ان ما يحدث من قبل القائمين علي معظم هذه المستشفيات والمراكز الطبية بشأن علاج الأجانب الذين يذهبون اليها في ظروف طارئة أو عادية يمثل إحدي الطعنات التي تصوب لقطاع السياحة, فهناك مبالغة فجة ومجحفة في حساب الفواتير التي تدونها هذه المنشآت بصدد علاج السائحين حيث تصل التكلفة في معظم الأحيان الي عشرة أضعاف المستحق ولا توجد تسعيرة للعلاج سواء الأجنبي أو المصري وهناك حلقة تلاعب ترتكب بهذا الشأن يشارك فيها بعض المرشدين السياحيين والمسئولين عن هذه المنشآت ولا تخلو الشبهة من بعض السائحين أنفسهم والذين يعالجون بهذه المنشآت فالكل يستفيد وتكون الضحية هي شركات التأمين فمثلا من بين الوقائع التي شهدتها الفترة الماضية سائح تعرض لجرح قطعي في فروة الرأس فذهب لاحد هذه المستشفيات فأجريت له اشعة عادية ثم مقطعية ثم سونار وكل خطوة بحساب, وهناك شاب انجليزي صغير السن أصيب في ركبته إصابة عادية فذهب لأحد هذه المستشفيات فأجريت له علمية لا تجري إلا في الحالات الخطيرة وكانت فاتورة العلاج هي11 ألف يورو وغيرها من الأمثلة الأخري ولذلك تعالت شكاوي شركات التأمين العالمية وأصبحت الثقة مفقودة بينها وبين معظم هذه المنشآت وبدأت توفد مندوبيها للوقوف علي هذه التصرفات. وبعرض هذه المشكلة علي وكيل وزارة الصحة الجديد الدكتور محمد سرحان أشار إلي أن هذه المشكلة كانت موجودة في بعض هذه المنشآت الطبية الخاصة ولكن بعرضها علي الدكتور حاتم الجبلي وزير الصحة والسكان وبالتنسيق مع المحافظ مجدي القبيصي تم تشكيل لجنة من الوزارة برئاسة الدكتور سعد المغربي رئيس الإدارة المركزية للمؤسسات غير الحكومية وحضرت هذه اللجنة للغردقة وبحثت جوانب المشكلة وعقدت اجتماعا مع أصحاب هذه المستشفيات وتم وضع ميثاق للتعامل به والزام المستشفيات بوضع قائمة أسعار متعارف عليها والالتزام بها والتشديد أنه في حالة مخالفتها ستتعرض المنشأة الطبية لطائلة القانون وممكن ان تصل العقوبة للإغلاق. وتم تأكيد ان مديرية الصحة بالمحافظة هي الجهة المسئولة بالإشراف والمتابعة وأنه لابد من الشفافية في كل شيء ولأول مرة تتم مخاطبة شركات التأمين العالمية المسئولة عن دفع تكاليف علاج الأجانب لهذه الخطوات والتنبيه عليها بمخاطبة مديرية الشئون الصحية فورا بأية تجاوزات ترتكب من قبل هذه المستشفيات لاتخاذ الإجراءات اللازمة ضدها.