كتبت : ماري يعقوب : وإعلان رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين اعتزام بلاده فرض حظر علي صادرات القمح بسبب موجة الجفاف التي اجتاحت بلاده أثار التخوفات من تأثر الكميات المستوردة من روسيا التي تقدر سنويا بنحو3 ملايين طن قمح روسي لمصر؟ باختصار تواجه مصر مأزقا كبيرا في تدبير الاحتياجات من القمح الذي يعتبر الغذاء الرئيسي لغالبية المصريين فياتري.. ماالمخرج والحل ؟! خاصة بعد إعلان المهندس رشيد محمد رشيد وزير الصناعة بأن الاحتياطي من الدقيق يكفي أربعة شهور!! هذا ماجعل الدكتور عبد السلام جمعة رئيس مركز البحوث الزراعية السابق والملقب بأبوالقمح يؤكد أن انخفاض الانتاج الروسي من القمح يعتبر مشكلة إذ انه سيحقق فجوة كبيرة في السوق العالمية بالعجز في الكميات لمطروحة حيث تنتج روسيا مايقرب من200 مليون طن من القمح وتقوم بتخصيص الفائض من انتاجها لخدمة التجارة العالمية, وتقوم بطرح مايقرب من20 مليون طن في الأسواق أي مايعادل نسبة20% ثم انخفض ليصل الي8% ثم جاء قرار الحظر الأخير. ويشير الي ان مصر تستورد من روسيا وكازاخستان وباكستان نصف ماتقوم باستيراده من الدول الأخري ليصل حجم الاستيراد العام من القمح من6 الي7 ملايين طن سنويا نصفها من روسيا فقط.. وهنا يدق الدكتور عبد السلام أجراس الخطر حتي تصحو الحكومة وتقوم بمتابعة التغيرات العالمية التي تتأثر بها حيث وصل سعر طن القمح عالميا من277 دولار الي300 دولار بعد أن كان بثمن140 دولارا ثم150 دولارا. التغلب علي المشكلة إزاء هذا المأزق كان يجب ان نفتش في أوراق البحوث العلمية في محاولة لإيجاد مخرج وطني يحقق الاكتفاء الذاتي من القمح ويجنبنا حاجة الوقوف في طابور الاستيراد وتحت رحمة مناخ الدول الخارجية. العديد من الدراسات لجهات عديدة قدمت حلولا تحقق هذا الاكتفاء احدي هذه الدراسات لمركز معلومات مجلس الوزراء تؤكد ان مصر يمكنها تحقيق الاكتفاء الذاتي في حالة زيادة المساحة المزروعة من القمح من400 ألف فدان الي660 ألف فدان بحلول عام2011 لتصل الي1.73 مليون فدان في عام2017 وهو مايغطي نحو80% من احتياجات مصر من القمح. أما أحدث البحوث المصرية في اطار معالجة أمراض القمح والتي تقدمها مصر للعديد من دول العالم.. وهي وقف انتشار مرض الصدأ الأسود وانتاج اصناف قمح مقاومة لهذا المرض الذي يضرب المحصول. وكما يقول الدكتور أيمن فريد أبوحديد رئيس مركز البحوث الزراعية فإن سلالة الصدأ الأسود ظهرت عام1999 في أوغندا وهي تسبب خسارة تصل الي فقد المحصول بالكامل, وانتقلت هذه السلالة بعدها الي كينيا واثيوبيا خلال سنتين بانتشار الجراثيم عن طريق الرياح وأصابت القمح في بعض دول شرق افريقيا ثم انتقلت الي اليمن عام2007 ثم الي ايران عام2008 بفعل الرياح. ويضيف أن الجهود الدولية بدأت لايقاف انتشار المرض من دول شرق افريقيا حيث قامت هيئة ايكارديا بعقد ورشة عمل في صيف عام2005 حضرها العديد من الدول ومنها مصر لتوضيح خطورة السلالة الجديدة علي القمح المزروع في العالم كله, وضرورة ايقاف انتشارها حيث قاد العالم الأمريكي لورفان بورلوج المبادرة التي اطلق اسمه عليها لمقاومة الاصداء في محصول القمح في العالم بتمويل من ميلندا ويل جات وادارة جامعة كورنيل للبحوث والاختيارات التي تساعد علي مقاومة الأصداء بشكل عام والصدأ الأسود بشكل خاص حيث تمت زيارة حقل اختبار السلالات العالمية ووجد أن مايقرب من95% منها قابلة للاصابة بشدة بهذه السلالة. وبدأت مصر ممثلة في قسم بحوث القمح معهد بحوث المحاصيل الحقلية بمركز البحوث الزراعية منذ يونيو2005 بارسال أصناف وسلالات القمح المصرية الي كينيا واثيوبيا واليمن بعد ظهور المرض بها لاختبارها لمقاومة هذا المرض ويتم هذا العمل سنويا حتي العام الحالي2010 بالاضافة الي الحصول علي130 سلالة من القمح الربيعي ثم اختبارها في كينيا لمدة ثلاث سنوات واظهرت درجات مختلفة من المقاومة لهذا المرض, وتم الاستفادة بها في برنامج تربية القمح المصري. ويضيف الدكتور أبوحديد انه نتيجة لذلك تم استنباط سلالتين فقط تتصفان بالقدرة المحصولية العالية والمقاومة الوراثية لهذه السلالة المرضية والأصداء الأخري تحت ظروف مصر وذلك خلال موسم2009/2008, وتم اطلاق اسم مصر1 ومصر2 علي هاتين السلالتين بمحطة البحوث الزراعية بسخا ثم في محطات بحوث سخا الجميزة, وسدس وتم الحصول علي40 طنا من هذين الصنفين وزراعة تقاوي هذين الصنفين في حقول ارشادية في20 محافظة مصرية بالأراضي القديمة والجديدة بمساحة5 أفدنة لكل حقل ارشادي. وتم تصدير1.5 مليون طن من مصر واحد الي أفغانستان عام2009 حيث اثبت هذا الصنف ارتفاع انتاجيته ومقاومته للمرض في أفغانستان بالاضافة الي تصدير60 كيلو جراما تقاوي من نفس الصنف الي كل من السودان وتونس وازبكستان لاغراض البحث العلمي وقد تم الاشادة بمصر حيث كانت الدولة الوحيدة التي قامت بهذا الانجاز. وفي مارس من هذا العام2010 قامت منظمة الأغذية والزراعة بالاشتراك مع الايكارديا بدعوة7 دول عربية وافريقية للاستفادة من الخبرة المصرية في استنباط أصناف قمح مقاومة للصدأ الأسود والاستفادة من الخبرة المصرية الخاصة بانتاج التقاوي وجهود مكون نقل التكنولوجيا في نشر هذه الأصناف الجديدة بين المزارعين من خلال مكون نقل التكنولوجيا بمعهد بحوث المحاصيل الحقلية. ويجري حاليا الإعداد لتصدير150 طنا من تقاوي الصنف مصر الي أفغانستان للاستخدام التجاري.