الذرة من المحاصيل الاستراتيجية التي يجب أن تهتم بها وزارة الزراعة إذ انها المحصول الثاني بعد القمح لانتاج رغيف الخبز المدعم بنسب محددة لدقيق القمح ودقيق الذرة معا. وقد اعلنت الوزارة انها تشجع زيادة المساحة المزروعة من الذرة كبديل لزراعات الأرز التي تستهلك كميات كبيرة من المياه. لكن الخبراء يؤكدون أن المحصول الاستراتيجي يجب أن تكون له الأولوية في السياسة الزراعية من حيث المساحات المزروعة وحوافز للمزارعين واستنباط تقاوي عالية الإنتاجية مقاومة للآفات وارشاد زراعي جيد وسعر مناسب عند التوريد.. فهل هذا ما يحدث بالفعل مع الذرة؟!يقول حمدي يونس وكيل وزارة الزراعة: لأول مرة هذا العام تم تحديد أسعار توريد للمحاصيل الاستراتيجية الخمسة ومنها الذرة, وسيتم فتح البنوك الزراعية لتسلم الذرة بواقع180 جنيها للاردب أو1200 جنيه للطن. ويضيف تتجه الدول إلي وجود تجمعات كبيرة للزراعات بتشجيع القطاع الخاص علي التعاقد مع المزارعين مثلما يحدث مع زراعات البنجر وفي حالة وجود مساحات كبيرة تتراوح بين50 فدانا ومائة فدان تقدم الدولة أوجه الدعم العيني مثل تخفيض أسعار المبيدات أو الاسمدة. والهدف من هذه السياسة الزراعية الجديدة يؤكد العودة لنظام الدورة الزراعية بطريقة أخري بما يحقق انخفاض منسوب المياه بالاراضي في هذه التجمعات وتحسين خواص التربة وترشيد استخدام المياه والحصول علي إنتاجية عالية من المحصول وانخفاض الآفات مما يؤدي إلي تنفيذ برامج المكافحة المتكاملة حتي نصل في النهاية إلي غذاء آمن خال من المبيدات. في محافظة الشرقية يتابع علي سبيل التحديد تمت زراعة325 ألف فدان ذرة شامية بزيادة60 ألف فدان عن العام الماضي وتقوم مديرية الزراعة عن طريق الارشاد الزراعي والإنتاج الحيواني باستخ,دام الذرة في العلف الحيواني والتوعية بأخذ مخلفات المحصول أو النواتج السنوية وتحويلها إلي مردود يستفيد منه المزارع سواء كان مردودا نقديا أو أعلافا لخدمة الأرض الزراعية. عن أهمية الذرة كمحصول استراتيجي يقول الدكتور محمد أبوزيدالمدير السابق لمعهد البحوث الحقلية بمركز البحوث الزراعية ان الدولة بدأت بالفعل تهتم بزراعة الذرة والدليل أنه في الموسم الماضي تم زراعة1.5 مليون فدان من اجمالي ثمانية ملايين فدان جملة المساحة المنزرعة في مصر أي أكثر من خمس المساحة تم زراعتها بهذا المحصول في بعض المحافظات ما عدا مصر العليا في الصعيد مثل سوهاج وأسيوط والمساحة المزروعة فيها بسيطة وايضا الاراضي المتأثرة بالملوحة إذ لا تزرع بالذرة الشامية. وتعتبر إنتاجية هذا المحصول عالية حيث تبلغ في المتوسط24.4 اردب في الفدان وتتفاوت من منطقة لاخري ومن مزارع لآخر. وبالطبع يواصل حديثه هذا المحصول من المحاصيل الصيفية ويتم حصاده في شهر سبتمبر وللأسف يتلاشي دور الارشاد الزراعي لاسباب خاصة بالميزانية ودوره يتقلص من عام لآخر برغم أهميته في توعية المزارع فيما بعد الحصاد. وفي الموسم الماضي تم رفض توريد50 ألف طن ذرة مصابة بفطريات وحشرات بسبب سوء التخزين سواء لدي التجار أو المزارعين. قبل ذلك يضيف كانت هناك فترة زمنية بين جمع المحصول في سبتمبر وتوريده في يناير لأن الدولة كانت تأخذ وقتا لتحديد سعر التوريد وهذا العام تم تحديد السعر مبكرا وبالتالي سوف يسهم هذا في سرعة التوريد وتقليل مضار التخزين والفاقد. سلالات جديدة يتحدث الدكتور فوزي عبدالمجيد الاستاذ المتفرغ بقسم بحوث الذرة الشامية بمركز البحوث الزراعية عن هذا المحصول قائلا: يهتم مركز البحوث الزراعية باستنباط سلالات جديدة كل فترة وبالفعل هذه السلالات رفعت الإنتاجية من عشرة أرادب في الفدان إلي24.4 أردب في الفدان, وهي سلالات عالية الإنتاجية مقاومة للأمراض. أما موضوع الآفات التي تصيب المحصول فبسببها تم تخزين المحصول ونسبة الرطوبة به أكثر من14% لذلك يقوم المزارع بجمع المحصول في شهر سبتمبر وعمل منشر للعيدان تترك لمدة تتراوح بين اسبوعين وثلاثة اسابيع خلال هذه الفترة يتم تقليبها جيدا لضمان جفافها وعدم زيادة نسبة الرطوبة علي هذه النسبة وهي14%. وللارشاد الزراعي دور مهم إذ يتم عقد ندوات للمزارعين يتم ارشادهم للمعلومات الصحيحة حول التعامل مع المحصول في جميع مراحله مع ضرورة الاهتمام بالتجفيف قبل التخزين. والذرة من المحاصيل المهمة للاستهلاك الآدمي والحيواني ويستخدم غير الصالح منها للاستهلاك في صناعة الاسمدة. يقول الدكتور علاء البدوي استاذ التغذية المتفرغ بالمركز القومي للبحوث: الذرة من المحاصيل المهمة التي تدخل في غذاء الإنسان, كما أنها تدخل في تغذية الحيوان بنسبة70% من مكونات العليقة أما في الحيوانات فتشكل نسبة تتراوح بين35% و40% من مكونات العلف الحيواني. ويضيف: لدينا نحو أربعة ملايين رأس جاموس و4.2 مليون رأس بقر ويستهلك الحيوان الواحد في المتوسط8 كيلو جرامات من الاعلاف يوميا وهذا يعني أننا نحتاج إلي كمية كبيرة من الذرة الشامية لتغذية الحيوان في حدود من6 إلي7 ملايين طن ذرة سنويا. ونحن في مصر لاننتج أكثر من مليوني طن ذرة بيضاء أما الذرة الصفراء فنستوردها من الخارج. ونجد كبار المربين يقومون بقطع الذرة قبل اكتمال نموها وهي في مرحلة الطور الجنيني وتخزينها تحت الأرض في ظروف لا هوائية لإنتاج سيلاج وهو علف يستخدم لتغذية الحيوانات عالية إنتاج الالبان وبالتالي فهناك تعارض في المصالح بين هذه الفئة وبين استخدام الذرة للاستهلاك الآدمي أو العلف الحيواني المعروف ولابد من إعادة النظر في سياستنا الزراعية والاهتمام بالمحاصيل الاسترايتجية ومنها الذرة لأن اعتمادنا علي الاستيراد من الخارج سوف يصل بنا يوما إلي التجويع لأن أسعار الذرة العالمية أصبحت مرتبطة بأسعار النفط وقد وصلت منذ نحو عامين إلي900 جنيه للطن ثم أعلي من ذلك بكثير نتيجة لاستخدامها في إنتاج الوقود الحيوي الميثانول كبديل للبترول وكلما زاد سعر النفط ارتفعت أسعار هذه المحاصيل عالميا. ويضيف: الذرة مرتبطة بأسعار اللحوم وهذا معناه أن كيلو اللحم سيصل ثمنه إلي مائة جنيه إذا لم نهتم بزراعة مساحات كبيرة بالذرة.