من يتابع مايحدث حول القضية المثارة بخصوص جابر عصفور يدهش من ردود الافعال, وهي ردود افعال المثقفين حولنا. وهي تتردد بين القبول والرفض والحيرة, بين تأكيد حرية الرأي وتأكيد حدود هذه الحرية والأن جابر عصفور كاتب وناقد معروف, فقد اتسعت دائرةرد الفعل لدي مساحات بعيدة عن حياتنا الثقافية.. وهو ما نحاول فيه ان نجيب عن مثل هذه الاسئلة التي تثار. د. محمد عناني منذ البداية أقول إن من منبر له من المثقفين عليه فرض عين مقدس, ومن يدافع عن الحرية, حرية الرأي مقدسة, لم نعد في عصر يقبل مفاضلة رأي مهما يكن والحجر علي تفكير انسان مهما يكن, نحن نعتز باننا نعيش عصر الحرية, ونعتز برأي القضاء.. ومع ذلك هناك حق في لوم من لديه امكان الكلام ولم يتكلم. ويعقب د. محمد عناني علي رأي القضاء: أنا اضم صوتي الي صوت د. جابر عصفور, كل انسان يكتب ويقرأه الناس يؤثر في الرأي العام, سواء اكان ذلك بالمباشرة أم صورة تراكمية.. وفعلا اعتقد ان كل من لديه فرصة لرفع صوته او الكلام او الكتابة ان يهب دفاعا عن قضيتنا جميعا فهي قضية المستقبل. لن يقوم لنا مستقبل دون حرية. في وقت نجد فيه عصفور جامعة كجامعة هارفارد وهذا غريب لباحث في جامعة القاهرة, ولكنها حرب اختفاء الوفاء وضياع القيمة نتيجة لذلك.. واذا حدث هذا في مجتمع الثقافة والجامعة فالنتيجة الحتمية هي ستكون مزيدا من الترويع والابتزاز وتلك هي أهم ملامح عصر التفتيش الجديد القادم.. وهي مناسبة لنقول فيها ان ما يحدث في مجتمع الجامعة هو جزء مما يحدث في المناخ الثقافي. د. وجدي زيد يدهش يقول أنه عندما يري جابر عصفور يلجأ إلي القضاء لا الي مجتمعه الثقافي, وفي مجتمعات اخري مثل المجتمع الصحفي تعرض البعض في فترات سابقة لنزاعات مشابهة فكان هناك المساندة والدعم من المجتمع الصحفي لكننا في الحالة الاخيرة لا نكاد نري ما يمكن ان نسميه مجتمعا ثقافيا متماسكا قويا يدافع عن ثقافة واضحة أسسها قوية تحمي افرادها. الغريب ان هذا المثقف شغل منصب الامين العام للمجلس الاعلي للثقافة سنوات, وله انجازات في التنوير والترجمة والفكر والسؤال هنا: هو اين المجلس الاعلي للثقافة والمثقفون الذين ينتمون اليه؟ وبالتحديد: هل هناك مجتمع ثقافي اسسوه بالفعل يمكن ان يقف ويدعم الساعين الي التنوير والتقدم في المجتمع..؟.. والاغرب من هذا كله انه عندما نعرف جابر عصفور وهو استاذ بجامعة القاهرة محروم من ساعة واحدة يلتقي فيها بطلابه من جامعة القاهرة. ويصل د. محمد عبدالمطلب في دهشته الي اقصاها محددا اننا الآن نعيش مرحلة تخلف عن الوضع الثقافي الذي كان عليه العرب في العصرين الاموي والعباسي, فكان هناك فصل حاسم بين الادب والابداع والثقافة والدين, ومن يتابع كتب النقد العربي الحقيقية امثال الوساطة للجرجاني ونقد الشعر لقدامة وعيار الشعر لابن طباطبا يكتشف هذه الحقيقة. اما الآن, فاصبح الانسان يحاسب حسابا عسيرا علي كل ما يقول وينطق, وهذا ما سيؤدي بالضرورة الي اخراس المثقفين.. ولكن من جانب آخر يؤكد د. محمد عبدالمطلب هنا بهدوء شديد.. لا اوافق ابدا علي اي اجتراح للدين والعقيدة والاسلام, ولكن ليس مكان ذلك المحاكم وانما بالحوار الفكري الثقافي. هذه رسالة الي المثقفين.. المثقفين.