قبيل أية انتخابات عامة تجري في مصر, تتجه الأحزاب صوب الإتفاق والاختلاف حول المشاركة وعدم المشاركة في العملية الانتخابية, ويبدأ الحديث عن ضرورة توافر ضمانات لنزاهة الانتخابات. فمن يري توافر الحد الأدني من ضمانات نزاهة العملية الانتخابية يقبل علي المشاركة, ومن يري عدم توافر هذا الحد الأدني سالف الذكر, يعلن مقاطعته للعملية الانتخابية برمتها, محملا الحزب الوطني الديمقراطي مسئولية الخيبة التي يمكن أن يمني بها لو خاطر وشارك في الانتخابات التي عادة ما يوصمها بالتزوير, وعدم المصداقية والتعبير عن ارادة الجماهير, ويعبر ذلك عن سوء في ادراك مثلث العملية الانتخابية للأحزاب المعارضة في مصر, خاصة التي تقاطع الانتخابات. فالعملية الانتخابية قائمة علي مثلث, أري أن فيه ضلعين مهمين لا تدركهم الأحزاب المقاطعة للأية عملية انتخابية تجري في بر مصر, هما: مرشح وله مواصفات, وناخب وله متطلبات. وبداية أري أن مثلث العملية الانتخابية عبارة عن مجلس( أو مؤسسة) وله اختصاصات, ومرشح وله مواصفات, وناخب وله متطلبات, وبالنسبة للحالة التي نتحدث عنها انتخابات مجلس الشعب عام2010, باختصاصاته التشريعية, والرقابية, والشبه قضائية والمتمثلة في الفصل في صحة عضوية أعضائه والمالية, والسياسية, وكلها اختصاصات تتطلب نائبا مستيقظا واعيا, وهو الضلع الثاني من مثلث الانتخابات مرشح وله مواصفات, ولا أقصد هنا بمواصفات المرشح لمجلس الشعب الشروط القانونية للترشيح, كالسن, والسمعة, والموقف من التجنيد, ومعرفة القراءة والكتابة كحد أدني, بل أتعدي ذلك بالمطالبة بمرشح وفق اختصاصات مجلس الشعب الجسام, عنده مقدرة علي العطاء بلا حدود, يكون متعلما تعليما عاليا علي الأقل, يقدر المجلس الذي يلتحق به أحسن تقدير, أما عن الضلع الثالث, فهو ناخب وله متطلبات, تكاد تنحصر هذه المتطلبات في تحقيق أمور لا تؤديها الحكومة علي أكمل وجه, أو بمعني آخر بعض الناخبين يريدون نائب خدمات, مثل إدخال الصرف الصحي, والمياه, والمساعدة علي توفير مسكن مناسب, وحق العمل في بيئة آمنة, وفي الريف يسعي الناخبون الي انتخاب من يعمل علي توفير مياه الري لأراضيهم مثلا. اعتقد أن ماكان غائبا عن جميع الأحزاب, أن الدفع بمرشح له مواصفات تتفق مع اختصاصات مجلس الشعب كحالتنا هذه, ومراعاة بعض متطلبات الناخبين, هو المفتاح السحري للفوز ببعض مقاعد البرلمان, رغما عمن يرون انه يزور. وأنور السادات, نتيجة الاعتداد بالناخبين واحترامهم, فكانوا بمثابة حصن الامان لهم. أعتقد أن انصراف الناخبين عن العملية الانتخابية, التي كلما انصرفوا عنها يمكن ان تكثر الشوائب التي تعتريها, نتيجة عدم اهتمام المرشحين والقوي السياسية المساندة لهم بهم, وكأنهم كم مهم وآخر مايمكن الالتفات اليه, والأهم كرسي البرلمان, الذي يأتي في هذه الحالة وحوله علامات استفهام كثيرة, سواء مثل تزوير ارادة الناخبين, أو عبر تربيطات لا تغني ولا تسمن من جوع. صفوة القول, يا معشر الأحزاب إن كنتم تريدون بحق انتخابات تعبر عن الحجم الحقيقي لكل قوة سياسية والوزن النسبي لها في المجتمع المصري, ادفعوا بمرشح يفوز باختصاصات المجلس المرشح له وفي حالتنا هذه مجلس الشعب وبذلك يفوز بمتطلبات الناخبين, لأنهم ان صدقوا في تفعيل اختصاصات مجلس الشعب مثلا صدقوا في التعبير عن ارادة الناخبين, لا تحملوا الحزب الوطني مسئولية انسحابكم من الساحة السياسية, ضعوه أمام الأمر الواقع, وتحملوا مسئولياتكم, كما أقدم هنا اقتراحين, الأول: ضرورة تطبيق الغرامة المنصوص عليها في قانون مباشرة الحقوق السياسية, علي كل من يتخلف عن القيام بواجبه والادلاء بصوته في الانتخابات. الثاني: ضرورة تحديد انتماء سياسي لكل مرشح ولكل ناخب, مما يدفعنا بضرورة القول بدمج جميع القوي السياسية في اطار العملية السياسية, بناء علي عقد اجتماعي جديد يتناسب وظروف مصر الحالية, ويحقق تطلعاته المستقبلية.