تنفيذ أحكام القانون دون تأخير أو استثناء لكبير أو صغير.. وعدم التمييز بين أي مواطن وآخر.. مسلم أو مسيحي.. مسئول أو عادي. في الحقوق والواجبات.. هو أهم ما ركزت عليه توصيات المجلس القومي لحقوق الإنسان, لمعالجة أحداث العنف بوجه عام, والأحداث التي تقع بين مسلمين ومسيحيين من وقت لآخر, خاصة في صعيد مصر. التوصيات التي تقضي أيضا بعدم الاقتصار علي ملاحقة مرتكبي الجرائم, والبحث عمن قد يكونون وراءها, وتكثيف الوجود الأمني علي دور العبادة ومطالبة الدعاة بعدم الحط من شأن الأديان الأخري.. لابد من أخذها بجدية بالغة, لأن الحد من الجرائم لا يكفي له معاقبة المنفذ الذي ربما يكون ضحية لإغواء أو تحريض شخص آخر يجب أن تطوله يد العدالة. كما أن كثيرا من الدعاة قليلي الثقافة وناقصي الفهم لروح الدين السمحة أي دين سماوي وحقيقة أحكامه ونصوصه, يتسببون في إثارة العامة من الناس وخلط الأمور لديهم وإقناعهم دون وجه حق بأن ما يقولونه هو الصحيح, بينما هو في الواقع نظرة قاصرة لا تقدم التفسير الصحيح لأحكام الشريعة الإسلامية أو الدين المسيحي, وبالتالي يحتاجون إلي رقابة جيدة من كبار رجال الدين, حتي لا يواصلوا نشر تفسيراتهم المشوهة لروح الدين وأحكامه, ويستند إليها المتطرفون في تنفيذ جرائمهم. من التوصيات التي يجب الوقوف عندها طويلا وتنفيذها بحزم.. هو مراقبة البرامج الإعلامية التي تحض علي إضافة صبغة دينية للدولة لأنها تسهم في استثارة الناس قليلي المعرفة, وتهييء الأجواء لارتكاب أحداث عنف.. وهنا لابد أن تنطبق المراقبة أيضا علي ما ينشر في الصحف والمجلات, ومحاسبة من يحرضون علي العنف أو يعطون بعدا دينيا لسياسة الدولة, حتي يتوقف التهييج وتنحسر أجواء العنف.. أيضا لابد من تنقية المناهج الدراسية من العبارات التي يفهم منها أن الوطن حكر علي دين دون آخر.. وإعلاء قيم المواطنة من عدل ومساواة, والتصدي لدعاوي الكراهية ونبذ الآخر في الخطاب الديني والإعلامي. فتربية النشء علي التسامح والمساواة مع الآخر, مهما كان دينه, أمر مهم منذ الصغر حتي لا يقعوا فريسة للتطرف بعد ذلك.. وهنا يكمن دور مهم أيضا للمدرسين الذين يعتبرهم كثير من التلاميذ قدوة ويقلدونهم في تصرفاتهم, بحيث يتم اختيار الشخص الصالح لهذه المهنة الجليلة من ناحية الثقافة والاعتدال والفهم الصحيح لروح الدين السمحة. ولا يقل أهمية عن كل ما سبق ضرورة قيام منظمات المجتمع المدني وهيئاته وأحزابه بما يجب عليها من دور فعال في مواجهة ظاهرة التطرف يدا بيد مع سلطات الدولة الرسمية, وإتاحة الفرصة للاستفادة من طاقة الشباب في نشاطات مشروعة مع حماية حرية الاعتقاد وحرية إقامة الشعائر الدينية وممارستها.. فالدين لله والوطن للجميع, وليس من حق أحد أن يحجر علي الآخر حقوقه التي كفلها الدستور والقانون.