البداية‏..‏ زراعة الأفكار

في الحياة الإحساس بالوقت نسبي فمرة نجده سريعا لا نستطيع اللحاق به واخري بطيئا لايريد ان يسير إلي الامام‏.. ولكن كيف هو الحال بالوقت بين الواقع والحلم؟‏..‏ فهل نستطيع قياس الوقت في الحلم كما في الواقع‏..‏ بالطبع لأ‏..!‏ فقد نحلم حلما طويلا رغم اننا لم نستغرق في النوم سوي ثوان او حتي دقائق‏..‏ فالزمن في الحلم طويل رغم قصره في الواقع‏..‏ ايضا هل استطاع احدنا ان يمسك ببداية حلم راءه في المنام؟‏..‏ فدائما نبدأ التذكر بعد بداية الحدث‏..‏ موضوع العقل الباطن واللاوعي كبير‏..‏ والافكار التي تدور من خلاله كثيرة‏..‏ ومدي تأثيرها علينا في الواقع غير معلومة‏..‏
فالعوامل النفسية واستخدامها حتي في تدريبات الجنود والتحكم باللاوعي ليصل بالجندي لاقصي درجان القوة حتي لا يشعر بالخوف‏,‏ كلها اساليب تتعامل في الاساس مع اللاوعي وزراعة الأفكار‏INCEPTION‏ وهي ان اجعلك تفكر فيما اريده‏.‏ فحينما اقول لك لاتفكر في كذا فإنك سوف تفكر فيه مباشرة إذا حينما صنفنك جعلتك تذهب إلي ما اريد‏..‏ بل واقودك فيه‏..‏ من هذه الفكرة ظهر لنا كريستوفر نولان بفيلمه الكبير‏(inception)‏ الذي يعرض باسم البداية وقد ذكر ان نولان استمر في كتابته وعمله عشر سنوات كي يخرج بهذا الشكل‏..‏
يحكي الفيلم‏(‏ البداية‏)‏ عن كوب ليوناردو دي كابريو الذي يستطيع ان يخوض داخل اللاوعي للشخص طالما كان نائما ويبدأ معه في رسم الحلم له بل ويستطيع ان يبني له مكان الحلم بمساعدة فريقه ليقوم بعمليات النصب التي يجيدها‏..‏ حتي يأتي له ساتو ليطلب منه القيام بعملية كبيرة ليحقق له حلمه بالعودة إلي بلاده امريكا‏..‏
قصة الفيلم قد تبدو خيالية ولكن من الممكن في زمان ما قادم تكون حقيقة‏..‏ الفيلم به العديد من المفاجأت والمطاردات الكبيرة مع اداء عال من كل مكونات العمل السينمائي فهذا الفيلم هو درة السينما عام‏2010‏ لما يحويه من صورة ومؤثرات بصرية ومؤثرات خاصة‏..‏
كرستوفر نولان مخرج كبير رغم انه في الاربعين من العمر الا ان افلامه القليلة جعلته كبير‏,‏ فهو مخرج‏(‏ فارس الليل‏)‏ آخر افلام ليث هيدجر و‏[‏الرجل الوطواط يبدأ‏]‏ وبرستيج والارض‏,‏ كلها افلام كبيرة بها عنصر الاثارة‏..‏ فإن كان قد بدأ منذ سن السابعة في عمل اول افلامه الا انه في فيلم‏[inception]‏ البداية قد وصل لاستخدام القصة المثيرة والمونتاج البطل واللعب علي الزمن بين الواقع والحلم بحرفية كبيرة إلي اقصي درجات التعامل مع الصورة والصوت وحتي الاداء التمثيلي وكيفية ترجمة ربط هذه العناصر في فيلم كبير‏.‏
التمثيل‏:‏ ليوناردو دي كابريو في شخصية كوب رغم صغر سنه الا انه ممثل مع كل عمل يحضر اسمه في عالم التمثيل بقوة منذ اول افلامه كبطل روميو وجولييت حتي وصوله لفيلم الملاح مرورا بالعديد بالافلام حتي وصوله إلي فيلم‏inception‏ في شخصية كوب المعقدة التي أجاد التعامل معها بحرفية كبيرة فقد تكون مسك الختام لترشيحات الاوسكار العديدة التي مرت عليه ليفوز به العام القادم عن دوره في شخصية كوب بكل ذكائها وصراعاتها مع الواقع والحلم‏.‏
ماريون كوتيار في شخصيته مال وهي التي تمثل الصراع الشخصي ل كوب فهي وان كانت تعتبر شخصية غير واقعية الا انها استطاعت ان تجعل لنفسها مكانا في الاحداث فهي ممثلة حائزة علي الاوسكار عن دورها في فيلم الحياة الوردية وهي ثاني امرأة اجنبية علي مستوي العالم تحصل علي الاوسكار بعد صوفيا لورين‏.‏
كين وثابي في شخصية ساتو الثري الذي تدور الاحداث من اجله دور قد يبدو وانه عادي حيث الثري الذي يأمر فيطاع‏..‏ ولكنه ممثل كبير لعب الشخصية من منطقة جديدة‏..‏ فهو البطل المساعد في فيلم الساموراي الاخير مع توم كروز والذي رشح عن دوره الاوسكار احسن ممثل مساعد‏.‏
الين باج في شخصية اريدن شخصية مؤثرة بدرجة كبيرة في الاحداث ولكنها باج لم تستغل الدور كما ينبغي‏..‏ رغم ترشيحها من قبل الاوسكار‏.‏
التصوير‏:‏ ويلي بفيستار صورة مختلفة عن افلامه السابقة التي رشح عنها للاوسكار مثل الفارس الأخير‏,‏ برستيج الرجل الوطواط يبدأ‏,‏ فالمزج بين الواقع والحلم في صورة متعددة الالوان اي ان الصفاء في صورة الحلم وتباين الالوان في صورة الواقع تجعل فيلم‏inception‏ يحصد العديد من جوائز الاوسكار‏.‏
المونتاج لي سميث رشح للاوسكار ايضا مرتين‏..‏ الا ان المونتاج في فيلم‏inception‏ مستوي آخر وخصوصا في المونتاج المتوازي‏,‏ حدثان يسيران في نفس الوقت‏,‏ في آخر نصف ساعة من الاحداث‏..‏ فعلي الرغم من مدة الفيلم التي تصل إلي الساعتين والنصف الا ان المونتاج جعل الاحداث متلاحقة حتي اننا لا نشعر بالوقت‏..‏ ايضا التواصل بين الحلم والواقع كان داخل الحدث‏..‏
الموسيقي هانز زيمر من اهم مؤلفي الموسيقي التصويرية في عالم السينما في الوقت الحالي رشح للاوسكار سبع مرات فهو مبدع موسيقي المصارع فارس الليل شارلوك هولمز فالموسيقي في فيلم‏inception‏ كانت من نسيج الصورة التي تم ابداعها لتناسب تطور السينما عام‏2010‏ فهو فيلم غير عادي لمجموعة كبيرة من الممثلين والفنيين المبدعين‏..‏ يجب مشاهدته‏.‏