مع دخول الاقتصاد الأمريكي والعالمي في أعمق أزمة اقتصادية منذ07 عاما تكشفت جوانب خلل كبيرة في النظام المصرفي الأمريكي كان من أهمها وجود قطاعات كبيرة غير خاضعة للرقابة المالية. مع ارتفاع المكافآت والحوافز التي يحصل عليها كبار الموظفين في المؤسسات المالية وعدم وجود هيئة يكون واجبها الأول والأخير هو حماية المستهلك ومن هنا جاء تفكير الرئيس الأمريكي باراك أوباما ومن ورائه الحزب الديمقراطي الذي ينتمي له في وضع خطة إصلاح للقطاع المصرفي في الولاياتالمتحدةالأمريكية لعدم تكرار مأساة الأزمة المالية الحالية مرة أخري. وكان من أهم البنود التي وردت في الإصلاح إنشاء هيئة لحماية المستهلك داخل الأسواق المالية وإنشاء صندوق بمليارات الدولارات من أجل تجنب حزم الإنقاذ لشركات ينظر إليها علي أنها أكبر من أن تتعثر وكذلك تنظيم أوعية التداول الأخري عالية المخاطر, وعدم السماح لأي بنك أو مؤسسة مالية بالتوسع لدرجة يصبح علي أثرها انهياره خطرا علي المجتمع المالي في أمريكا. والحقيقة أن ما يسعي إليه أوباما يعد بمثابة إعادة ترتيب شاملة للمؤسسات المالية الأمريكية لأجيال مقبلة, ولكن هل سيستطيع أوباما تنفيذ بنود خطته بعد أن وقعها رسميا مؤخرا ؟. ولونظرنا إلي الآراء المعارضة لتلك الخطة فسنجد أن مؤسسات مؤيدة لقطاع الأعمال وأصوات محافظة في القطاع المصرفي قد بدأت حملة ذات تمويل جيد تهدف إلي تقويض خطة الديمقراطيين لإصلاح النظام المالي في الولاياتالمتحدةالأمريكية. والمشكلة أن غرفة التجارة الأمريكية ومؤسسات أصغر تري أن تلك الحملة المناهضة للخطة مهمة جدا. وحتي بورصة وول ستريت تنتقد الفكر الرقابي المتشدد الذي تتبعه الخطة وكثير من بنودها الرئيسية. ومن أهم الآراء التي تنتقد الخطة تقول إن تشديد الرقابة علي القطاعات المصرفية الأمريكية من شأنه تقليل التنافسية وهي ميزة كبيرة لابد أن يتمتع بها أي مجتمع اقتصادي. كما يري البعض الآخر الخطة بمثابة تكريس للبيروقراطية مما سيحد من الائتمان وسيؤدي إلي خنق النمو في فترة يحتاج فيها الاقتصاد الأمريكي لمزيد من النمو. أما عن الخطة فهي تأتي في0032 صفحة وسيستغرق تطبيقها وقتا طويلا حيث لايزال يتعين علي هيئات الضبط المكلفة بمراقبة النظام المالي الأمريكي صياغة العديد من القواعد المنظمة والمعقدة غالبا من أجل إتاحة الفرصة لتطبيق الإجراءات الجديدة. والخطة تعتمد علي مبدأ فولكر أي نسبة إلي بول فولكر الرئيس السابق للاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والرئيس الحالي لمجلس الانتعاش الاقتصادي الذي اقترح خطة الإصلاح المالي الحالية. ويقوم هذا المبدأ علي منع البنوك من التعاملات المحفوفة بالمخاطر في الأسواق المالية ومنعها من المضاربات التجارية الكبيرة في الأسواق وحصر تعاملاتها في المضاربات الاستثمارية بحد أقصي لايتعدي.3% الخطة لم تعجب الاتحاد الأوروبي, حيث أكد في أكثر من مرة أن خطة الإصلاح الاقتصادي في الولاياتالمتحدة لا تصلح للتطبيق في أوروبا دون أن يبدي تعليقا محددا علي سبب تحفظه علي الخطة وهذا التعليق لاشك في أنه لايصب في مصلحة الخطة لانه يعني أن أوروبا الشريك الاقتصادي الوثيق مع أمريكا لن تتعامل مع واشنطن من خلال خطة الإصلاح الاقتصادي الامريكية بل ستتعامل من منطقها هي مع الأمور. أما أوباما من جانبه فهو يعول كثيرا علي الدعم الشعبي للخطة ولكن المشكلة ان هذا الدعم يتآكل شيئا فشيئا فقد أثبتت آخر استطلاعات الرأي أن دعم الشعب الأمريكي لأوباما قد تراجع بنحو خمس نقاط وهو تراجع كبير يشير إلي أن تنفيذ خطة إصلاح القطاع المصرفي ستكون بمثابة تحد تاريخي لأوباما وإدارته واستفتاء غير مباشر علي قدرته علي تغيير دفة الأمور وبالتالي إثبات أنه جاء من أجل التغيير للأفضل في الولاياتالمتحدة.