مع سطوع شمس كل يوم جديد يستيقظ الناس في كل مكان وقد سيطر عليهم أمل واحد وهو ان يمر يومهم بسلام.. وفي الطرقات يتبادلون تحية السلام..ويجلس كل جندي في خندقه مدججا بسلاحه انتظارا ليوم سيأتي فيه السلام..وفي الشرق الأوسط أكثر مناطق العالم' صراخا' عن السلام يحلم الجميع باليوم الذي يتحقق فيه السلام العادل الشامل الحقيقي. لكن ماهو حال السلام علي ابواب مصر وفي جوارها الاقليمي بل وفي العالم اجمع؟ انه سؤال هام قفز الي ذهن خبراء معهد الاقتصاد والسلام في سيدني باستراليا منذ بضعة اعوام ودفعهم الي تبني مشروع بحثي بالتعاون مع فريق دولي من الخبراء في مجال السلام والمعاهد ومراكز البحوث بباقة من ابرز جامعات العالم وكان الهدف هو وضع مؤشر لقياس حالة السلام بالدول والمناطق المختلفة في انحاء العالم وفق عدد من المعايير.ويتم ترتيب الدول داخل المؤشر لتحتل الدول الأكثر سلاما ومسالمة القمة, بينما تحتل الدول الأقل سلاما مراكز متأخرة وصولا الي القاع حيث ينعدم السلام. وقد اشار تقرير العام الحالي الي ان مصر تقع في المركز ال49بين149 دولة شملهم المؤشر وهو مركز متوسط مقارنة بباقي دول الجوار والمحيط الإقليمي التي احتلت غالبيتها مراكز متأخرة لتؤكد حالة عدم الاستقرار في الشرق الأوسط بوجه خاص وفي العالم بأسره بوجه عام. فجنوبا تحتل السودان المركز146 عالميا وتشاد141 واثيوبيا127 واوغندا100 وغربا تحتل ليبيا المركز56 والجزائر116 وشرقا اسرائيل144 ولبنان134 وسوريا115 والاردن68 وايران104 والعراق149 اي الأخير عالميا.اما شمالا وعبر البحر المتوسط فإن السلام يبدو شاحبا فاليونان في المركز62 وقبرص76 وتركيا126 ويبدو السلام في حالة متردية عند مدخل البحر الأحمر جنوبا فاليمن في المركز129 والصومال في المركز148 اي قبل الأخير. وتجدر الإشارة الي ان الولاياتالمتحدة التي تشتهر في الشرق الأوسط باسم راعية السلام احتلت المركز85 بل ان سياسات واشنطن خلال الأعوام السابقة خاصة في ظل الإدارة الجمهورية تسببت في الإطاحة بالعديد من الدول بعيدا عن السلام والاستقرار. وبوجه عام تمت الإشارة الي ان دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حققت تقدما في المراكز مقارنة بالأعوام السابقة نتيجة عوامل متباينة تراوحت بين انخفاض حجم الإنفاق العسكري وزيادة درجة صعوبة وصول الأفراد الي السلاح وتحسن مستوي الإستقرار السياسي وتراجع في المواجهات. وقد اعتمد التصنيف في المؤشر علي اكثر من20 معيارا كميا وكيفيا شملت العديد من المحاور منها ما يتعلق بمستوي الأمن الداخلي ومدي انتشار الجريمة في المجتمع ومستوي المواجهات المنظمة ومدي انتشار المظاهرات العنيفة ومستوي العنف في الجرائم المرتكبة ومستوي الاستقرار السياسي ومدي احترام حقوق الإنسان وحجم الواردات والصادرات من السلاح ومستوي احتمال وقوع أعمال إرهابية داخل الدولة وحجم الإنفاق العسكري وتعداد القوات المسلحة ومدي تمويل ودعم مهام حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة والقدرات العسكرية للدولة وتعداد ما بها من نازحين ومستوي العلاقات مع دول الجواروعدد المواجهات المسلحة الخارجية التي دخلت فيها الدولة ومقدار ضحاياها من تلك المشاركات. وعلي الرغم من الجهود البحثية والتعاون بين عدد من المراكز والجامعات من اجل التوصل الي ذلك المؤشر التقريبي لحال السلام ومقدار مسالمة الدول فإن عدم الدقة وإغفال الإجابة عن اسباب السلام وابعاده في الدول الأكثر مسالمة ادت الي بعض التحيز في النتائج. فعلي سبيل المثال لا الحصر تظهر كوريا الجنوبية في المركز43 عالميا علي الرغم من امكانية دخولها حربا ضد جارتها الشمالية المسلحة ذريا كما سمح لبريطانيا باحتلال المركز31 عالميا علي الرغم من مشاركتها في حربين بالعراق وافغانستان.كما تم تصنيف قطر في المركز ال15 علي الرغم من قبوعها علي شفا كارثة مدمرة في حال قيام الولاياتالمتحدة او اسرائيل بعمل عسكري ضد ايران خاصة وان الأراضي القطرية ستكون اول واقرب الأهداف للانتقام الإيراني نتيجة الوجود الأمريكي العسكري بها مما يجعل خيار السلام الخاص بها في يد آخرين. كما ان اسباب السلام قد تكون نتيجة ضعف اونتيجة للوجود في مناطق غير حيوية علي المستوي الجيوبوليتيكي فالمركز الأول ذهب لنيوزيلاندا والثاني لأيسلاندا والأولي في اخر العالم قبل القطب المتجمد الجنوبي مباشرة بينما تقبع الثانية كجزيرة صغيرة علي حدود القطب المتجمد الشمالي. وعلي المستوي العالمي اكد التقرير المصاحب للمؤشر ان زيادة مستوي العنف عالميا ادي الي حرمان الإقتصاد العالمي من أصول كان في أشد الحاجة لها.فخفض مستوي العنف في العالم بمقدار25% سيوفر ما يقرب من يريليوني دولار سنويا وهو مبلغ يكفي لتمويل اهداف تنمية الألفية وانقاذ فقراء العالم. وهكذا تظل مصر المتمسكة بالسلام واحة للسلام في المنطقة.فالسلام سلام العدل والقوة يمثل الضمان الوحيد المتاح حاليا لمن يرغب في التنمية والتقدم وتوفير حياة أفضل لأحفاد الملك رمسيس الثاني أول من وقع اتفاق سلام مكتوب في التاريخ.