«التنظيم والإدارة» يعلن عن مسابقة لتعيين 14031 معلم مساعد لغة عربية (تفاصيل)    محافظ أسوان يهنئ الرئيس السيسي بذكرى ثورة 30 يونيو المجيدة    "المنشاوي" يترأس الاجتماع الحادي عشر للمجلس الأكاديمي لجامعة أسيوط الأهلية    مدير تعليم الجيزة يحذر: لا للتبرعات.. والشؤون القانونية بانتظار المخالفين    طارق عناني: ثورة 30 يونيو جسدت أعظم صور الإرادة الشعبية الحرة    ‌صندوق الاستثمارات السعودي: إجمالي الأصول تجاوز 4.3 تريليون ريال    سعر طن الحديد والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الإثنين 30 يونيو 2025    جولة مسائية لمحافظ الغربية.. دعم الرعاية الصحية وتطوير محيط السيد البدوي في قلب طنطا    ضياء داود يرفض مشروع قانون الإيجار القديم    على إيقاع الطبيعة الساحرة.. هكذا يمارس السائحون الرياضة في جنوب سيناء    مدبولي: التعاون الإنمائي الدولي بات أمرًا ضروريًا لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030    4.8 مليار متر مكعب سنويا، الري تنفذ مشروعات جديدة لإعادة استخدام المياه    "منتصف النهار" يناقش القصف الإسرائيلي على غزة والجولة الأوروبية لوزير خارجية الصين    إيران: تصريح ميرتس عن "العمل القذر" عار على ألمانيا    وزير الخارجية الإسرائيلي: مهتمون بتطبيع العلاقات مع سوريا ولبنان    إيران تعلن ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي إلى 935 قتيلا    عون يبلغ ابانيارا بأن الظروف الراهنة في لبنان والمنطقة تفرض بقاء اليونيفيل في الجنوب    جلسة حاسمة بين لبيب وإدوارد لإعلان مدرب الزمالك الجديد    قرعة أندية «القسم الثانى ب» 2026 المجموعة الثالثة: 15 ناديًا بينهم 7 من الإسكندرية    أول رد..شيكابالا يثير الجدل بعد أنباء اعتزاله    تحرك هام من الأهلي لتأمين إمام عاشور.. شوبير يفجر مفاجأة    رئيس البنك الأهلي يفجر مفاجأة بشأن ضم مصطفى شلبي    البلجيكى يانيك فيريرا الأقرب لقيادة الزمالك.. ومدرب آخر يعطل التوقيع    طعنة بسبب 500 جنيه.. حبس «عامل خردة» متهم بإنهاء حياة زميله في إمبابة (تفاصيل)    مصرع شاب سقط من القطار في الجيزة    بالصور.. إحباط تهريب عشرات الزواحف والكائنات النادرة بمطار القاهرة    ممنوع نزول البحر لليوم الثاني.. ماذا يحدث على شواطئ الإسكندرية؟    نجمة أسترالية تقطع رأس حبيبها وتخفيها وتمزق جسده وتحرقه    كلمة السر في حوادث الطرق.. السائق تحت تأثير «الكيف»!    الجمعة.. انطلاق نادي السينمائيين الجدد في الرياض    لهذا السبب.. عادل إمام مطلوب على جوجل    تفاصيل المؤتمر الصحفي لمسرحية "الملك لير" بحضور الفخراني (صور)    صبا مبارك بفستان أسود جريء.. كيف نسقت إطلالتها؟    آخر رايات الأندلس وسقوط القمر على مسرحي روض الفرج والسامر ضمن مهرجان فرق الأقاليم    ما حكم الاغتسال بمياه الصرف الصحي بعد معالجتها؟... أمينة الفتوى تجيب    ما هو حق الطريق؟.. أسامة الجندي يجيب    نائب وزير الصحة يبحث جاهزية "العلمين" للسياحة العلاجية    جراحات دقيقة تنقذ 3 مريضات من الشلل بمستشفى تمي الأمديد بالدقهلية    وجه الشكر للأطقم الطبية.. وزير الصحة: 300 مستشفى لاستقبال مصابي غزة للعلاج في مصر    تستمر 6 أشهر، تعرف على مواعيد وأماكن القوافل الطبية والعلاجية بالجيزة    الترجمان: الحل في ليبيا يجب أن يكون وطنيا خالصا بمساندة مصرية    الرقابة المالية توافق على تأسيس "صندوق استثمار عقاري ومعادن"    الشافعي يساند شيرين عبد الوهاب بعد جدل إطلالتها في موازين: «رمز القوة»    برج العذراء «جميع الكواكب تلعب لصالحك».. توقعات الأبراج في يوليو 2025    السينما تنتصر ل ثورة يونيو.. «اشتباك» الأكثر تعبيرًا والأفلام الوثائقية الأوقع    رئيس الاتحاد الكويتي يكشف مفاوضاته لاستضافة السوبر المصري    حبس قاتل أمه ودفنها في الزراعات بالمنيا    الإفتاء توضح كيفية "صلاة الغفلة" وسبب تسميتها بهذا الأسم    الداخلية تكشف تفاصيل فيديو «ميكروباصات عكس الاتجاه»    التنظيم والإدارة يعلن عن حاجة «النقل النهري» لتعيين 57 مهندساً    نص كلمة الرئيس السيسى فى ذكرى ثورة 30 يونيو: لا ننحنى إلا لله سبحانه وتعالى    وزير الخارجية: رفض مصري كامل للعدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين في قطاع غزة    محافظ المنوفية يزور مصابي «الإقليمي» للاطمئنان على جودة الخدمات الطبية    حكم صيام يوم عاشوراء وفضله العظيم وعلاقته بتكفير الكبائر    السيسي: مصر تبذل أقصى جهودها لدعم الأمن والاستقرار في ليبيا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 38-6-2025 في محافظة قنا    قبل مواجهة الهلال.. جوارديولا يرد على كلوب    مجدي الجلاد: الهندسة الانتخابية الحالية تمنع ظهور أحزاب معارضة قوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صراع المصالح والقيم بين إسرائيل وأمريكا

يبدو أن نقطة التفوق الاساسية في استراتيجية الأمن الإسرائيلية هي ذاتها مركز الضعف في هذا الأمن‏,‏ وهي السلاح النووي الإسرائيلي‏,‏ فبقدر التعويل الإسرائيل علي هذا السلاح كحائط دفاعي نهائي وكورقة ترجيح نهائية في الدفاع عن الوجود الإسرائيلي. بقدر ماتتعامل إسرائيل بافراط شديد ومبالغ فيه مع شبهة تهديد لهذا السلاح تدفع بها إلي التضخيم من مصادر التهديد فهي مثلا لاتحتمل شبهة امكانية امتلاك أي دولة عربية قدرة علي تهديد المنشآت النووية الإسرائيلية ولاتحتمل إمكان امتلاك دولة معادية لها في الإقليم اسلحة نووية أو حتي قدرات نووية مدنية سلمية متطورة‏.‏
ولاتقبل أي تغيير في معادلة التعامل النووي الغامضة‏,‏ التي فرضتها هي علي اسلحتها النووية‏,‏ بما تتطلبه من قبول دولي ضمني بامتلاك إسرائيل هذه الأسلحة‏,‏ ضمن هذه الثوابت خاضت إسرائيل العديد من المعارك للتفرد في المنطقة بامتلاك السلاح النووي‏.‏
مفارقة تاريخية بدأ البعض يفكر فيها خاصة بعد ان أصبح السلاح النووي الإسرائيلي‏,‏ وللمرة الأولي في تاريخ العلاقات الأمريكية الإسرائيلية‏,‏ احد ملفات الخلاف بين البلدين في ظل تحولات جديدة تحدث علي صعيد اولويات اجندة المصالح الاستراتيجية الأمريكية علي مستوي العالم خاصة في الشرق الأوسط وخريطة تحولات توازن القوي في العالم وموقع الولايات المتحدة منها‏.‏ الأهم هو الاستراتيجية النووية الأمريكية الجديدة وتداعياتها علي الالتزامات التاريخية الأمريكية ازاء القدرات النووية العسكرية الإسرائيلية‏,‏ علي نحو ما كشفه يوسي ميلمان المحلل العسكري لصحيفة هاآرتس الذي أوضح أن الخوف الإسرائيلي ينبع من السياسة النووية الأمريكية الجديدة الرامية إلي تقليص الأسلحة النووية علي الصعيد العالمي وان من الوهم التفكير بأن سياسة تقليص السلاح النووي في العالم‏,‏ وصولا إلي التفكيك العام حتي لو كان ذلك مجرد نبوءة أو حتي وهم لن تصل‏,‏ في نهاية المطاف‏,‏ إلي إسرائيل أيضا‏,‏ وكتب ميلمان ان دولا عديدة‏,‏ وليست فقط عربية‏,‏ تتساءل عن مضمون سياسية الكيل بمكيالين وعن سبب الاهتمام بإيران وتجاهل إسرائيل‏,‏ ووصلت إلي استنتاج مفاده ان التغيرات الدولية تطلب من إسرائيل إعادة النظر في سياسة الغموض النووي‏,‏ والاستعداد للتعامل مع مطلب أمريكي بات محتملا بشأن قدرات إسرائيل النووية‏.‏
التحسبات الإسرائيلية تحولت إلي ذعر بعد صدور القرارات المهمة عن مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية التي نجحت في مطالبة إسرائيل بالاسم وللمرة الأولي بالتوقيع علي معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية‏,‏ والمشاركة في مؤتمر دولي تنظمه الأمم المتحدة عام‏2012‏ لتنفيذ القرار الصادر عن مراجعة معاهدة حظر انتشار الأسلحة النووية الداعي إلي جعل الشرق الأوسط إقليما خاليا من الأسلحة النووية‏.‏
الذعر الإسرائيلي كان سببه صدور هذه القرارات في ظل الحضور الأمريكي والأوروبي‏,‏ الذي لم ينجح في التصدي للضغوط بقوة والدفاع عن تعهدات أمريكية سابقة بحماية القدرات النووية الإسرائيلية‏,‏ لذلك سارعت إسرائيل إلي إدانة تلك القرارات واتجهت العلاقات مع واشنطن إلي مزيد من التوتر‏,‏ وبدأ الإسرائيليون يستعدون لخيارات صعبة في ظل تقديرات إسرائيلية‏,‏ جاءت علي لسان السفير الإسرائيلي في واشنطن‏,‏ تحدثت عن وجود تصدع وليس مجرد شروخ في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية‏,‏ وادركوا أيضا ان الأمريكيين اضحوا معنيين بمراجعة علاقتهم مع إسرائيل في ظل وعي إسرائيلي اكده رئيس الاستخبارات الموساد مائير داغان أن إسرائيل تتحول تدريجيا إلي عبء علي الولايات المتحدة وليس ذخرا لها‏.‏
كان التوقع الإسرائيلي في ظل هذه الادراكات والتطورات التي امتزجت بانتقادات إسرائيلية لاذعة لشخص الرئيس الأمريكي علي لسان وزراء إسرائيليين وصفوه بانه كارثة علي المصالح الإسرائيلية‏,‏ ان تكون محصلة لقاء نيتانياهو مع أوباما في واشنطن منذ اسبوعين هي الفشل‏,‏ لكن ما حدث كان العكس تماما‏,‏ اذ تحولت مواقف الرئيس الأمريكي مائة في المائة‏,‏ وتحدث عن إسرائيل وكأنه المتحدث باسمها‏.‏ تجاوز الخلاف حول سياسة الاستيطان الإسرائيلية وطالب بمفاوضات فلسطينية إسرائيلية مباشرة‏,‏ وتجاوز الجريمة الإسرائيلية ضد اسطول الحرية التي كان هدفها كسر الحصار الظالم المفروض علي قطاع غزة‏,‏ لكن المهم انه اعلن عدم التزامه‏,‏ عمليا‏,‏ بكل ماصدر من قرارات عن مؤتمر مراجعة معاهدة حظر انتشار الاسلحة النووية وجدد التزامات أمريكا التاريخية بحماية قدرات اسرائيل النووية واعطي كل الاولوية للخطر النووي الإيراني‏.‏
هذا التحول في مواقف الرئيس الأمريكي كان بمثابة صدمة للعرب الذين تابعوا مسيرة التطور الجديدة في العلاقات الأمريكية الإسرائيلية‏,‏ وللإيرانيين وللإسرائيليين انفسهم‏,‏ وإذا كان الإيرانيون قد اخذوا ماورد من تعهدات أمريكية جديدة للإسرائيليين علي محمل الجد‏,‏ وبدأوا علي الفور في مراجعة الموقف الخاص باحتمالات تجديد التفاوض مع مجموعة‏5+1‏ الدول الأعضاء في مجلس الأمن والمانيا بعدما صدر من عقوبات دولية جديدة ضد إيران‏,‏ ووضعوا شروطا مهمة لهذا التفاوض الجديد في حالة حدوثه ابرزها الربط بين برنامج إيران النووي والتسلح النووي الإسرائيلي‏,‏ وجعل هذا السلاح احد اسس التفاوض مع إيران‏,‏ فان الإسرائيليين هم أيضا وعلي رأسهم رئيس حكومتهم بدأوا في مراجعة العلاقة مع الولايات المتحدة بهدف الوصول إلي فهم دقيق لمراكز الضعف في هذه العلاقة ومعالجته‏.‏
الإسرائيليون أدركوا التغيير الذي لحق بدور إسرائيل في الدفاع عن المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ان التحول الذي حدث في موقف الرئيس الأمريكي في لقائه الأخير مع نيتانياهو قد يكون تحولا تكتيكيا دافعه حاجة الرئيس وحزبه إلي الدعم الإسرائيلي واليهود في انتخابات التجديد النصفي للكونجرس نوفمبر المقبل التي تأتي في ظروف غير مواتية للرئيس والحزب الديمقراطي‏,‏ كما ادركوا ان الجانب الاساسي للدعم والالتزام الاستراتيجي الأمريكي نحو إسرائيل يرجع في جزء كبير منه لاسباب ودوافع حقوقية والتزامات اخلاقية من المجتمع الأمريكي نحو إسرائيل‏.‏
من هنا بدأ الإسرائيليون يعملون لاسترداد قوة ومتانة العلاقة مع أمريكا علي جبهتين الأولي‏:‏ خلق مصادر جديدة للتهديد في الشرق الأوسط ضد المصالح الأمريكية لتجديد دور إسرائيل المحوري في الدفاع عن هذه المصالح‏,‏ والثاني‏:‏ التركيز علي الالتزامات العاطفية والاخلاقية والمعنوية التي تربط المجتمع الأمريكي بإسرائيل‏,‏ وهذا مابادر به نيتانياهو فورا بعد يوم واحد من لقائه في واشنطن مع قادة اليهود الأمريكيين وبعد يوم واحد من لقائه الناجح مع الرئيس أوباما‏,‏ إلي التركيز علي الاهتمام بالقيم والمبادئ التي تربط بين الشعبين الإسرائيلي والأمريكي وتعمد تجديد المشاعر التي أحدثتها تفجيرات واشنطن ونيويورك في سبتمير‏2001,‏ عندما قال انه في الوقت الذي كانت هناك احتفالات في اماكن عدة كان الإسرائيليون يبكون بحرارة مع إخوتهم الامريكيين‏.‏
هكذا فعل ويفعل الإسرائيليون ومن قبلهم فعل الإيرانيون للتعبير عن صدمتهم من التحول الجديد في سياسة الرئيس أوباما نحو إسرائيل‏,‏ اما العرب فبعضهم مازال يعاني من صدمة هذا التحول‏,‏ أما البعض الآخر فمازال يعيش نشوة التشفي في كل من راهنوا علي تحولات أمريكية ضد إسرائيل‏.‏
المزيد من مقالات د‏.‏ محمد السعيد إدريس


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.