تعالت التحذيرات في الأسابيع القليلة الماضية من خطر ظهور آفة حفار أوراق الطماطم التي وصلت إلي ليبيا علي حدودنا وتشكل تهديدا خطيرا لمحصول الطماطم. والخطر في هذه الآفة انه يصعب السيطرة عليها لقدرتها العالية علي التطوير السريع لسلالاتها لتقاوم المبيدات. فضلا عن أنها قد تصيب محاصيل أخري كالبطاطس والباذنجان والفول البلدي.. السؤال الآن: هل ننتظر حتي تعبر هذه الآفة حدودنا الغربية أم نستعد لها بخطط المكافحة؟ وكيف يتعامل معها المزارعون؟ الدكتور مجدي الحريري مدير معهد بحوث وقاية النباتات بمركز البحوث الزراعية يوضح أن هذه الآفة تعرف أيضا ب صانعة أنفاق الطماطم وموطنها الأصلي أمريكا الجنوبية, لكنها انتقلت الي اقليم البحر المتوسط نتيجة انتقال أجزاء من النباتات المصابة خلال عمليات التصدير لدول الاقليم التي تتوافر فيها ايضا الظروف البيئية المناسبة لنشاطها وتكاثرها. وترجع تسمية هذه الحشرة لطبيعة إصابتها لبنات الطماطم الذي يعتبر العائل الأساسي لها حيث تصنع اليرقات أنفاقا في السيقان والأوراق وعادة تدخل اليرقة للثمرة من أسفل أوراق الكأس ويتبع ذلك حدوث إصابات ثانوية بمسببات مرضية نباتية بالفطريات أو البكتيريا, وتتسبب إصابة الأوراق في جفافها وسقوطها كما تحدث تشوها بالنبات المصاب, مما يسبب دمار المحصول إذا لم يعالج. وتضع الحشرة بيضها في صورة مجموعات صغيرة علي السطح السفلي لأوراق الطماطم تفقس خلال أربعة أيام معطية يرقات لها أربعة أعمار وعند تمام نموها تتعذر في النفق داخل الورقة أو الأرض, وتمتاز الحشرة بقدرتها الانتاجية العالية التي تقدر بنحو10 12 جيلا في السنة, وتستمر دورة حياتها من30 الي35 يوما. ويطمئن الحريري بأن هذه الحشرة عادية ليس منها خطورة مثل أي حشرة أخري يمكن القضاء عليها بطرق المكافحة المختلفة بشرط توافر معلومات كافية عنها تتيح اتخاذ جميع احتياطات الحماية إضافة لوسائل المكافحة المتكاملة ضدها. وبالنسبة للوضع لدينا في مصر فلم يتم التأكد علميا من وجود الحشرة وعندما جاء التحذير للجنة المبيدات بوزارة الزراعة من احتمالات الوجود تم تشكيل فرق بحثية من معهد بحوث وقاية النبات والإدارة المركزية لمكافحة الآفات بالوزارة وتحركت الي مناطق سيدي براني والسلوم ومرسي مطروح وسيوة لتفقد الوضع في المحافظات الحدودية مع ليبيا, وكذلك وضع خريطة لوجود الإصابات حال وجودها في المحافظات المتاخمة. إلي جانب المتابعة المنتظمة وتجميع عينات من الحشرات الموجود في زراعات الطماطم والصوب علي المناطق الحدودية المجاورة لليبيا. وبناء علي هذه الإجراءات وبعد مناقشة تقارير هذه اللجان تم إرسال العينات لمتحف التاريخ الطبيعي البريطاني لموافاتنا بالتحديد لنوع العينات المرسلة. وشدد علي أن الأمر لا يحتمل التهويل, خاصة أن هذه الحشرة تستجيب للمعاملة الكيماوية الخاصة بفراشات درنات البطاطس وبالتالي لايوجد تخوف من مواجهاتها عندما يثبت وجودها الفعلي ونحن لدينا مجموعة من المبيدات الصالحة للمكافحة والموجودة وحول آليات المكافحة ينصح الدكتور مجدي الحريري مزارعي الطماطم بأهمية إحكام الأغطية المستخدمة في تغطية جوانب وأبواب الصوب, إلي جانب وجود الأبواب المزدوجة والمغطاة بالسلك الدقيق, وتنظيم المرور علي الصوب وفقا لبرنامج محدد, هذا بالاضافة لاستخدام المصائد الفيرمونية لتشتيت وإعاقة التزاوج بواسطة كبسولة تفرز نفس الرائحة التي تطلقها الأنثي لجذب الذكر للتزاوج بما يعني ان الأنثي تنتشر في الحقول وتفشل في الحصول علي الذكر ومن ثم تضع بيضا غير ملقح ولا يفقس مما يجنبنا الضرر بدرجة كبيرة, وتعتبر طريقة فاعلة داخل الصوب والزراعات المحمية, أما في الحقل المفتوح فيتم تكثيف المصايد ووضعها بحسابات خاصة باتجاه الريح. كما يمكن استخدام الأكياس المطلية بالزيوت النباتية حيث تلتصق بها الحشرات, أو جمع الأوراق والثمار المصابة باليرقات للتخلص منها بالحرق خارج الصوب. هذه الأزمة تلقي بالضوء علي دور البحث العلمي في المواجهة, لذا يؤكد الدكتور محمد رجائي عبد الفتاح رئيس وحدة الاستشارات والتدريب لمكافحة الآفات والحشرات الضارة بالصحة العامة بالمركز القومي للبحوث ان هناك استراتيجيات للمكافحة مبنية علي دراسة أكاديمية جاهزة لأي احتمالات اصابة لا قدر الله, ويحذر من التهاون مع هذه الآفة لأنها تتحدي السيطرة بسبب طبيعتها في الاصابة حيث ان الانفاق التي تسببها اليرقة تحميها من تأثير المواد الكيماوية اضافة لقدرتها السريعة في تطوير سلالات مقاومة للمبيدات الحشرية التي استعملت عليها سابقا مما يجعل المكافحة الكيميائية وسيلة غير فعالة معها, من جهة أخري لايزال استخدام العوامل البيولوجية قيد التطوير ولا يضمن القضاء عليها بشكل أكيد الي جانب ارتفاع تكلفته. ويقدم الدكتور محمد رجائي سيناريو للمكافحة يبدأ من الآن يعتمد علي استخدام مصائد الفيرمونات بعدد من12 إلي18 مصيدة لكل فدان لكشف وجود الحشرات من عدمه علي أن توزع من أول السلوم وحتي واحة الزغنوب مكان وجود الحشرة قرب حدودنا, لتعطي تحذير من الاصابة في مرحلة مبكرة وذلك بمشاركة كل من فرق المتخصصين وخبراء ليبيا ليدق جرس الانذار اذا ظهر في مصايد الفيرمونات10 فراشات في الاسبوع. عندئذ يجب اتخاذ الإجراءت اللازمة للمواجهة وهي جميعا موجودة محليا ويتم تنفيذها خلال ساعات محدودة, كالمكافحة الحيوية باستخدام الطفيليات مثل طفيل الترايكوجراما الذي أعطي انخفاضا بنسبة92% في تعداد البيض وذلك عند إطلاق30 طفيلا لكل نبات كل3 4 أيام. بالإضافة لبكتيريا الباسيلس ثورينجانسس ذات الفعالية ضد اطوار اليرقة للحشرة وكذ لك فطر الميتاريزم, كما تستخدم المستخلصات النباتية مثل النيم كمبيد بالملامسة أو جهازي ويؤدي الي موت اليرقات بنسبة57 إلي100%, وكذلك ضرورة اتباع نظم الزراعة في التسميد والري وإزالة الحشائش وبقايا النباتات, الي جانب استعمال المواد الكيماوية الآمنة والفعالة والموصي بها دو ليا التي سجلت فعالية عالية ضد الحشرة في اسبانيا, موضحا ان الحشرة أظهرت مقاومة لمبيدي البامكتين والدلتا ميثيرين في الارجنتين. ومن وجهة نظر مختلفة يدعو الدكتور علي رسمي استاذ الحشرات للحذر وأخذ الحيطة لحداثة عهدنا بهذه الحشرة مع الانتباه لضرورة تشديد الرقابة علي المنافذ المفتوحة علي الحدود الليبية لمنع هروب الآفة عن طريق سيارات الطماطم والشتلات, وكذلك توقيع العقوبات القانونية لمنع مسافري الطائرات من حمل أي محاصيل زراعية.