لهذه المجموعة البارعة من الشباب من خلال خريجي وخريجات الدفعات التي تمت خلال السنوات الثلاث الماضية, شاهدت لك هذا الاسبوع مسرحيةظل الحمار عن نص المؤلف العالمي دورثيمات. بالطبع هنا أهم من النص هو كيفية تمصيره أي كيفية كتابته وهو ما يسمي أحيانا بالتمصير وأحيانا بعمل الدراماتورج. هنا هذا الدراماتورج هو ايضا المخرج إسلام إمام من خريجي قسم الإخراج في الدفعة الأولي من هذا المركز الذي يسمي استوديو مسرح مركز الإبداع الفني. هذا المركز يشرف عليه المخرج خالد جلال الذي قدم أكثر من تجربة ناجحة بكل المقاييس لأكثر من عمل ربما يتذكر الكثيرون مسرحية قهوة سادة التي استمرت لمدة عام, ثم انتقلت لتعرض في عدد كبير من الدول العربية. حاليا أشاهد في هذا المركز الذي يقع في ساحة دار الأوبرا المصرية.. شاهدت ظل الحمار التي شارك فيها وإذا قلت شارك فيها, فالمقصود كل المشاركين من الممثلين والمخرج والديكور والملابس بمعني كل فروع هذا العمل المسرحي من الدفعات التي تخرجت من الدفعة الاولي والدفعة الثانية. فماذا عن هذا العرض؟. العمل يدور حول خلاف بين صاحب حمار ودكتور قام بتأجير الحمار منه, ولكن عندما جلس الدكتور في ظل الحمار ليستظل به في يوم مشمس.. هنا طالبه صاحب الحمار بضرورة ان يدفع مقابل الجلوس في ظل الحمار فهو كما يدعي قد أجر له الحمار فقط وليس ظله!! يلجأ صاحب الحمار والدكتور الي القاضي, ثم يتصاعد الأمر, فهنا محام وفي الجانب الآخر محام آخر. ربما الكل لا يهمه القضيةولكن المكسب ويظل الأمر في تصاعد عندما يحاول كل من المحامين استقطاب جهات وفئات من الشعب ورجال المجتمع, ليتحول الأمر في النهاية الي قضية رأي عام ينقسم فيها المجتمع بطوائفه, بل بكل طوائفه ليؤدي هذا الصراع في النهاية إلي فناء البلده بأكملها. فكرة العرض إذن تقوم علي بعض ما تعاني منه المجتمعات مغلقة التفكير والبعيدة عن النظر للأمور بصورة ذكية, وتكون النتيجة أن ينهار المجتمع ذلك الذي تشغله صغائر الأمور والتفاهات. فماذا عن الدراما تورج هنا وهو إسلام إمام؟ إستطاع إسلام أن يقدم لنا الإحساس بأن ما نشاهده هو واقعنا نحن بالفعل.. مع الاهتمام ايضا باضافة بعض المواقف الكوميدية وايضا المرحة التي تقريبا تسيطر علي العمل ككل. وماذا عن إسلام إمام كمخرج ؟ هنا قدم لنا حركة جيدة وإيقاعا فيه تلك السرعة والحيوية التي من الممكن ان نطلق عليها المشتعله. استخدام الإضاءة كان موفقا للغاية, يختفي مشهد ويظهر الآخر من خلال الإضاءة بمنتهي السرعة وايضا الحرفية. استعان بديكور بسيط للغاية,عبارة عن شاشة كبيرة تطل منها رجلا الحمار, ثم بعد ذلك ليس أكثر من مقعدين يتحولان الي أكثر من استخدام داخل العمل. الملابس وهي ايضا كما الديكور من خريجي دفعات هذا المركز كانت جيدة وتعطي لنا الاحساس الحقيقي بزمن المشاهد وشخصيات العرض المختلفة ما بين محام وصاحب الحمار وزوجته البسيطة والقاضي وغيرهم. ايضا هنا مساعد المخرج من الدفعات التي تخرجت في هذا المركز في دفعته الثانية وهي داليا الرشيدي. الديكور والأزياء لخريجة الدفعة الثانية ومروة عودة. المهم أن لدينا فريقا متكاملا لهذا المركز حاليا في الاخراج والدراما والديكور والازياء, وكل فروع العمل المسرحي. فماذا عن الممثلين؟ يصعب بالفعل أن أتناول هذا الممثل أو ذاك بالتفصيل عن غيره. الكل لدي كان مجتهدا, وايضا شعرت بموهبته التي صقلتها الدراسة.. الكل متفهم تماما للشخصية التي يقوم بها أو يجسدها. بالفعل مجموعة من المواهب التي نسعد بظهورها بيننا في المسرح المصري لتضفي عليه ذلك التوهج الذي نفتقده في عدد من مسرحياتنا. من حق هؤلاء الفنانين من الشباب أن اذكرهم بالاسم, فهذه الاسماء ربما ستواجهكم مستقبلا في اعمال جيدة وهذه الاسماء هي: بيومي فؤاد وأحمد السلكاوي وحمزة البيلي ومحمد ثروت ومحمد خالد وعمرو عبد العزيز وسماح سليم وإسماعيل جمال وسمر نجيلي. ومن أكثر المشاهد البارعة هو المشهد الأخير عندما, يشتبك الكل مع الكل, ونحن نعلم أن السبب لا شيء تقريبا. عرض جيد لشباب يتطلع بجدية ليقدم للمسرح ما هو جديد الي حد ما وتحية خالصة للمشرف علي هذا المركز وهو المخرج خالد جلال الذي أعتبره شعلة نشاط تضيء كل فترة في سماء المسرح المصري من خلال مواهب تم صقلها لتضيف الي الحركة المسرحية والفنية.