ملف التعديات علي أملاك الدولة في نطاق محافظة البحر الأحمر يحمل بين طياته أوجاعا وآلا لاما لكل غيور علي المصلحة العامة وأكثر أوجاع لهذا الملف تحملها الفترة التي سبقت إقرار قانون حماية البيئة رقم4 لعام1994. وهي الفترة التي شهدت فيها المحافظة خاصة مدينة الغردقة بالذات عملية التنمية السياحية, فالتعديات التي وقعت علي أراضي الدولة قبل هذا القانون طالت اللينة واليابسة معا ولكنها كانت شديدة القسوة علي اللينة, فمن يصدق أن التعديات التي تمت علي شاطيء البحر خاصة قبالة سواحل الغردقة والتي تمثلت في قيام عدد كبير من أصحاب المنشآت الفندقية التي شيدت حين ذاك بردم مساحات هائلة من مياه شاطيء البحر لإقامة منشآت عليها قد التهمت نحو أربعة ملايين متر مكعب أغلبها شعاب مرجانية قدرت خسائرها بنحو21 مليار دولار وهي قيمة الشعاب المرجانية التي أغتالتها عمليات الردم. وإذا كانت الفترة التي سبقت قانون البيئة هي المتهم الأول في خسارة هذه المليارات فإن الفترة التي أعقبت هذا القانون ليست بريئة من هذا العبث, فهناك محاولات ردم تتم بين الحين والآخر ولكن علي إستحياء شديد. أيضا لم تسلم اليابسة في هذه المحافظة من مخاطر آفة التعدي علي أملاك الدولة خاصة في الفترة التي تعود لأكثر من30 سنة وبالأخص في مدينة الغردقة والدليل علي ذلك وجود نحو14 منطقة عشوائية في هذه المدينة بالذات, وأيضا هناك تعديات تمت خلال السنوات الأخيرة ولكنها ليست بالحجم التي كانت عليه في الماضي وهذه العشوائيات تذوق المحافظة فيها الآن الأمرين لتطويرها هذا بشأن العشوائيات القديمة أما بشأن التعديات والمخالفات الموجودة منذ عام1996 وحتي الآن فهناك3094 حالة تعد علي مستوي مدن الغردقة ورأس غارب وسفاجا والقصير ومرسي علم والشلاتين جميعها صدرت بها قرارات إزالة وكل الذي تم تنفيذه من مجمل هذه الحالات هو691 حالة أما مايخص التعديات علي مياه البحر المشار إليها فمازالت الأجهزة الحكومية في غيبوبة عن هذه المشكلة الخطيرة, فحتي يومنا هذا لم يتخذ أي قرار بشأنها وكأن شيئا لم يكن وكأن المليارات التي ضاعت علي الإقتصاد القومي لا تمثل شيئا بالنسبة للحكومة, وحول هذين المشكلتين يقول اللواء سعيد جبر سكرتير عام المحافظة أنه لاتوجد أدني مقارنة مابين الماضي والآن بشأن التعديات علي أملاك الدولة فخلال السنوات الأخيرة انحسرت التعديات علي أملاك الدولة بشكل كبير جدا وذلك من خلال تكثيف الحملات المرورية علي الأراضي الفضاء ليلا ونهارا وإقامة أسوار شائكة وخرسانية علي عدد كبير من المساحات خاصة الواقعة داخل الكتلة السكنية ومن خلال تنشيط العناصر الخاصة بقسم التعديات بالوحدات المحلية كما كان للقانون119 دورا في تحجيم هذه التعديات بعد أن أصبحت الإزالة وجوبية ولا ينطبق عليها التصالح. ويضيف أن المشكلة تفاقمت في الماضي بسبب التأخر في التعامل معها بمعني انه من المفترض أن تتم الإزالة فور ظهور حالة التعدي حتي لاتتفاقم. وعن سبب وجود عدد كبير من قرارات الإزالة التي لم تنفذ بعد يؤكد أن الدراسات الأمنية هي السبب في ذلك حيث هناك2403 قرارات إزالة صادر علي مستوي مدن المحافظة وفي انتظار الدراسات الأمنية ويطالب بتقنين أوضاع الأراضي التي تم ردمها بمياه البحر. وتؤكد الدراسة التي كان قد أعدها الدكتور محمود حنفي مستشار المحافظة لشئون البيئية أن الاندفاع في عمليات التنمية السياحية المكثفة بالغردقة في فترة الثمانينات ومنتصف التسعينات بدون أية خطط أو ضوابط أدت الي حدوث أضرار بيئية جسيمة متمثلة في أ أعمال الردم والبناء بمنطقة حرم الشاطيء. وأكثر المناطق التي تعرضت للردم هي التي تقع شمال الغردقة مما أحدث بها تغييرات كبيرة وعلي مستوي مدينة الغردقة أكدت الدراسة أن هناك نحو57 منشأة تقع علي البحر ارتكبت عمليات ردم بمساحات مختلفة وأدت هذه الأعمال الي تدمير مساحات من الشعاب المرجانية. وما تحتويه من تنوع بيولوجي وزيادة نسبة العكار في مياه البحر, مما أدي الي نفوق مساحات كبيرة من الشعاب المرجانية وضياع أماكن كان من الممكن استخدامها في شتي الفرص وأضرت هذه الأعمال بالثروة السمكية, حيث دمرت أماكن تبعويض وتحضين العديد من أنواع الأسماك خاصة البربوني وأدي ذلك الي تدهور أماكن عديدة للصيد ويصعب تقديرها ماديا. ورأت الدراسة ضرورة توفيق أوضاع هذه الممارسات عن طريق نظام حق الانتفاع باعتبار أن الدستور حرم تملكها لأحد باعتبارها منفعة عامة للجميع وعلي أساس أنها ملك للدولة فإذا ماقننت علي أساس حق الانتفاع السنوي فسوف تدر ملايين الجنيهات سنويا لخزينة الدولة بحيث يتم عمل رفع مساحي لكل مشروع علي حدة وتحدد مساحة الردم ومساحة التعدي علي حرم الشاطئ وعلي هذا الأساس تتم المحاسبة.