أحيت فرنسا وبريطانيا في18 يونيو في لندن الذكري السبعين لاعلان المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي لفرنسا في هذا التاريخ من عام1940 من هيئة الاذاعة البريطانية بي.بي.سي بقيادة جنرال فرنسي مغمور وقتئذ هو الجنرال شارل ديجول الذي دعا شعب فرنسا لتحرير بلاده من الاحتلال تحت شعار تحيا فرنسا وحضر الي لندن خصيصا لاحياء هذه الذكري الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي وشاركه فيها رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون. الرئيس ساركوزي قال في هذه المناسبة ان شعلة المقاومة الفرنسية يجب ألا تنطفيء, اما رئيس وزراء بريطانيا المحافظ فقال نحن لسنا جارين بالمعني العاطفي فقط وهو بذلك يخالف السيدة ثاتشر رئيس الوزراء المحافظ الاسبق التي قالت ان الله لم يخلق القناة التي تفصل بين بريطانيا وفرنسا عبثا في اشارة منها الي تغليب علاقة بريطانيا الاطلسية مع الولاياتالمتحدة علي علاقاتها مع أوروبا. هذه العلاقة التي سماها ونستون تشرشل العلاقة الخاصة بعد الحرب العالمية الثانية اطلق عليها الرئيس أوباما رصاصة الرحمة ووضعها في اطارها الصحيح بانكار وجودها واخراج تمثال صغير لونستون تشرشل من البيت الابيض كان الرئيس جورج بوش الابن هو من وضعه فيه هذان الرجلان اللذان احتفلا بتضامن بلديهما ضد المحتل النازي وبخوضهما نضالا مشتركا حتي حققا النصر مع الحلفاء لا يمكن ان يخطر لهما ان يطلقا علي اسرائيل صفة الدولة المحتلة وان يطالباها بانهاء احتلالها للاراضي العربية كوسيلة أنجح لتحقيق السلام. اسرائيل تحت الضرورات فقط تزعم ان ما تحت سيطرتها من أراض عربية منذ عام1967 هي اراض متنازع عليها خاضعة للتفاوض والحلول الوسط أي تقاسم هذه الاراضي مع الفلسطينيين. كلمة الاحتلال لاتزال من المحرمات لا يقربها احد في اوروبا وامريكا الي حد ان البعض في الغرب تحت تأثير الاعلام المنحاز لاسرائيل يعتقد أن الفلسطينيين هم الذين يحتلون اراضي اسرائيلية وبالمناسبة المشار اليها في صدر هذا المقال بثت ال بي.بي.سي لقاءات مع بعض من لا يزالون علي قيد الحياة من رجال ونساء المقاومة الفرنسية الذين تحدثوا عن جرائم النازية ضد الانسانية, وما ارتكبته من جرائم حرب ضد المدنيين في فرنسا وعرضت صور مقاومين وصور تدمير احياء سكنية ومنها قرية اوردو التي دمرها النازيون بالكامل وشردوا سكانها, وتبين لهم فيما بعد خطأ ما قاموا به وانها لم تكن تؤدي مقاومين وهذا الخطأ تكرر عندما ارسلت قوة الاحتلال النازية فرنسيين الي معسكر أوشفيتنز في بولندا ثم نقلتهم للعمل سخرة في المصانع الالمانية هذه القرية اعادت الي الذاكرة ما فعلته اسرائيل في جنين وبيت لحم عام2002 وفي هذه المناسبة استخدمت ال بي.بي.سي لغتها القديمة المقاومة في وصف المقاومة الفرنسية وهي الكلمة التي لا تصف بها المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الاسرائيلي وتستخدم بدلا منها كلمة المتشددين وهي كلمة وسط بين المقاومة التي ينكرها الغرب ككل كحق مشروع للفلسطينيين وبين كلمة الارهاب التي نجحت اسرائيل في توظيفها لمصلحة احتلاله. الولاياتالمتحدة حررت نفسها من الاستعمار البريطاني بالمقاومة المسلحة كمرحلة اخيرة للاحتجاج العنيف ضد هيمنة سياسة واستغلال اقتصادي وبرغم صوتها الزاعق منذ الحرب العالمية الثانية كزعيمة للعالم الحر فانها لا تري ان الشعب الفلسطيني من البشر الذين يستحقون الحرية والخلاص من الاحتلال. الولاياتالمتحدة بتواطئها مع الاحتلال الاسرائيلي لم تعدتقرأ تاريخها النضالي ضد الاستعمار البريطاني عندما قام الوطنيون الأمريكيون في16 ديسمبر1773 مرتدين ملابس هندية باغراق حمولات سفن شركة الهند الشرقية من الشاي الهندي في البحر معتبرين هذه الشركة رمزا للطغيان والنهب والقمع واراقة الدماء. كان ذلك تعبيرا رمزيا امريكيا عن تضامن مع شعب كانت شركة الهند الشرقية تنهب موارده لم يكن قد خضع للاستعمار وكان لايزال تحت حكم المغول هذا التضامن شكل بداية حرب الاستقلال من الاستعمار البريطاني. في أيامنا الراهنة لم يتكرر هذا التضامن مع شعب محتل, وضد دولة محتلة إلا في السويد حيث قرر عمال السويد مقاطعة السفن الاسرائيلية لمدة اسبوع احتجاجا علي وحشية ودموية تعامل اسرائيل مع سفينة مرمرة احدي سفن اسطول الحرية لكسر حصار غزة, اما الكونجرس الامريكي فقد وقف التاريخ عند تحقيق أمريكا لاستقلالها عام1776 ولم يعد يعبأ بمظالم الشعوب الاخري ومعاناتها الا في حدود مصالح الولاياتالمتحدة ومصلحة اعضائه في الحفاظ علي عضوية الكونجرس والحرص علي تمويل اللوبي اليهودي لحملاتهم الانتخابية وعندما يتصل الأمر بالاراضي العربية المحتلة يتعمد البعض في الغرب تجنب تسمية الاشياء بأسمائها والاستسلام لمرئيات السياسة الامريكية في المنطقة فعندما اعلن الرئيس السابق جورج بوش في الاممالمتحدة ان الدولة الفلسطينية ستقوم في سبتمبر من عام2005 سارت اوروبا وراءه وعندما تراجع تحت ضغط اسرائيل واللوبي اليهودي في امريكا صمت الكونجرس وقوي اخري خارج الولاياتالمتحدة تمالئ المحتل. أما الولاياتالمتحدة فالمفارقة في سياستها مفجعة ففي عام1997 اصدر الكونجرس قانون تحرير العراق تغيير النظام بالقوة ورصد للمعارضة العراقية97 مليون دولار لتمويل اعمال مسلحة ضد النظام الذي سقط عام2003 وبعد ذلك عينت الادارة الأمريكية منسقا امريكيا للعلاقة مع المعارضة العراقية والكونجرس علي وجه الخصوص لم يبد أي قدر من التعاطف مع حقوق الشعب الفلسطيني في الحرية وتذوق حياة مختلفة تحترم فيها حقوق الانسان, ولذلك لا عجب اذا اعتبره حتي بعض الاسرائيليين اكثر تطرفا في دعمه لسياسات اسرائيل من الكنيست الحالي بمن فيه من قوي اليمين الفاشية والارهابية الحالية. حتما سيأتي وقت لاتغتال فيه السياسة المبادئ وتباع القضايا العربية في مزاد الانتخابات الرئاسية والتشريعية في الولاياتالمتحدة, ولكن ذلك مرهون بتغيير موازين القوي الدولية وموازين بمعناها الشامل بيننا وبين اسرائيل.