رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات يكشف الاستعدادات النهائية لانتخابات الشيوخ    إعلام عبري: توتر العلاقة بين سموتريتش ونتنياهو    عبد العاطي يدعو إلى دعم جهود تنفيذ الخطة العربية الإسلامية لإعادة إعمار غزة    ألمانيا تعلن إقامة جسر جوي مع الأردن لإيصال المساعدات إلى غزة    بيراميدز يختتم معسكره في تركيا بالفوز على بطل إيران (صور)    ديفيد ديفيز: سعيد بالعودة للأهلي.. وهذه رسالتي للجماهير    لم نشعر بالغربة.. السودانيون يشكرون مصر على كرم الضيافة    رئيس الوزراء يستعرض خطوات إنشاء وحدة مركزية لحصر ومتابعة وتنظيم الشركات المملوكة للدولة    مدبولي يستعرض الخطوات التنفيذية لإنشاء وحدة مركزية لحصر الشركات المملوكة للدولة    رفقة العراق والبحرين .. منتخب مصر في المجموعة الثانية بكأس الخليج للشباب    أسيوط تبدأ تطوير 330 منزلًا بالمناطق الأكثر احتياجًا (فيديو وصور)    صور.. محافظ القاهرة يكرم 30 من أوائل الثانوية العامة والمكفوفين والدبلومات    «المصري اليوم» داخل قطار العودة إلى السودان.. مشرفو الرحلة: «لا رجوع قبل أن نُسلّم أهلنا إلى حضن الوطن»    زياد الرحباني عانى من مرض خطير قبل وفاته.. ومفيدة شيحة تنعاه بكلمات مؤثرة    بسمة بوسيل عن ألبوم عمرو دياب "ابتدينا": "بصراحة ماسمعتوش"    "النهار" ترحب بقرار الأعلى للإعلام بحفظ شكوى نقابة الموسيقيين    متحدث "الموسيقيين" يعلن موعد انتخابات التجديد النصفي: الجمعية العمومية مصدر الشرعية    هل "الماكياج" عذر يبيح التيمم للنساء؟.. أمينة الفتوى تُجيب    أزهري: الابتلاء أول علامات محبة الله لعبده    أمينة الفتوى: ملامسة العورة عند التعامل مع الأطفال أو أثناء غسل الميت تنقض الوضوء (فيديو)    هيئة الرعاية الصحية تعلن نجاح وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية الطبي    وزارة الصحة: حصول مصر على التصنيف الذهبي للقضاء على فيروس سي نجاح ل100 مليون صحة    ضعف عضلة القلب- 5 أعراض لا ترتبط بألم الصدر    شهادة تقدير ودرع المحافظة.. أسوان تكرم الخامسة على الجمهورية في الثانوية الأزهرية    هيئة فلسطينية: كلمة الرئيس السيسي واضحة ومصر دورها محورى منذ بدء الحرب    نموذج تجريبي لمواجهة أزمة كثافة الفصول استعدادًا للعام الدراسي الجديد في المنوفية    كم سنويا؟.. طريقة حساب عائد مبلغ 200 ألف جنيه من شهادة ادخار البنك الأهلي    ترامب: خاب أملي في بوتين    هل ظهور المرأة بدون حجاب أمام رجل غريب ينقض وضوءها؟.. أمينة الفتوى توضح    «أكسيوس»: مسؤولان إسرائيليان يصلان واشنطن لبحث ملفي غزة وإيران    5 شركات تركية تدرس إنشاء مصانع للصناعات الهندسية والأجهزة المنزلية في مصر    مجلس إدارة غرفة السياحة يعيّن رؤساء الفروع السياحية بالمحافظات ويوجههم بدعم النمو    ختام فعاليات قافلة جامعة المنصورة الشاملة "جسور الخير (22)" اليوم بشمال سيناء    وثيقة لتجديد الخطاب الديني.. تفاصيل اجتماع السيسي مع مدبولي والأزهري    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة في إمبابة    طريقة عمل التورتة بمكونات بسيطة في البيت    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    عمار محمد يتوج بذهبية الكونغ فو فى دورة الألعاب الأفريقية للمدارس بالجزائر    رئيس تعليم الشيوخ: محاولات تشويه دور مصر باسم غزة يائسة والدليل "زاد العزة"    توجيهات بترشيد استهلاك الكهرباء والمياه داخل المنشآت التابعة ل الأوقاف في شمال سيناء    قرارات هامة من الأعلى للإعلام ل 3 مواقع إخبارية بشأن مخالفة الضوابط    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    البربون ب320 جنيهًا والقاروص ب450.. أسعار الأسماك والمأكولات البحرية اليوم في مطروح    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    الحوثيون يهددون باستهداف السفن المرتبطة بموانئ إسرائيلية    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    هل ستفشل صفقة بيع كوكا لاعب الأهلي لنادي قاسم باشا التركي بسبب 400 ألف دولار ؟ اعرف التفاصيل    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    بداية فوضى أم عرض لأزمة أعمق؟ .. لماذا لم يقيل السيسي محافظ الجيزة ورؤساء الأحياء كما فعل مع قيادات الداخلية ؟    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    الداخلية تكشف ملابسات وفاة متهم محبوس بقرار نيابة على ذمة قضية مخدرات ببلقاس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صناعة الخطر‏!‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 06 - 2010

إذا كان فيلم بنتين من مصر قد تسلل إلي حياة حنان وداليا‏,‏ وقدم لنا عالم العوانس‏,‏ بكل ما فيه من أحلام وإحباطات‏,‏ رغبة وكبت‏,‏ وفرح وتعاسة‏,‏ فأتصور أن عالم العوانس أكثر تعقيدا في الواقع من الصور الملونة علي الشاشة الفضية‏.. لأن الفيلم قفز إلي قضايا كثيرة متشابكة‏,‏ كما لو أنه أخذ شريحة عريضة من المجتمع وراح يفسر لنا كل مشكلاته وأزماته‏,‏ ومنها العنوسة‏!‏
فالعنوسة ليست حنان وداليا‏,‏ ولا أستاذة الجامعة العانس التي انتحرت قبل أيام‏,‏ هن مجرد نماذج ل‏50%‏ من المصريين في سن الزواج‏,‏ ما بين سن الثامنة عشرة والخامسة والثلاثين‏,‏ وعدد المصريين في هذه السن يقدر بنحو عشرين مليون نسمة‏,‏ أي ما يقرب من عشرة ملايين إنسان يعانون من الوحدة‏,‏ ومحرومون من الانتماء الجميل إلي الجنس الآخر‏,‏ يمضون لياليهم في فراغ عاطفي‏,‏ لا تلهث قلوبهم من الشوق واللهفة والترقب‏,‏ لا تورق في صدورهم أوراق الحب الخضراء‏,‏ لا يلقون رؤوسهم علي الوسادة الخالية‏,‏ لا يسهرون سواد الليل‏,‏ ولا يتبادلون الرسائل علي شعاع القمر‏.‏
والإنسان الذي لا يحب كالصحراء الجرداء‏,‏ تهجرها العصافير وتسكنها الجوارح‏,‏ يخاصمها المطر وتتكاثر فيها الزواحف‏.‏
وممارسة الحب ليست مجرد تفريغ طاقة بقدر ما هي تعبير عن التوحد وخصوبة الحياة‏..‏
وقد تفسر لنا أزمة العنوسة سببا من أسباب ميلنا إلي التعصب والعنف وبعدنا عن التسامح والرحمة‏.‏
فكيف يتمتع مجتمع بالصحة النفسية وبه مايزيد علي‏6‏ ملايين امرأة وحيدة وأكثر من‏5‏ ملايين عازب حسب الاحصائيات الرسمية؟‏!‏
وبقدر ما تزيل هذه الاحصائية ورقة التوت عن نظامنا العام وفشله في الوفاء بأبسط حقوق الإنسان‏,‏ فهي تضع أيدينا علي بعض الظواهر التي يمكن رصدها بسهولة‏.‏
أولا‏:‏ إن العوانس من النساء يزيد عددهن علي العوانس من الرجال بأكثر من مليون نسمة‏,‏ أي أن النساء يدفعن ثمنا نفسيا وجسديا واجتماعيا أكبر للأزمة الاقتصادية الضارية التي أخرت سن الزواج إلي ما بعد الخامسة والثلاثين‏,‏ وهذه إحدي سمات المجتمعات عندما يعتريها الضعف والوهن‏,‏ فتضغط علي مفاصلها الضعيفة كالمرأة والأقليات‏.‏
ثانيا‏:‏ عدد غير قليل من هؤلاء الفتيات لم يجدن العريس المناسب‏,‏ بعضهن جميلات ومستورات ماليا‏,‏ وتكاد تكثر الشكوي الآن من غياب أو ندرة هذا المناسب‏,‏ خاصة للفتيات المتميزات ثقافيا وعقليا ونفسيا‏,‏ فالرجل الشرقي مازال مترددا وخائفا من الاقتراب من المرأة ذات الشخصية القوية‏,‏ لا أقصد المتسلطة أو العنيفة‏,‏ ويهرب إلي النساء ضعيفات الإرادة‏,‏ المؤمنات بالطاعة العمياء‏,‏ القانعات بسلوك الجواري‏,‏ وإذا سألت شابا‏:‏ لماذا؟‏!‏ يرد عليك دون تفكير‏:‏ ياعم هو أنا ناقص وجع دماغ‏!‏
وأعرف ابنة رجل أعمال شهير ذات جمال وثقافة وعلم تدير جزءا مهما من أعمال والدها حول العالم وتضارب في البورصات الكبري بنجاح مذهل وتقترب من الثالثة والثلاثين دون زواج‏..‏ فكل العرسان الأثرياء الذين تقدموا لها إما لا يتحملون عقلها وشخصيتها فيهربون أو تافهون ترفضهم من أول لقاء‏.‏
ثالثا‏:‏ من المؤكد أن عددا من هؤلاء الإناث في سن الزواج‏,‏ ولم يعثرن علي ابن الحلال بعد‏,‏ قد حللن مشكلاتهن سواء بالزواج العرفي‏,‏ أو الزواج السري من رجال كبار السن لديهم قدرات مالية مريحة‏,‏ أو بالانحراف‏,‏ وهنا لا يمكن إغفال الطب النفسي‏,‏ وفي دراسة أجراها طبيب علي عدد من مريضاته العانسات‏,‏ إذا جاز هذا التعبير البغيض‏,‏ وجد أن الفتاة تكبت غريزتها الطبيعية وتحاول تطويعها في انشغالات كثيرة في فترة المراهقة‏,‏ وحين تكبر وتلح عليها الطبيعة‏,‏ فهي أمام موقفين‏..‏ إذا كانت ناجحة في عملها فهو يمتص طاقاتها إلي حد كبير ويساعدها علي تجاهل الإلحاح‏,‏ أما إذا كانت متوسطة النجاح ولديها وقت فراغ أطول فهي مضطرة إلي بذل جهد أكبر في غلق باب الغريزة بالضبة والمفتاح‏,‏ وثمنه توترات عالية وعصبية وفقدان شهية للطعام أو افراط في الطعام واضطرابات في النوم سواء بكثرة النوم أو الأرق‏,‏ وبالتدريج تفتقد البهجة في الحياة وتكتئب أو تتشدد في الدين باعتباره حبل الانقاذ لها من مغريات الدنيا وفتنتها‏,‏ فتلقي بالحياة خلف ظهرها في انتظار الجزاء في الآخرة حيث النعيم المقيم والمتع التي بلا حدود‏.‏ أما اللاتي يفشلن في غلق الباب جيدا لأسباب تتعلق بالضعف الانساني فيمكن أن ينجرفن إلي علاقات عابرة أو تفريغ الطاقة دون رجال حتي لا يحدث صدام مع التقاليد‏!‏
هذا عن النساء‏..‏ فماذا يفعل أكثر من‏5‏ ملايين شاب غير قادرين علي الزواج لأسباب كثيرة‏..‏؟‏!‏
الاختيارات محدودة للغاية ما بين الانحراف والتدين‏.‏
الانحراف‏..‏ طريقه مكلف وغير مضمون العواقب‏.‏
التدين الشديد طريق أسهل مأمون العواقب‏,‏ ومن هنا تخرج فتاوي‏..‏ بنطلون المرأة حرام‏,‏ الوجه والكفان عورة وعمل المرأة خروج علي الملة والنقاب هو الحل‏..‏ فهؤلاء الشباب في حاجة فعلا إلي التخلص من كل ما يذكرهم بالمرأة والغريزة‏,‏ وهم لا يستطيعون ذلك إلا باسترداد حالة التراجع العقلي التي كانت عليها الأمة أيام العثمانيين‏,‏ وشيوخ التفسير ودعاة الفضائيات جاهزون بكل ما يسجن المرأة خلف الجدران أو خلف الثياب‏,‏ المهم أن يختفي الإغراء والغواية المتمثلة في الأنثي‏.‏
نعم لدينا خمسة ملايين قنبلة موقوتة تمشي في شوارعنا‏,‏ تتحرك بيننا‏,‏ وقد يكرهنا هؤلاء الشباب العاطل عن الحياة‏,‏ ومن حقهم أن يلقوا بحجر المسئولية في وجوهنا أو يفكروا في الثأر منا‏..‏ هل لديكم تفسير آخر لظاهرة التحرش الجنسي في مجتمعنا؟‏!‏ ونحن رقم واحد علي العالم في هذا السلوك المشين السافل‏.‏
يبدو أننا أصبحنا قادرين علي صناعة الانحراف‏,‏ والخطر أكثر من قدرتنا علي صناعة التنمية‏..‏
المزيد من مقالات نبيل عمر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.