الجدل حول تمويل حركة طالبان لم يتوقف عند حد اتهام دولة مثل إيران التي من المفترض أنها المستفيد الأول من استمرار تورط أمريكا في المستنقع الأفغاني لأسباب كثيرة. وكانت آخر الاتهامات الموجهة لإيران أطلقها قائد القوات الأمريكية وقوات حلف شمال الأطلسي في أفغانستان السابق الجنرال ستانلي مكريستال خلال مؤتمر صحفي في كابول مؤخرا حيث أكد أن هناك دليلا واضحا علي نشاط إيراني غير ملائم يشمل في بعض الأحيان توفير الأسلحة وتدريب عناصر من حركة طالبان لكن أصابع الاتهام أشارت أيضا إلي باكستان حيث زعمت صحيفة صنداي تايمز البريطانية في تقرير لمراسلها من كابول أنها تقدم الدعم لحركة طالبان الأفغانية وأن هذا الدعم يصادق عليه رسميا من أعلي السلطات في حكومة إسلام آباد. وذكرت الصحيفة أن هناك زعما بأن سبعة من الأعضاء البالغ عددهم15 في مجلس شوري كويتا وهو مجلس حرب طالبان هم عناصر تابعة لوكالة الاستخبارات الباكستانية وطبقا لتقرير أصدرته مدرسة لندن لعلوم الاقتصاد, فإن باكستان تقوم بدور مزدوج في أفغانستان ويعتقد كاتب التقرير مت وولدمان وهو محلل من جامعة هارفارد- أن الدراسات السابقة استهانت إلي حد كبير بالنفوذ الذي تمارسه وكالة الاستخبارات الباكستانية علي حركة طالبان. ويقول التقرير الذي استند إلي عشرات المقابلات وتحقق من معلوماته اثنان من كبار مسئولي الأمن الغربيين' إن وكالة الاستخبارات الباكستانية باعتبارها الجهة التي توفر للتمرد الملاذ والدعم المالي والعسكري واللوجستي الكبير تتمتع علي ما يبدو بنفوذ إستراتيجي قوي وذي علاقة بالعمليات الحربية تعززه القوة الجبرية ويزعم التقرير كذلك أن الرئيس الباكستاني آصف علي زرداري التقي مؤخرا عددا من قادة طالبان المقبوض عليهم ليؤكد لهم أن حكومته تدعم حركتهم دعما كاملا وهو ما نفاه بشدة المتحدث الرسمي باسم الرئيس الباكستاني. وفي مقابل الاتهامات الموجهة لكل من إيرانوباكستان بتمويل حركة طالبان الأفغانية هناك اتهامات للولايات المتحدةالأمريكية بتمويل الحركة لإطالة أمد الصراع الدائر في أفغانستان للإبقاء علي نفوذها في منطقة آسيا الوسطي إضافة إلي السيطرة علي الثروات الطبيعية التي تم اكتشافها مؤخرا في أفغانستان وقد أشارت الكاتبة دانييلا بيليد في تقرير لها بصحيفة الجارديان إلي أنه من المستحيل أن تجد أحدا في أفغانستان لا يعتقد أن أمريكا تقوم بتمويل حركة طالبان ونقلت دانييلا عن مثقف أفغاني قوله إن للولايات المتحدة مصلحة في إطالة أمد النزاع لكي تبقي في أفغانستان لفترة طويلة. ويتساءل صحفي يعمل بإذاعة كابول مستغربا: كيف يفشل15 ألف جندي من قوات التحالف الدولي والجيش الأفغاني في سحق ألفي مقاتل من طالبان المجهزين تجهيزا رديئا ويتساءل أفغان آخرون: إذا كانت الولاياتالمتحدة تريد حقا إلحاق الهزيمة بطالبان فلم لا تتصدي لهم في باكستان؟. ويجيبون علي سؤالهم بأن السبب بسيط فبالقضاء علي طالبان لن تكون للولايات المتحدة حجة للبقاء في أفغانستان. وتقول الكاتبة في تقريرها إن من الأمور التي يدركها الكل أن قوات الجيش الأفغاني حينما تستولي علي قواعد لطالبان تكتشف أن المؤن والأسلحة التي عثر عليها الجنود هناك تماثل تلك التي توفرها لهم الولاياتالمتحدة ويعتقد الجميع أيضا أن الولاياتالمتحدة تمول المدارس الدينية في أفغانستانوباكستان كما أن الطائرات العمودية الأمريكية تقوم بإسقاط المؤن خلف خطوط مقاتلي طالبان أما منظمات الإغاثة فهي لا تعدو في نظر الأفغان أن تكون سوي وكالات لجمع المعلومات الاستخبارية حيث تصل إلي مناطق لا يستطيع الجيش الوصول إليها بل إن دورات تدريب القابلات ليست سوي مشاريع تجسس. البريطانيون أيضا لم يسلموا من الاتهامات فالاعتقاد السائد أنهم يريدون البقاء في أفغانستان مدة أطول مما يريد الأمريكيون أنفسهم وأن السبب الذي يجعلهم يريدون التفاوض مع حركة طالبان هو لإقناعهم بالانضمام إلي الحكومة وبذلك يتعزز نفوذ بريطانيا في المنطقة. ومما يمنح الاتهامات السابقة لكل هذه الأطراف قوة ومصداقية أن لكل طرف أسبابه في الإبقاء علي حركة طالبان فهي الفزاعة التي قد يستخدمها كل طرف ضد الآخرين في الصراع الدائر علي الساحة الأفغانية بل كثيرا ما تم استخدامها في أغراض سياسية داخلية خصوصا في الولاياتالمتحدةالأمريكية حيث مازال الخوف من شن عمليات إرهابية علي الأراضي الأمريكية مسيطرا بالإضافة إلي القلق الدائم علي سير العمليات العسكرية في أفغانستان ويخدم هذا الوضع حركة طالبان التي ربما تتلقي الدعم من جميع الأطراف في الوقت نفسه لتبقي علي قيد الحياة ليظل الصراع قائما.