كان الرئيس الامريكي باراك اوباما يقضي إجازة اعياد الميلاد( الكريسماس)في هاواي بصحبة أسرته حين تلقى نبأ محاولة تفجير الطائرة الأمريكية المتجهة إلى ديترويت. وقال المتحدث للرئيس الأمريكي إن الفاعل ينتمي لتنظيم القاعدة وانه نال تدريبه في اليمن.. وما هي الا دقائق حتي كان ملف اليمن مفتوحا امام المسئولين الأمريكيين. وفي وزارة الخارجية بواشنطن وقفت وزيرة الخارجية الامريكية هيلاري كلينتون الي جوار رئيس الوزراء القطري لتعلن للعالم ان عدم الاستقرار في اليمن يمثل تهديدا للأمن علي المستويين الإقليمي والعالمي مؤكدة صعوبة ذلك التحدي وعزم بلادها مواجهته. وعلي الرغم من اشادة كلينتون بالمجهودات اليمنية فيما يتعلق بمواجهة المتطرفين والمنظمات الارهابية فإنها اشارت الي خطورة الوضع باليمن.فوفق الرؤية الأمريكية فإن الموقف في اليمن ازداد تأزما وزادت اعداد اللاعبين علي الساحة اليمنية وان استمرار المساعدات الامريكية لليمن بات مرهونا بتحقق الأهداف المرجوة وفي مقدمتها تحقيق الحكومة اليمنية للسلام والاستقرار علي المستوي المحلي والإقليمي. ولم يمر وقت طويل إلا وقد اظهرت اليمن عدم ترحيب بنيات التدخل العسكري الاجنبي في اراضيها ومواجهاتها المسلحة الداخلية بعد ان باتت اشباح اللبننةوالصوملةوالعرقنةبادية في الأفق. وطبقا لرؤية واشنطن فإن الحكومة اليمنية اصبحت محاصرة داخليا ب3 صراعات اساسية ومتشابكة ويتمثل ذلك المثلث في صراع القوات الحكومية ضد المتمردين الحوثيين وضد تنظيم القاعدة بالاضافة الي صراع اخر يتسم بطابع عسكري سياسي ضد دعاة انفصال الأقاليم الجنوبية واعادة تقسيم البلاد الي يمن شمالية واخري جنوبية. لكن السؤال الحقيقي الذي طرح نفسه علي الساحة هو: لماذا اظهرت الولاياتالمتحدة رغبة كبيرة في فتح الملف اليمني خلال الأيام الاخيرة من عام2009 وبدايات عام2010 علي الرغم من وجود الصراعات علي الساحة اليمنية منذ سنوات؟..وهنا تتمثل الإجابة في توافر عدد من العوامل المحركة التي دفعت واشنطن الي تناول الملف اليمني بحالة من الإستنفار العلني, هذه العوامل هي: (1) تزايد التنسيق بين فلول القاعدة في افغانستان والمناطق القبلية بباكستان وتنظيم ما يعرف بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية والذي يتخذ من اليمن مركزا له واعلان اندماج بين اعضاء تنظيم القاعدة في السعودية مع نظرائهم في اليمن في بداية عام.2009 وتزايد حدة ضربات القاعدة للولايات المتحدة والقوات الحليفة لها في افغانستان واعلان مسئوليتها عن العملية التي راح ضحيتها عدد من ضباط وكالة المخابرات المركزية الأمريكية في افغانستان والتي تمت بواسطة عميل مزدوج نجح في خداع اكثر من جهاز للمخابرات. ووجود معلومات تفيد بعلاقة توجيهية بين الشيخ انور العولقي المقيم باليمن والميجور الأمريكي نضال حسن والتي قام الاخير علي اثرها بهجوم مسلح داخل قاعدة فورت هود العسكرية داخل الولاياتالمتحدة في نوفمبر الماضي واسفر عن مصرع13 جنديا واصابة30 شخصا علي الأقل. وفشل عملية ارهابية فردية حاول شاب نيجيري تنفيذها فوق طائرة خطوطنورث ويست ايرلاينز في اثناء رحلتها بين امستردام الهولندية وديترويت بالولاياتالمتحدة يوم25 ديسمبر2009,واعلان اعترافه بانتمائه لتنظيم القاعدة وحصوله علي تدريب باليمن علي ايدي اتباع ما يعرف بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية,واعلان التنظيم مسئوليته عن تدبير المحاولة الفاشلة. (2) تزايد نشاط الإنفصاليين علي المستويين المحلي والخارجي عبر مبعوثين يتولون عرض قضيتهم ويسعون لحشد تأييد دولي لمطلبهم. (3) تزايد مستوي الأداء والعمليات التي يقوم بها الحوثيون في اليمن ونجاحهم في توسعة رقعة الصراع المسلح ليطول المنطقة الحدودية اليمنية السعودية. (4) بروز الدور الإيراني علي مستوي التدخل الدبلوماسي وعلي مستوي توفير الدعم السياسي واللوجستي للحوثيين. (5) دخول السعودية كلاعب له ثقله في الصراع ضد الحوثيين الذين اقتحموا الحدود الجنوبية للسعودية واشتباكهم عسكريا مع القوات السعودية بالاضافة لدخول السعودية منذ وقت سابق في صراع ضد القاعدة خاصة بعد ان فرت فلولها من السعودية الي اليمن بهدف تحقيق إستمرارية النشاط ضد المملكة. (6) بروز دور حركة الشباب الصومالية كلاعب جديد علي الساحة اليمنية والإقليمية عند مدخل البحر الأحمر بإعلانها عن استعدادات جدية لإرسال مقاتلين صوماليين الي الاراضي اليمنية لمساعدة القاعدة. من جانبها ابدت وتبدي الحكومة اليمنية تجاوبا ملموسا مع واشنطن في حربها ضد الارهاب وذلك منذ سنوات وهو الأمر الذي اشادت به واشنطن خاصة عقب الغارتين اللتين نفذتهما اليمن ضد عناصر قيادة من القاعدة واسفرت عن مصرع العشرات..ولكن لوحظ خروج مظاهرات مؤيدة للقاعدة بل واذاعت وسائل الإعلام العالمية لقطات مصورة لإجتماع حاشد نظمته القاعدة في اليمن وتوعدت خلاله بالانتقام. ومن المعروف ان الولاياتالمتحدة تقدم منذ سنوات دعما ماديا وتكنولوجيا ولوجستيا وتدريبيا لليمن من اجل مواجهة القوي المتطرفة وتحديدا تنظيم القاعدة وعلي الرغم من تقلص ذلك الدعم خلال عام2008 فإنه قد عاد ليستمر من جديد في عام2009 وسط تلميحات امريكية رسمية بزيادة تلك المساعدات في عام.2010 وتحتفظ الولاياتالمتحدة منذ عام2002 بوجود عسكري بحري وفي قاعدة كامب ليمونييهفي جيبوتي وهو ما اهلها الي شن ضربات جوية ضد تنظيم القاعدة في اليمن بواسطة الطائرات غير المأهولة( دون طيار). وهكذا بات جنوب البحر الأحمر اكثر اشتعالا ومؤهلا لمزيد من التدخلات الأجنبية المسلحة وهو الامر الذي يثير القلق من وجود مخطط للبننةاليمن وايجاد عراق او لبنان جديد عند مدخل البحر الأحمر وباب المندب اسوة بالصومال التي تمتلبننتها في التسعينيات وباتت نموذجا للدولة المنهارة التي تشيع اجواء عدم الاستقرار علي المستويين الإقليمي والعالمي فيما يعرفه الخبراء بعملية الصوملة. [email protected]