تكدس.. زحام.. فوضي.. مخاطر.. إنها علامات لشارع الموسكي! بمجرد أن تدلف الي الشارع, وقبل أن تخطو خطوة واحدة تجد نفسك تبحث عن مكان تسير عليه. وتحتار عيناك ما بين أن تبحث عما تود أن تشتريه من بضائع أو تبحث عن مسار للسير, لأنه ليست هناك ملامح واضحة لمسار حركة أو خط مستقيم بل هو أشبه بالزجزاج, وبكل بساطة ستحاول السير ما بين طبالي أو الألواح الخشبية المرفوعة علي بعض الكراسي أو القطع الخشبية لتوضع عليها بضائع الباعة الجائلين الذين يفترشون أرض وأرصفة شارع الموسكي.. ذلك الشارع الذي يبلغ عرضه ثمانية مترات تقريبا ثلاثة منها مقسمة بين رصيفين, وجميعها مغطي بالبضائع والباعة وكل صور الفوضي. هذا علي المستوي الأفقي, أما علي المستوي الرأسي فستجد أن البضائع معروضة علي أربعة مستويات: الأول مستوي الأرض فيأتي البائع في الصباح ليفرش ملاءة في أي مكان يعجبه في الشارع ليرص عليها بضاعته, المستوي الثاني ألواح خشبية بارتفاع في متناول اليد, والثالث في مستوي العين والرابع علي ارتفاع ثلاثة أمتار أو أكثر قليلا أي عند أرضية أول بلكونة من العمارات. والعجيب أن البضاعة المعلقة علي المستويين الثالث والرابع ليست بعرض واجهة المحلات بل تخترق عرض الشارع لتصل الي منتصفه وربما أكثر, وجميع البضائع مصنوعة من مواد قابلة للاشتعال من ألياف صناعية وأقمشة قطنية وفايبر وفرو. عقب سيجارة مشتعل كفيل بأن يشعل النيران لتسير فيها بأكملها, وإذا كان السير علي الأقدام بصعوبة بالغة فما بالنا لو حاولت سيارة الإطفاء الضخمة أن تدخل هذا الشارع, وكم من الوقت تحتاج لتصل الي إطفاء حريق في آخر هذا الشارع المكدس بالبضائع والباعة؟ ليس هذا كل ما في الشارع, ذلك أن دخوله مغامرة محفوفة بالمخاطر. باعة.. وضيق كمال زين مدير أحد محلات الملابس يقول: نحن نعاني من تكدس البضائع في الشارع وصعوبة الحركة فيه, وهناك كثير من المحلات يقوم بتعليق الملابس والبضاعة علي ارتفاع حوالي ثلاثة أمتار وبعرض ما يقرب من نصف الشارع وهو ما يمثل حاجزا عرضيا لا يحجب الرؤية فقط بل يمثل ما يشبه الستارة المكونة من الملابس والتي أغلبها من أقمشة قطنية أو ألياف صناعية سريعة الاشتعال, فإذا ألقي شخص بسيجارة مشتعلة من الدور العلوي فإنه سيشب حريق لا محالة, فضلا عن أن الباعة الذين يفترشون الأرض والأرصفة يقومون بتثبيت كثير من الشماسي لتحجب عنهم أشعة الشمس, وهذا مكمن خطر أيضا لأنها مصنوعة من القماش, ومن الممكن أن تشتعل وتسقط مع تيار الهواء أو الحركة السريعة لأي شخص يجري هربا من الحريق فتزيد من اشتعال المكان! حسن محمد الصبان( صاحب محل ملابس جاهزة) يقول: نحن أصحاب المحلات نشعر بالقلق والظلم البين في شارع الموسكي, الذي لا يعتبر ضيقا جدا لأن عرض الشارع حوالي4 أمتار ثم هناك رصيفان علي جانبيه, وهذا وحده يكفي بالكاد لأن يسير فيه بعض الزبائن حتي يمكنهم مشاهدة المحلات وشراء ما يرغبون من بضائع, لكن عندما يأتي الباعة الجائلون ويفترشون هذه الأمتار المعدودة أمام محلاتنا ويعرضون الملابس ولعب الأطفال ومنتجات كلها من الألياف الصناعية والأقمشة ولا يتركون مساحة كافية للمارة أن يسيروا في الطريق ويشاهدوا البضائع, وهذا يعني أن البضاعة تملأ كل شبر في الشارع وهو ما يمثل خطورة كبيرة في حالة حدوث حريق إذ سوف يشتعل الشارع بأكمله في دقائق معدودة, وبالطبع ستجد سيارة المطافيء صعوبة بالغة في دخول الشارع بسبب هؤلاء الباعة, الذين يجدون صعوبة بالغة في جمع هذه البضائع والهروب بها بعيدا عن نهر الطريق حتي يسمح للسيارة بالدخول, كما أن العمارات تحولت شققها الي مخازن وورش للباعة الجائلين إذ يستأجرونها من سكانها الأصليين الذين تركوا المنطقة, وبالطبع فإن هذا سيمثل خطورة أخري. ويساعد علي زيادة الاشتعال في حالة حدوث حريق! أخطار.. ومشاحنات هذا التكدس يتسبب في كثير من المشاجرات والمشاحنات بين الزبائن والباعة قد تصل الي السب والضرب, وإصابة الزبائن وهذا نوع آخر من المخاطر التي يشهدها شارع الموسكي, وبالتالي يفقد جاذبيته لأي زبون يعرف ما سيلاقيه من عذاب ومخاطر. شارع الموسكي أيضا يمر فيه كثير من السائحين الأجانب فهو امتداد لمنطقة سياحية تربط بين رمسيس والعتبة وبين خان الخليلي والأزهر, مما يمثل صورة غير حضارية نظهر بها أمام السائحين, ونحن أصحاب المحلات نعاني من الظلم, خاصة ونحن نقوم بسداد ضرائب عامة وضريبة مبيعات وتأمينات ويأتي أمامنا باعة جائلون يفترشون الأرض ويحتلون الأرصفة ولا يسددون أي شيء للدولة. عيد عبد الفتاح( أحد السكان في المنطقة) يقول إن بعض الباعة يقومون بعمل أكواب الشاي في بير السلم علي سبرتاية أو بوتاجاز صغير, ومن الممكن أن يتسبب هذا في أن تشتعل النيران في الأقمشة والملابس الموجودة في الشارع ومداخل العمارات وأمام المحلات, فالأمر فوضي ويحتاج لنوع من الانضباط لأن الشارع دائما مهدد بحدوث كارثة. ويشير أيمن( صاحب أحد المحلات) الي أن المعارك داخل الشارع قد تصل الي استعمال الأسلحة البيضاء وإصابة الكثيرين بإصابات بالغة وأنه لابد من إخلاء شارع الموسكي من الباعة الجائلين, وأن تكون هناك وسيلة جذب للباعة بأن يتم إقامة مركز تجاري لهم يضمهم جميعا ليعود الموسكي الي عهده القديم.