بالتأكيد لايكفي يوم ونصف اليوم في قاعة أحد الفنادق التركية الكبيرة باسطنبول لإصدار أحكام عن ثقافة بلد اسلامي عريق أو حضارة شعب حقق نجاحا اقتصاديا مشهودا له خلال عقدين من الزمان. الإصلاحات التي أدخلتها الحكومة التركية علي الإقتصاد وخاصة في البنوك التركية حققت الحماية لهذه البنوك وللإقتصاد التركي خلال الأزمة المالية العالمية ولكن سيبقي دائما هناك سؤال سيتردد في أذهان الساسة.. ماذا تريد تركيا من العرب؟ وهل ستكون تركيا لاعبا مهما علي المسرح السياسي العربي ؟ وأي من الهدفين هو المدخل.. الإقتصاد من أجل السياسة أم السياسة من أجل الإقتصاد؟ الإجابة يمكن ملاحظتها واستكشافها من فاعليات القمة المصرفية العربية التي عقدت باسطنبول علي مدي يومين وتحدث خلالها عدد كبير من المسئولين بالحكومة التركية وبالجهاز المصرفي التركي. كما تحدث خلالها لفيف من الخبراء ورجال البنوك العرب.. تركيا لها جذور في العالم العربي والثقافة التركية مرحب بها والدليل علي ذلك القبول العربي لمسلسلات تليفزيونية تركية لم تجد الترحيب في تركيا نفسها علي حد تعبير أحد المسئولين الأتراك الذين تحدثوا خلال المؤتمر.. حكومة أردوجان ليست حكومة عاطفية ولكنها حكومة وطنية تركيا تجيد رسم سياساتها وحساباتها جيدا, ووفق تصريح لعادل اللبان الخبير المصرفي المصري والرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المتحد بالبحرين أن مردود الإستثمارات العربية في القطاعات المختلفة من الإقتصاد التركي تجاوز الخمسة عشر مليار دولار.. هذا التلميح بأهمية الاستثمارات والأموال العربية لتركيا دليل علي أن عين السياسي التركي اختارت هذه المرة الشريك الصحيح القادر علي خدمة الأهداف القومية لتركيا وهو ما أكده فخر الدين ياهيسي الرئيس لبنك البركة بتركيا والذي أكد أهمية تركيا كعضو بمجموعة العشرين وقدرتها علي التعاطي مع العالم العربي في مجال الخدمات المالية مشيرا الي أن حجم الإستثمارت العربية بتركيا تجاوز ال30 مليار دولار وأن هناك بنوكا تركية تعمل في البحرين والكويت والمملكة السعودية, وطالب الحضور من العرب بتكوين منصة للتعاون كاتحاد بين المصارف العربية والتركية لتكون قاعدة للعمل المصرفي المشترك بين الجانبين.. خلال جلسات المؤتمر التي تخطت الست جلسات رئيسية كان هناك حرص متبادل من الجانب العربي للتأكيد علي أهمية التعاون الإقتصادي والمالي مع تركيا. ويري عدنان يوسف رئيس اتحاد المصارف العربية أن المجال مفتوح لمزيد من التعاون الإقتصادي العربي التركي فيما يري جوزيف طربيه رئيس الإتحاد الدولي للمصرفيين العرب أن القمة التي نظمها الإتحاد بتركيا تظاهرة إقتصادية وسياسية معا فمما لاشك فيه أن هناك رغبة بين الجانبين العربي والتركي لمزيد من الحضور السياسي لتركيا علي المسرح العالمي خاصة مع ما تبديه تركيا من اهتمام بدعم المواقف والحقوق العربة علي الساحة الدولية.. ناقش المؤتمر العديد من الموضوعات المهمة وفي مقدمتها الرقابة المصرفية وتعزيز قدرة الرقيب ومتطلبات بازل(2) وكيفية تفادي الإقتصادات العربية والتركية الأزمات المالية في المستقبل, والحاجة للعب دور أكثر أهمية علي صعيد النظام المالي العالمي. التوصيات درات حول افكار عديدة كان اهمها علي الإطلاق إنشاء مجلس لإدارة المخاطر بمنطقة الشرق الأوسط لتقليل التعرض للأزمات المالية وتسهيل انتقال الخبرات الرقابية بين الدول بالمنطقة وإتخاذ سياسات وتدابير فيما يتعلق بتنفيذ مقررات بازل(2) وقد يمتد نشاط هذا المجلس لتنسيق التعاون المصرفي والمالي بين البنوك المركزية والبنوك بالمنطقة. الشئ المفرح في هذه القمة الإحتفال باختيار الخبير المصرفي المصري عادل اللبان الشخصية المصرفية العربية لعام2009, والأمر الآخر غير السار تمثل في غياب الدكتور فؤاد شاكر أمين عام اتحاد المصارف العربية لظروفه التي حالت دون حضورها مما أفقد القمة الكثير من روحها وانطلاقتها بالرغم من الجهود الواضحة من إدارة الإتحاد لسد هذا النقص والخروج بالقمة للمستوي الذي اعتادته لسنوات طوال تمكن فيها فؤاد شاكر بشخصيته المحبة للجميع من نقل رسالة الإتحاد والنهوض به كمؤسسة حققت نجاحات مشهودا لها.