كتبت : أنجي البطريق: المكتبة المنزلية عادة قديمة توارثتها الأجيال السابقة إلا أنها بدأت في الانقراض وربما الاختفاء تماما من بعض البيوت المصرية, معللين غيابها بوجود الشبكة العنكبوتية. التي تغني عنها من وجهة نظر البعض, أو تسرق الوقت من وجهة نظر البعض الآخر, أو انشغال البعض في العمل وأعباء الحياة.. إلا أن هناك آخرين يرون أن اختفاء المكتبة المنزلية يرجع إلي غياب ثقافة القراءة أساسا لدي المصريين, لأن القراءة من الممكن أن تتم في وسائل المواصلات أو في النادي أو أي مكان يسمح بذلك, ولا نحتاج مساحة أصلا للاحتفاظ بهذه الكتب. ** الاحتفاظ بالكتب في كراتين عادة قديمة اعتاد عليها أحمد صبري طبيب منذ أن كان طفلا صغيرا, وقد غرسها بداخله والده برغم كونه موظفا بسيطا, إلا أن الكتاب كان له جزء مهم في حياته, ويشرح قائلا: إنه ليس المهم أن تقتني الكتب, ولكن المهم أن تقرأ ما تقتني, فكثيرا من ذوي المال أو السلطة يضعون في مكاتبهم ومنازلهم أفخر المكتبات المنزلية علي أحدث الطرز, وبها أمهات الكتب, ولكنهم لا يفتحونها ولا يعلمون عنها شيئا, وهي مجرد وجاهة وهناك بسطاء يحتفظون بها أسفل السرير, ولكنهم يقرأونها بانتظام لاتساع مداركهم. ** أما اتهام الإنترنت بسرقة الوقت وعدم بقائه للقراءة وكان سببا لهروب الكثيرين منها, وبالتالي عدم وجود مكتبة منزلية, هذا ما أكده محمد سعيد مهندس حيث يجد من خلال الإنترنت أي معلومة يحتاجها, كذلك يطلع علي كل ما هو جديد ويبحث عنه من خلال الشبكة العنكبوتية بالإضافة إلي أن المكتبة المنزلية أصبحت موضة قديمة علي حد قوله والسبب في اندثارها عدم وجود الوقت الذي يسمح بذلك. ** إلا أن أهمية القراءة لدي الغرب المتحضر الذي برع في استخدام الحاسب والإنترنت, كان محل لفت أنظار كثيرين من بينهم محمود صابر طالب الفلسفة بآداب القاهرة الذي يقول إنه يستغرق ساعة إلا ربعا ذهابا ومثلها إيابا من وإلي جامعته, وكل ذلك الوقت يستغله يوميا في القراءة ولذلك فهو لديه مكتبة منزلية صغيرة يضعها في أحد أرفف دولابه الشخصي. وأشار إلي أن المشكلة ليست وجود مكان للاحتفاظ بالكتب, ولكن المشكلة في اقتناء الكتب وقراءة ما بداخلها. ** أما اعتبار القراءة هامشية وتغني عنها المعارف التي تقدمها وسائل الإعلام المختلفة خاصة المسموع منها والمرئي, فكان هذا رأي كثير من الشباب ومنهم فاتن الديب طالبة بتجارة عين شمس مؤكدة أن السماء المعلوماتية المفتوحة هذه الأيام جعلت وجود المكتبة في المنزل أمر لا جدوي منه, بل ان كثيرا من الأمهات يعتبرنها لا ضرورة لها.. وعبارات الاستهزاء أو السخرية التي تتوالي من الكثيرين علي من يقرأ حيث يطلقون عليهم سقراط واينشتين وغيرها من الكلمات تجعلنا نعزف عن القراءة أمام الآخرين لدرجة أن هناك البعض إذا رأوا فتاة تقرأ في وسائل المواصلات يعتبرونها لافتة للنظر لأنها تفعل شيئا غريبا غير معتاد, وأنها تفعله لمجرد جذب الانتباه! ** ولكن الانشغال بالحياة والمشكلات الشخصية دافع آخر لعدم وجود مكتبة منزلية.. هذا ما أكده فتحي إسماعيل المدرس حيث إنه كان يقرأ طيلة فترة دراسته وبعد تخرجه من الجامعة, إلا أنه بعد الزواج والأبناء وزيادة أعباء الحياة ومشاكلها قلت القراءة ومع ذلك لا أستطيع إن أستغني عن المكتبة المنزلية الخاصة بي, فإذا كنت لا أقرأ بانتظام إلا أنني أقرأ ولكن علي فترات متباعدة. أما بيع الكتب والتخلص من المكتبة المنزلية.. فهو أمر ضروري لدي محمد صديق المهندس حيث إنها كانت تخص والده وبعد وفاته لن يعود لها فائدة علي حد تعبيره حيث أن القراءة تستهلك الوقت وتحتاج للفراغ وأصبحت عادة قديمة ومجرد وجود الكتب يجمع حوله التراب فقط وليس منه فائدة.. لذلك فنحن نبيعها ليستفيد منها الآخرين ممن يحتاجونها. ** ويري صلاح دسوقي أن وجود المكتبة المنزلية مرتبط بالسن فالقراءة تحتاج للصبر والشباب لم يعد لديه صبر كما أن رتم الحياة أصبح أكثر سرعة وأصبح الشباب يبحثون عن الوسيلة السهلة للوصول إلي المعلومة وليس بالبحث والقراءة اللذين يستغرقان وقتا طويلا.. فلم يعد الجيل الجديد يبحث عن المكتبة المنزلية, فكنا في صغرنا نحفظ الكتب في أدراج مكاتبنا ثم في كراتين ثم في درف كاملة في الدولاب الخاص بنا, وعندما تخرجنا في الكلية وأصبح لنا حياتنا المستقلة فكرنا في إنشاء حجرة مكتب وبها مكتبة منزلية خاصة, ولم نفقد اهتمامنا بالقراءة إلي اليوم.