بالرغم من ان المنتدي حمل اسم التعليم والثقافة كأساس للنقاش والحوار الا ان السياسة كانت مهيمنة علي الأجواء فلم يكن من الممكن ان يتناقش المشاركون في الدورة الثالثة لمنتدي فاس حول الاتحاد من اجل المتوسط حول' الرهانات وتحديات التربية والثقافة'.بدون ان تتصدر عملية الهجوم الذي شنته القوات الاسرائيلية ضد سفينة السلام في مياه المتوسط الاقليمية قبل يومين فقط . وتكون دليلا إضافيا علي ان مشروع الاتحاد من اجل المتوسط لن يحرز أي نجاح ملموس بدون حل القضية الفلسطينية حلا عادلا ودائما. فمنذ ان اطلق الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي مشروع الاتحاد من اجل المتوسط من باريس في عام2008 الذي ضم جميع دول الاتحاد الاوروبي ال27 بالاضافة الي دول جنوب حوض المتوسط بهدف ان يتحول حوض المتوسط الي ساحة من السلام والرخاء, شنت اسرائيل حربا دموية ضد قطاع غزة في نهاية2008 ثم فشل مؤتمر المياه الذي عقد في ابريل الماضي, التوصل الي اتفاق بسبب الخلافات بين المشاركين علي كلمة' الاراضي المحتلة', واخيرا تم تأجيل القمة الثانية التي كان من المقرر عقدها في7 يونيو الحالي في اسبانيا الي شهر نوفمبر المقبل من اجل' اعطاء فرصة للمباحثات غير المباشرة بين اسرائيل والفلسطينيين. لذا لم يكن منتدي فاس استثناء عن المؤتمرات الاخري التي سادها التوتر بسبب الممارسات الاسرائيلية بالرغم من ان هذا المؤتمر يتحدث عن الثقافة والتعليم التي كما قال محمد الدويري رئيس منطقة فاس بولمان' تعمل علي فهم الآخر وتسهم في تحقيق السلام العالمي' وبالرغم من تأكيدات كارولين كورنو نائبة مستشار الرئيس الفرنسي لشئون الاتحاد من اجل المتوسط والتي حضرت لقراءة رسالة الرئيس ساركوزي للمؤتمر ان' المشروع حي ومثالي من اجل تحقيق الوحدة بين دول الحوض المتوسط' وتؤكد مرة اخري انه بالرغم من المأساة التي وقعت فإن شعوب الحوض في حاجة للأحلام لمواجهة الكراهية والانتقام وتكوين' العائلة المتوسطية'. الا ان السياسة كما أوضح شاذلي نفاتي امين عام مساعد بجامعة الدول العربية ووزير سابق بتونس تفرق خاصة أن المشكلة الفلسطينية لم تجد حلا بعد'. وقد يكون هذا سببا في اصرار مؤسسة روح فاس والمركز المغربي متعدد التخصصات للدراسات الاستراتيجية والدولية بتعاون مع مدينة فاس وبشراكة عدة مؤسسات مغربية وأجنبية في تنظيم المؤتمر الحالي ليكون الثالث في سلسلة منتديات عقدت في عامي2008 و2009, يتخصص المنتدي الثالث لبحث تحديات ورهانات التربية والثقافة وقد شارك فيه مجموعة من الاساتذة الجامعيين والوزراء السابقين والدبلوماسيين من مختلف دول الاتحاد الاوروبي وحوض البحر المتوسط خاصة من المغرب العربي المغرب والجزائر وتونس ومن مصر واسبانيا ولبنان وفرنسا وبلجيكا ولم يكن مصادفة ان يعقد المنتدي في الوقت نفسه وقبله قليلا مع احتفالات فاس بالموسيقي الروحانية العالمية وبمنتدي فاس الثالث حول تحالف الحضارات والتنوع الثقافي. تعالت الطموحات عندما تحدث الحاضرون عن التعاون الجامعي ليكون لبنة قوية للاتحاد فمن الجامعة ينشأ كما قال بشارة الخضر استاذ العلوم السياسية في جامعة لوفين ببلجيكا مجتمع المعرفة ويخرج الصفوة ولكن عدم التوازن بين الشمال والجنوب يجعل من تحقيق المساواة تحديا كبيرا. لذا طالب البعض بإعادة النظر في المناهج التعليمية وعدم التعامل معها بصفتها مجموعة من الأفكار ودعا البعض الاخر الي ان تكون تلك المناهج مواكبة لمتطلبات الواقع العربي ومتطلبات الشمال والجنوب لتخرج من المحلية الي العالمية. وقد سرد المشاركون من العرب الآفات المعروفة في نظم التعليم في العالم العربي والتي تتركز علي ضخ المعرفة وعلي التذكر وليس الفهم وأوضحوا الفجوة بين ما يتعلمه التلميذ وبين حياته العملية وذكروا الصراع السياسي في الدول العربية المختلفة وعدم الاستقرار وتفشي الامية وغياب دور المرأة كأسباب لتراجع التعليم فقد اكد البعض ان الوسيلة نحو تقليل الفجوة بين الشمال والجنوب تتلخص في عدد من النقاط منها ضرورة ان يكون هناك ندية بين شاطئي المتوسط واحترام متبادل للتنوع وثقافة الاخر. واكد المشاركون ان احترام التنوع الثقافي والمعرفة به يتأتي بعدد من الاساليب اهمها الترجمة من وإلي العربية ومن وإلي اللغات الاوروبية الاخري, فإن الترجمة كما اكد د.أسامة نبيل استاذ بجامعة الازهر وعميد كلية الترجمة بجامعة6 اكتوبر ستساعد علي الحوار ونقل الافكار. ومن اجل نهضة التعليم في العالم العربي دعا صباح ياسين مدير مركز دراسات الوحدة العربية في لبنان وسفير سابق من العراق الي رسم خريطة طريق للتعليم وتوحيد الارادة السياسية والحوار مع الاخر والشفافية والمشاركة الديمقراطية مشيرا إلي أن تحديث التعليم في رأي صباح ياسين لا ينفصل عن المشروع العربي العام والكامل. تحدث معظم المشاركون عن وجود خلل وعدم ثقة بين الشمال والجنوب والذي من شأنه ان يصبح عائقا أمام حرية الحركة والتواصل الفكري بين ضفتي المتوسط فالشمال يضع العقبات امام حرية الحركة من الجنوب مما يؤدي الي عرقلة التواصل بين الأفكار مع الجنوب, فحركة البشر والافكار يجب ألا تكون في اتجاه واحد من الشمال الي الجنوب ولكن يجب ان تسير في الاتجاهين معا. لذلك رأي المشاركون اهمية وجود جامعة متوسطية وتعاون في البحث العلمي وتبادل الطلبة والتلاميذ حتي يتم التعارف والاحتكاك بين ابناء الأجيال الجديدة, وكما اعربت عنها د. فاتن غدوار استاذة جامعات معهد السوربون في القاهرة بناء الهوية المتوسطية حيث يمكن لكل جانب ان يسهم في تنمية وتحسين تلك الشراكة. ودعت الدكتورة التي جاءت من تونس جامعات الجنوب ان تقدم نفسها لجامعات الشمال ولا تنتظر من الشمال دعوة لذلك. ان عدم معاقبة اسرائيل علي ممارستها التي تنتهك كل الاعراف الدولية والانسانية من شأنه ان يجعل من كل محاولة لتحقيق الوحدة السياسية والثقافية والاقتصادية والتعليمية بين دول حوض البحر المتوسط واعضاء الاتحاد من اجل المتوسط حلما صعب المنال خاصة أن تلك الوحدة يجب ان تقوم اساسا علي المساواة والندية والعدالة واهم من كل ذلك تقوم علي الثقة.