كتب : محمد فؤاد علي الرغم من العلاقات المتميزة التي تتمتع بها إسرائيل بالاتحاد الأوروبي إلا اننا شاهدنا في الآونة الاخيرة توترا ملحوظا في تلك العلاقات ظهر بوضوح خلال وعقب الحرب الإسرائيلية الاخيرة علي غزة. وبعد الهجوم الإسرائيلي علي أسطول الحرية تبلور الموقف الأوروبي أكثر وطالب إسرائيل بتحقيق حيادي ودولي فيما حدث. والحقيقة ان الموقف الاوروبي لم يأت وليد الصدفة فقد جاء بعد ان كانت إسرائيل تتمتع بوضع متميز في علاقاتها بالاتحاد إلا أن هذا الوضع المتميز لم ينعكس علي وجود تأثير للاتحاد الاوروبي علي إسرائيل فيما يتعلق بعملية السلام. ففي الوقت الذي تشارك فيه إسرائيل في جميع برامج الاتحاد الأوروبي التنموية ووسط مطالبات دولية بوقف بناء المستوطنات الإسرائيلية علي الأراضي الفلسطينية, وجدنا موقف أوروبيا حازما يرفض منح المستوطنين الإسرائيليين قروضا من الحكومة الإسرائيلية. وقد تبع هذا الموقف تصريحات أوروبية تؤكد ان الاتحاد الاوروبي سيعترف بالقدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين. وهنا وجدنا إسرائيل تهدد الاتحاد الأوروبي بأنها ستوقف التفاوض معه فيما يتعلق بعملية السلام إذا اعترف بالقدس الشرقية. وفي ديسمبر عام2009, أعلن الاتحاد الاوروبي انه قرر وقف أي محادثات حول تعزيز التعاون بينه وبين إسرائيل في أي مجال من المجالات قرار الاتحاد الاوروبي جاء في اعقاب الإدانات الدولية لما اقترفته إسرائيل من جرائم خلال حربها الاخيرة علي غزة وما تضمنته الحرب من قتل للاطفال الأبرياء واستهداف للمدنيين دون تفرقة بين سيدة أو طفل او حتي صبي صغير. والأمر لم يقتصر علي ذلك فقد وجدنا تصريحات لخافيير سولانا منسق العلاقات الخارجية للاتحاد الأوروبي يطالب فيها بضرورة ان يصدر مجلس الأمن قرارا يقضي بتحديد موعد نهائي لإقامة الدولة الفلسطينية مادامت إسرائيل تماطل نحو اتخاذ هذه الخطوة. وفي دولة مثل بريطانيا وجدنا أن لندن فرضت حظرا شاملا تقريبا علي تصدير الاسلحة لإسرائيل وهذا الحظر جاء استجابة من حكومة براون السابقة لضغوط من أعضاء البرلمان وجماعات حقوق الإنسان البريطانية. والحقيقة ان المواقف الأوروبية نابعة من ضغوط شعبية علي الحكومات ففي هذه الحالة عندما تشعر تلك الحكومات المنتخبة ديمقراطيا بتنامي الغضب الشعبي من المواقف الإسرائيلية لايكون أمامها سوي التفاعل معه لأن تجاهله يعني خسارة المعركة السياسية الداخلية لأي حكومة. وقد ظلت الامور بين إسرائيل وأوروبا علي هذا المنوال إلي ان جاءت حادثة اغتيال القيادي في حماس محمود المبحوح في دبي. واكتشفت السلطات آنذاك أن إسرائيل استخدمت جوازات سفر مزوة لجنسيات اوروبية حتي تسهل دخول عملاء الموساد إلي دبي. بدا مسلسل استدعاء سفراء إسرائيل في عدد من الدول الاوروبية احتجاجا علي تلك التصرفات لتزداد الازمة تفاقما بين أوروبا وإسرائيل بسبب تعامل الإسرائيليين مع المدنيين الفلسطينيين. تلك التطورات أدت إلي تصريح من وزير الخارجية الإسرائيلية أفيجدور ليبرمان قال فيه إن إوروبا لن تستطيع أن تفرض علي إسرائيل اتفاقا في عملية السلام وذلك في استياء واضح من المواقف الاوروبية التي لاتعلق عليها واشنطن حرصا علي علاقاتها بإسرائيل حليفتها التقليدية في المنطقة. وحتي عقب الهجوم الذي استهدف أسطول الحرية استدعت العديد من الدول الأوروبية سفراء إسرائيل لديها للإعراب عن رفضها للتصرفات الإسرائيلية. وطالبت كبريات الدول الاوروبية بضرورة أن يتم إجراء تحقيق دولي في الهجوم الذي راح ضحيته نشطاء أبرياء برصاص قوات الكوماندوز الإسرائيلية. ولاشك ان هذ الأصوات الأوروبية تكشف عن مدي تنامي الوعي الأوروبي لخطورة إسرائيل ليس فقط علي السلم في منطقة الشرق الاوسط وإنما أيضا السلام في العالم ككل. والحقيقة أنه رغم المواقف الاوروبية التي أظهرت مدي تغير السياسة الاوروبية تجاه إسرائيل إلا ان الدول العربية لم تستثمر المواقف الاوروبية وتبني عليها فهي حتي الآن تراوح مكانها. ورغم المواقف الأوروبية الاخيرة فإنه مازال هناك حاجة إلي وقفة أكثر جرأة من هذه أمام إسرائيل حتي يتأتي وقف الاستيطان وإنهاء الحصار علي غزة وبالتالي تحديد موعد لقيام الدولة الفلسطينية. [email protected]