رئيس جامعة حلوان يهنئ السيسي والأمة الإسلامية بحلول عيد الأضحى المبارك    حزب "الوعي" يفتتح مقره في الجيزة    للتهنئة ب عيد الأضحى.. وفد كنسي يزور أوقاف البحر الأحمر    «الزراعة» تتابع إجراءات منع التعدي على الأراضي الزراعية خلال عيد الأضحى    الاتحاد الأوروبي يعلن حزمة دعم ب 175 مليون يورو لسوريا    بريطانيا: نظام المساعدات الإسرائيلي الجديد لغزة غير إنساني    الرئاسة الفلسطينية: حرب الإبادة وإرهاب المستعمرين والفيتو الأمريكي لن يحقق الأمن لأحد    القنوات الناقلة مباشر لمباراة العراق ضد كوريا الجنوبية في تصفيات كأس العالم 2026    «ضغط الفشل في العمل العام».. رسالة نارية من عضو مجلس الأهلي بعد إساءة هاني شكري    «يسافر مع الخطيب».. الغندور يكشف موعد طائرة زيزو إلى أمريكا    مصرع شاب دهسا أسفل عجلات سيارة نقل ثقيل في الفيوم    استعدادا ل عيد الأضحى.. رفع درجة الاستعداد داخل مستشفيات دمياط    احتفالا بالعيد.. عروض فنية لقصور الثقافة بمتحف الحضارة ونادي 6 أكتوبر    تهنئة عيد الأضحى 2025.. أجمل العبارات المكتوبة (ارسلها لأحبائك الآن)    3 أبراج تهرب من الحب.. هل أنت منهم؟    كيف تؤدى صلاة العيد؟.. عدد ركعاتها وتكبيراتها وخطواتها بالتفصيل    لإفطار يوم عرفة.. طريقة عمل طاجن البامية باللحمة (بالخطوات)    جامعة بنها تشارك في النسخة الثالثة من المؤتمر الدولي للمناخ والبيئة    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس والشعب بيوم عرفة وعيد الأضحى المبارك    تردد القناة الناقلة لمباراة الزمالك وبيراميدز في نهائي كأس مصر    أول تعليق من بسمة بوسيل بعد تحسن حالة نجلها آدم تامر حسني الصحية    وزير الكهرباء يبحث مع «أميا باور» الإماراتية تعزيز التعاون بمجالات الطاقة المتجددة    من عرفات.. دعاء مؤثر للشيخ خالد الجندي    المصرية للاتصالات WE تعلن الإطلاق الرسمي لخدمات الجيل الخامس في مصر    الأعلى للمستشفيات الجامعية يخصص 56 مركزًا لعلاج الأمراض الوراثية لحديثي الولادة بالمجان    مستشفى بدر الجامعي جامعة حلوان ترفع درجة الاستعداد القصوى بالتزامن مع عيد الأضحى    استشاري تغذية مُحذرًا من شوي اللحمة: يعرّض للإصابة بالأورام - فيديو    مفاجأة.. ماسك طلب تمديد مهمته في البيت الأبيض وترامب رفض    الأهلى يرفع شعار التحدى فى كأس العالم للأندية بعد صفقات الميركاتو    محمد حماقي يشعل حفل زفاف محمد شاهين| صور    مجلس الزمالك يصرف دفعة من مستحقات اللاعبين قبل نهائي الكأس    "معقولة بيراميدز يتعاطف مع الزمالك ويمنحه الكأس؟".. شوبير يطلق تصريحات نارية    بث مباشر من عرفة الآن.. الحجيج على عرفات وصلاة الظهر والعصر جمعًا والمغادرة عند الغروب    هزات كريت تصل إلى الإسكندرية.. والحديث عن تسونامي لم يعد بعيدًا.. خبيرًا باليونسكو يكشف ل "الفجر"    ألمانيا تسعى لبناء أقوى جيش أوروبي.. تحديات ملحة وخطط طموحة حتى 2029    21 ألف جنيه تراجعًا بأسعار "باجاج كيوت" أرخص مركبة جديدة بمصر.. التفاصيل    أثناء كلمة مندوب إسرائيل.. انسحاب وفد مصر من مؤتمر العمل الدولى بجنيف تنديدًا بجرائم الاحتلال    هيئة التأمين الصحي الشامل تعلن مواعيد العمل خلال إجازة عيد الأضحى    «24 ألف ماكينة ATM».. خطة البنوك لتوفير النقد للمواطنين خلال إجازة العيد    قبل عيد الأضحى.. حملات تموينية بأسوان تسفر عن ضبط 156 مخالفة    وزير التعليم العالي: إعداد قيادات شبابية قادرة على مواجهة التحديات    داعية: زيارة القبور في الأعياد من البر وتذكره بالآخرة    ارتفاع أسعار 3 أنواع من الكتاكيت واستقرار البط اليوم الخميس 5 يونيو 2025    التنظيم والإدارة: إعلان باقي مسابقات معلم مساعد لمعلمي الحصة خلال يونيو الجاري    «في وقفة عرفات».. موعد أذان المغرب بالمحافظات    الاحتلال يستهدف صحفيين في مستشفى المعمداني واستشهاد 3    إنزاجي: الهلال فرصة عظيمة.. وأرغب بتحقيق البطولات وتقديم كرة ممتعة    من مسجد نمرة إلى جبل الرحمة.. الحجاج يحيون الركن الأعظم في تنظيم استثنائي    مصرع عامل في حادث انقلاب دراجة نارية بالمنيا    اليوم وغدًا.. نجوم الإعلام ضيوف معكم منى الشاذلي    تكثيف الحملات التموينية المفاجئة على الأسواق والمخابز بأسوان    أسعار البيض بالأسواق اليوم الخميس 5 يونيو    «مسجد نمرة».. منبر عرفات الذي بني في مكان خطبة الوداع    الدفاع الأوكرانى: أوكرانيا ستتلقى 1.3 مليار يورو من حلفائها العام الجارى    مسجد نمرة يستعد ل"خطبة عرفة"    عالم أزهري: أفضل أيام العشر يوم النحر يليه يوم عرفة    شريف بديع ل الفجر الفني: كنت شاهد على تحضيرات ريستارت..ورسالته مهمه وفي وقتها ( حوار)    أحمد سالم: صفقة انتقال بيكهام إلى الأهلي "علامة استفهام"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين والسياسة في فكر الجابري‏
نشر في الأهرام اليومي يوم 30 - 05 - 2010

ترك المفكر المغربي محمد عابد الجابري لنا قبل رحيله عشرات الكتب وآلاف المقالات والدراسات تقودنا إلي العوامل الأساسية لتحديث المجتمعات العربية وتجديد العقل العربي وهي أولا‏:‏ تحقيق النهضة الاقتصادية‏.‏ ولن تتحقق هذه النهضة بعشوائية السوق ولكن في ظروف المجتمعات العربية. لابد من التخطيط وتدخل الدولة لضبط المسار وحماية الاقتصاد من الانحراف والسير في الطريق الخطأ‏,‏ ولضمان أن تكون ثمار التقدم الاقتصادي لصالح المجتمع وليست لصالح مجموعة أو طبقة وحدها‏.‏ وثانيا‏:‏ إن النهضة لن تتحقق إلا بالتقدم العلمي واللحاق بما وصلت إليه علوم العصر‏,‏ والبداية لذلك تحديث التعليم وتغيير مناهج وأساليب التعليم الحالية المسئولة عن تخلف العقل العربي‏.‏ وثالثا‏:‏ إن النهضة لا تكون كذلك إلا إذا كانت ذات طابع حضاري وانساني وهذا يعني ضرورة غرس ثقافة احترام حقوق الانسان التي أصبحت لها الأولوية في القرن الحادي والعشرين‏.‏
وفي رأي الجابري أن العقل السياسي العربي مر بثلاث مراحل‏:‏ مرحلة الدعوة في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم‏,‏ ومرحلة الردة بظهور مدعين للنبوة بعد وفاة النبي صلي الله عليه وسلم‏,‏ ثم مرحلة الفتنة في السنوات الأخيرة من خلافة عثمان‏,‏ وفيها طرحت مشكلة الحكم بكامل أبعادها‏,‏ وتأسست السياسة بعد فراغ دستوري أدي إلي هذه الفتنة لعدم وجود أسلوب مقنن لاختيار الحاكم‏(‏ الخليفة‏)‏ أو مدة ولايته أو تحديد اختصاصاته بما يعني أن سلطته يمكن أن تكون سلطة مطلقة‏,‏ وهذا ما جعل كل حاكم يمارس الاختصاصات التي يحددها هو لنفسه‏,‏ ومع ذلك لم يخل التاريخ الاسلامي من حكام عملوا بالشوري والتزموا برعاية عموم المسلمين من أمثال عمر بن عبد العزيز ولكنهم كانوا استثناء‏.‏
وتعتمد نظرية الجابري علي أن العقل السياسي العربي تكون منذ البداية من ثلاثة عناصر لاتزال هي المؤثرة في الفكر والسلوك السياسي العربي هي‏:‏ العقيدة‏,‏ والقبيلة‏,‏ والغنيمة ولا تزال هذه العناصر مؤثرة في الحياة السياسية في العالم العربي الي اليوم‏.‏ والعقيدة في العقل السياسي العربي لا تقوم علي البرهان أو الدليل ولكن تقوم علي الاعتقاد‏,‏ وهي المؤثرة في عقل الجماعة وتنتج المنطق الخاص بها الذي يحرك سلوك الجماعة‏,‏ ولا يتحرك الفرد المسلم بمعزل عن العقيدة‏,‏ ولا يقبل المساس بها‏,‏ بل إنه مستعد للتضحية بحياته دفاعا عن عقيدته‏,‏ وعلي ذلك فإن العقيدة يجب أن تكون في حسبان كل من يسعي الي الاصلاح السياسي أو الي القيادة وممارسة السياسة في العالم العربي‏.‏
العنصر الثاني المكون للعقل السياسي العربي يسميه الجابري الغنيمة ويعني به أن الاقتصاد في العالم العربي قائم في الغالب علي الريع و الضرائب وليس علي العمل والانتاج‏,‏ فهو اقتصاد ريعي وليس اقتصادا انتاجيا‏,‏ والعقلية الريعية هدفها الحصول علي الدخل دون تقديم مقابل‏(‏ عمل وانتاج‏)‏ وتؤمن بأن الدخل رزق‏,‏ أو حظ‏,‏ يرتبط بالظروف وتدبير القدر‏,‏ وليس مرتبطا بعمل أو انتاج وما يتطلبه كل منهما من جهد ومخاطرة‏,‏ أما العقلية الانتاجية‏(‏ في الغرب‏)‏ فهي تؤمن بأن العائد أو الايراد لا يمكن الحصول عليه إلا بالعمل وبذل الجهد وبمدي اتقان العمل‏,(‏ عقلي او بدني‏)‏ أو مقابل المخاطرة وكل ذلك في إطار تصور متكامل يسود المجتمع للنظام الانتاجي ولدور الفرد وأهميته في هذه المنظومة‏.‏ ويشير الجابري الي تعبير ابن خلدون عن الاقتصاد الذي لا يقوم علي الانتاج بقوله‏:‏ إن الدولة تجمع أموال الرعية وتنفقها في بطانتها ورجالها ثم من تعلق بهم فتعظم ثرواتهم وتتزايد عوائد الترف وهذا مذهب في المعاش غير طبيعي‏.‏
والعنصر الثالث المكون للعقل السياسي العربي هو روح القبيلة ويعني به أسلوب في الحكم وسلوك اجتماعي وسياسي يعتمد علي المقربين وذوي القربي ولصالحهم‏,‏ سواء كانت القرابة بالدم‏,‏ أو بالانتماء الي مدينة أو طائفة أو حزب أو المصلحة‏.‏ والقبيلة السياسية تضم جماعة‏(‏ صغيرة أو كبيرة‏)‏ تقوم علاقتها بغيرها من الجماعات علي الصراع الذي يعبر عن نفسه بالمبدأ‏:(‏ أنا وأخي علي ابن عمي‏,‏ وأنا وابن عمي علي الغريب‏).‏ ومنذ بداية الدعوة في مكة كان الاضطهاد والتعذيب مقصورا علي الذين أسلموا وليست لهم قبيلة تحميهم وهذا ما أدي إلي أن أمرهم الرسول صلي الله عليه وسلم بالخروج من هذا الطوق القبلي بالهجرة الأولي الي الحبشة‏.‏ أما الذين أسلموا من سادة قريش من القبائل الكبري فلم يتعرض لهم أحد‏(‏ من أمثال أبي بكر وعمر وعثمان‏..‏ الخ‏).‏
وهكذا يصل الجابري الي نتيجة هي ضرورة تحديث العقل السياسي العربي بما في ذلك اللا شعور السياسي الذي يقود السلوك السياسي دون أن يظهر لأنه كامن في منطقة اللاوعي التي نبهت إليها مدرسة التحليل النفسي‏.‏
ويري أنه لن يتم تجديد العقل العربي إلا بتحويل القبيلة إلي مجتمع حديث أي إلي تنظيم مدني سياسي‏(‏ أحزاب نقابات جمعيات أهلية مؤسسات دستورية‏)‏ أي مجتمع فيه تمايز واضح بين الدولة وأجهزتها وبين التنظيمات الاجتماعية المستقلة عن الدولة وأجهزتها وتحويل الاقتصاد الريعي الي اقتصاد انتاجي‏,‏ وتحويل التعصب الطائفي والمذهبي الي مجرد تعددية في الرأي لا تفسد للود قضية بحيث لا يدعي واحد أو جماعة بامتلاك الحقيقة المطلقة وبذلك يكون المجال واسعا لحرية التفكير وحرية الاختلاف والتحرر من سلطة الجماعة المغلقة وينتهي عصر التعصب والتطرف والعقل المغلق الجامد‏,‏ ويسود العقل الاجتهادي النقدي المتحرر‏,‏ وبدون الحرية لممارسة التفكير والنقد بروح علمية سيبقي كل حديث في العالم العربي عن النهضة والتقدم والوحدة حديث أحلام‏.‏
المزيد من مقالات رجب البنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.