بعد غد, تحتفل الإذاعة المصرية بعيدها السادس والسبعين وبداية عام جديد من عمرها, اظن ان كل يوم من أيامه يتطلب جهدا أكبر ورؤي اوضح لبلورة خطط عمل تتواءم مع المستجدات والقضايا0الآنية الملحة سواء علي الساحة المحلية أو الإقليميةأو الدولية والتي باتت تفرض نفسها وتمس حياة المواطن المصري العادي. وإذا كنا في الأعوام الماضية قد حاولنا ان نشارك الإذاعة المصرية الاحتفال بعيدها من خلال رصد وتسجيل الدور المهم الذي لعبته الإداعة المصرية علي مدي سنوات عمرها في حياتنا السياسية وفي تأصيل مفاهيم اجتماعية وثقافية, ومن خلال تأكيد حقيقة أن تراثها النادر يمثل سجلا يحفظ ذاكرة الأمة, فإن مجريات الأحداث الحالية علي الساحة الإفريقية والأزمة التي فجرتها اتفاقية عنتيبي ومايمكن ان تحمله من تداعيات تؤثر علي النيل, شريان الحياة في مصر, وماورد في معظم التغطيات الإعلامية التي تناولت هذه القضية من منظور احادي او طبقا لحسابات ورؤي مسبقة تجاهلت المتغيرات التي شهدتها القارة الإفريقية منذ توقيع اتفاقية عام1959 الخاصة بحصص الدول من مياه النيل, تفرض علينا ان نتوقف قليلا امام حقيقة غياب صورة واضحة عن القارة التي ننتمي لها وعن ابنائها وتراثها, الامر الذي رسخ في اذهان معظمنا صورا شائهة عنها وعنهم والاستنامة لصور زائفة ومعطيات ومقدمات خاطئة كفيلة ان تفسد قواعد الاستنتاج المنطقي والنتائج والاحتمالات المتوقعة. ولعل هذا السياق نفسه هو الذي يفرض علينا ان نتساءل عن الدور الذي لعبه الاعلام والثقافة في في تشكيل هذه المنظومة الفكرية عن القارة الإفريقية وما ادت إليه من تداعيات, ازعم انها لم تفاجئ كثيرين, منا ممن اكدوا خلال العقود الماضية ضرورة الاهتمام بقارتنا السمراء باعتبارها العمق الاستراتيجي لمصر. وبغض النظر عن نظريات جلد الذات والبكاء علي اللبن المسكوب, اظن ان الإذاعة المصرية سواء من خلال برامجها الموجهة أو البرنامج الثقافي او المحطات الإذاعية الأخري قد لعبت ولو علي استحياء دورا في إيجاد نوع من الرابطة الثقافية بيننا وبين أبناء قارتنا, فرغم انني لا أدعي العلم بالمواد التي كانت تبثها الإذاعة المصرية عبر محطاتها الموجهة والتي كان من بينها بث باللغة السواحيلي, فإنني ازعم انه علي الرغم من ندرة البرامج الدرامية والحوارية في الإذاعة المصرية, فإن هذا القليل جدا من المواد الاعلامية والثقافية استطاع في فترة ما ان يقدم للقارئ المصري لمحة ولو سريعة عن قارتنا السمراء. والآن في ظل المتغيرات الجديدة التي اوضحت بما لايدع مجالا للشك ان إفريقيا التي عرفناها عبر عيون الغرباء وسجناها لعقود طويلة في اطر عقلية ضيقة, تتغير وتتبدل مثلما نتغير نحن ومثلما تتبدل كل الأشياء والاحوال( وسبحان من له الدوام) تفرض علينا جميعا وعلي العاملين في الحقل الثقافي والاعلامي بذل جهد مكثف لتحقيق التواصل الثقافي والمعرفي مع أبناء قارتنا وهو دور اظن ان الإذاعة المصرية لابد وان توليه اهتماما أكبر في عيدها السادس والسبعين, علي ان لايقتصر الأمر فقط علي دعم البرامج الموجهة أو البرنامج الثقافي فقط, بل أن يمتد لتصبح حكايات الشعوب وثقافاتها المتنوعة والحوارات مع ابناء القارة وتغطية انشطتهم داخل الحدود وخارجها جزء من الخريطة اليومية للإذاعة المصرية ولقنواتنا التليفريونية وان يتم ذلك من خلال التنسيق مع وزارة الثقافة واجهزتها المعنية بالانشطة الثقافية في الخارج والسفارات الإفريقية. وأخيرا هل نأمل ان تكون احتفالاتتا بعيد الإذاعة المصرية في هذا العام دعوة لتنسيق الجهود بين كل الجهات المعنية بالثقافة والاعلام في قارتنا السمراء وتأكيد ان المعرفة والتواصل والحوار الثقافي اول الطريق لزيادة ساحات التفاهم وتقليل درجات العداء واحتمالات التميز والتعصب اللاعقلاني؟!.. نرجو ذلك.. [email protected]