د. علا محمد عبدالمنعم أسيوط : بعد يوم طويل من العمل الشاق في العاصمه الضبابيه المتجمده عادت اخيرا الي الفندق مشاعر كثيره و متضاربه تنتابها في هذا البلد....تتعجب من البشر هنا هل حقا تؤثر بروده الجو علي سلوك الناس فتجمد ملامحهم و تصرفاتهم و مشاعرهم ؟ حتي مشيتهم تشعر معها انك امام انسان آلي يتحرك بكل هدوء و تأني........اووووووف ما هذا الملل؟ تدخل الي قاعه الطعام و تطلب حساء ساخنا لعله يكون حلا لمعادلة الصقيع التي ارهقتها انسانيا حتي الحساء بعد ارتشاف ثاني ملعقه تحول الي مجرد ماء مثلج لا طعم فيه ولا حياه تتعجل في طعامها املا في ليله هادئه تقضيها في السرير امام التلفاز تبحث في قنوات التلفاز عن اي شيء يلفت نظرها......لا شيء....لاشيء حتي برامجهم ياربي مثلهم متجمده تطلب من خدمه الغرف شيكولاته ساخنه و تلح عليهم ان تكون ساخنة جداااااااااا ماهي الا لحظات و اتي لها ما طلبت.......تمسك به بين يديها املا في بعض الدفء المصطنع تتناهي الي سمعها اطراف من موسيقي شرقيه لم تسمعها من قبل..... خليط بين شجن العود و بهجه دقات طبل مع صوت القانون المميز تشكر الله علي انها لم تبدل ملابسها بعد.......تسرع خارجه من غرفتها متحركه بكل بطء في الممر الذي يجمع ابواب الغرف اصبحت الان امام الموسيقي المنبعثه وجها لوجه جرأه غريبه انتابتها,تنبهت لها عندما وجدت اصابعها تطرق علي باب غرفه لا تعرف صاحبها او صاحبتها باب الغرفه ليس بالمغلق.......تمشي, هي الآن داخل الممر في بدايه الغرفه هي ليست غرفه كغرفتها بل جناح كبير ومتسع تتلفت حولها علها تجد من تستاذن منه للدخول او تعتذر له علي اقتحامها خلوته تجده جالسا علي كرسي انيق مثله تماما.....شخص انيق جدا بل يكاد ان يكون من النبلاء او العظماء ليس هذا وصفا ماديا بل هو شرح لحاله, تراه هي ربما لاول مره في حياتها تتبادل معه ابتسامه مرتبكه و متوتره سرعان ما تهدا من حميميه نظراته و وداعه ابتسامته و دفء شفتيه عندما قبل يدها مرحبا بها يضغط علي زر الصوت في جهاز الموسيقي عنده فيتعالي لحن اندلسي رائع يحمل مشاعر الغربه و الحنين الي ماض ضاع منا بعد ان كنا صانعيه.....ماض صنعناه بكفاح اسلافنا و دمائهم و بعناه بعد ان فرطنا و ضعفنا و بعنا و هادنا يسحب عوده من جرابه و يبدأ في العزف عليه و كأنها تلاشت من امامه ولا يراها اللحن الذي يعزفه تكامل تماما مع الموسيقي الصادره من الجهاز و كأنه الجزء الناقص منه منحها هذا اللحن سحرا غريبا........تنظر حولها وكان الجدران قد تبدلت و تحولت الي جدران قصر اندلسي عريق علت قبابه و نقشت جدرانه بماء الذهب بعبارات من اشعار الاجداد و بعض ايات القرآن حتي هي تحولت الي اميره عربيه اندلسيه تتحلي بأفخر الثياب يفوح في المكان عبق عطر غامض,خليط من بخور و مسك و صندل يمنحها شعورا خفيا ببهجة لا تدرك لها سببا او معني يتقدم اليها و علي انغام العود المستمره بدون عازف يمسك يدها و يتجول بها في ارجاء القصر يصلان الي بحيره صناعيه في وسط القصر.....تجلس علي حافتها... وتميل بوجهها فيرتسم علي وجه الماء وجها لم تهتم يوما بملاحظته او متابعته متابعه جديه هل تبدلت ملامحها.... مازالت كما هي...... لا تعرف يخرج من جيبه زجاجه صغيره بها بعض من عطر يمسح بريشتها علي يدها فتنتشر الرائحه فواحه في ارجاء المكان تتعالي الموسيقي وتزداد بهجتها و تتركز نظراتها عليه و تبدأ في الغناء والتمايل مع الموسيقي متناسيه وجوده في المكان و كأنها لا تراه مازالت الموسيقي منبعثه و مازال العطر في يدها تضع يدها علي انفها لتعيش في داخل عطرها....... و تغمض عينيها بشده محاوله تذكر ملامح طيف ربما كان معها منذ قليل.