بدأت الأصابة بمرض ضعف السمع تأخذ شكلا يكشف عن ازدياد حجم خطره أمام غياب قاعدة البيانات والمعلومات التي يتعين وجودها للتعامل مع المرض بصورة اكثر دقة وفي وقت لم تعد فيه الخطط الحكومية الصحية توليه الرعاية الكافية هناك اكثر من140 الف حالة تحتاج الي17 مليار جنيه لاجراء عمليات زراعة القوقعة بينما التأمين الصحي يقف عاجزا عن تدبير الاعتمادات المالية اللازمة لكل الحالات رغم قرار رفع مساهمته الي90 الف جنيه لكل حالة. ودفعت التكلفة الباهظة لعملية زراعة القوقعة بالمستشفيات الجامعية الي رفع اسعارها لتصل الي130 الف جنيه وكان لذلك ابلغ الأثر في تعقيد المشكلة لتلقي بظلالها الوخيمة علي الحالات المرضية.. مما يتطلب تحركا سريعا لدرء مخاطر المرض. ويكشف الدكتور اسامة عبد الحميد استاذ الانف والأذن والحنجرة بطب عين شمس ورئيس مجلس ادارة جمعية نحو سمع أفضل ابعاد المشكلة قائلا: تزداد أزمة ضعاف السمع تعقيدا في ظل ارتفاع معدلات الاصابة حيث أثبتت الاحصاءات اصابة9 حالات من بين كل الف مولود وهذه المؤشرات تدق ناقوس الخطر وتؤكد الحقائق ان استمرار وجودها يؤدي الي تفاهم المشكلة.. فنحن لا نملك المعلومات المطلوبة بشأن انتشار المرض وتوزيعه في مناطق الجمهورية واسبابه الحقيقية وتأخر تشخيص مرضي ضعف السمع وعدم وجود برامج المسح وخاصة لحديثي الولادة ومرحلة ماقبل المدرسة وغياب الخدمات الكافية فيما يتعلق بالتشخيص والعلاج في المناطق الريفية وقلة الوعي بين المخططين والعامة للوقوف علي أبعاد المشكلة ووضع الرؤي والافكار للتعامل معها وشبه غياب للتعليم الخاص بضعاف السمع باعتباره متاحا فقط في المدن الكبيرة ويأتي فوق كل ذلك علي حد قوله التكلفة الباهظة لزراعة القوقعة داخل الأذن.. حيث لاتتحمل الدولة كل عمليات الزراعة المطلوبة ولايوجد تعاون مناسب بين المراكز الاكاديمية والطبية ومنظمات العمل المدني في مجال العناية بالسمع والأذن. ويستطرد الدكتور اسامة عبد الحميد قائلا إنه في عام2005 اجرت مصر دراسة ميدانية علي ضعف السمع بالاشتراك مع منظمة الصحة العالمية وبلغت نسبة ضعف السمع16% وتعد الاعلي بين الدول العربية ذات نفس الطباع والعادات كما بلغت نسبة الاصابة في الاطفال اقل من4 سنوات4,22% وهي نسبة خطيرة تعكس حجم المشكلة المستقبلية في المجتمع. ورصدت الدراسة ان أهم اسباب ضعف السمع التهابات الاذن الوسطي ومضاعفاتها ثم الاسباب الوراثية والخلقية والتي تسبب ضما كاملا لحديثي الولادة مما يؤدي الي عدم الكلام وان حوالي8% يعانون من ضعف سمع شديد يحتاج الي سماعات قوية و2% تتطلب حالاتهم زراعة قوقعة ويقدر عددهم ب140 الف حالة بتكلفة تقديرية17 مليار جنيه. لذلك جاء تكوين جمعية نحو سمع افضل للعمل علي تطبيق توصيات الدراسة بتدعيم التعاون بين الجامعات والمراكز الطبية وجمعيات العمل المدني ويتعين علي المجتمع والحكومة ان يكونا علي دراية كاملة بحجم المشكلة وتأثيرها علي التنمية وتوعية وتثقيف الافراد لتجنب المشكلة مثل زواج الاقارب وفحص ما قبل الزواج ومتابعة الحمل والولادة وعلاج التهابات الاذن وأخذ التطعيمات اللازمة للاطفال, واشراك المجتمع المدني في برامج تأهيل ضعف السمع وتحمل جزء من التكلفة, وتشمل التوعية والعلاج وإجراء عمليات زراعة القوقعة لاستعادة السمع والكلام. حملة قومية وبحسب مايؤكده رئيس مجلس ادارة جمعية نحو سمع أفضل بأن هناك حملة قومية انطلقت بالفعل.. هدفها تمويل تكاليف عمليات زراعة القوقعة للاطفال الذين حصلوا علي دعم جزئي من التأمين الصحي واجراء مسح طبي وسمعي في المناطق التي تفقد الي هذه الخدمة ويأتي علي رأسها منشية ناصر والنهضة وغيرهما وتشكل لجنة وطنية من الجامعات والمراكز الطبية لوضع خطط مستقبلية وانشاء قاعدة بيانات متكاملة عن السمع. يعترف الدكتور محسن جورج رئيس الادارة المركزية للشئون الطبية للتأمين الصحي بضيق ذات اليد وضعف الموازنة المخصصة لرعاية الاطفال ضعاف السمع نتيجة لزايدة الطلب علي زراعة القوقعة حيث يتوقع تفاقم المشكلة خلال الفترة القادمة وعلي حد قوله استطاع التأمين الصحي خلال عام2012 علاج377 حالة بتكلفة17 مليون جنيه ويتوقع زيادة الحالات خلال عام2013 الي اكثر من500 حالة, فهذا يشكل في حد ذاته عبئا جسيما علي الميزانية المخصصة للتأمين الصحي علي اعتبار ان هناك امراضا اخري ذات خطورة صحية وتحتاج الي دعم مالي كبير ويصعب الاستمرار في تكاليف عمليات زراعة القوقعة دون سقف.. فقد وجدنا انه خلال شهر واحد فقط دفعنا10 ملايين جنيه.. نحن امام مشكلة معقدة وتتطلب تضافر جهود المجتمع المدني والجمعيات الأهلية العاملة في المجال الطبي. في ضوء ما يؤكده رئيس الادارة المركزية للشئون الطبية بالتأمين الصحي فأن مساهمة التأمين في عمليات زراعة القوقعة لاتتجاوز45 الف جنيه لكل حالة خلال العام الماضي وخلال هذا العام تقرر زيادة المساهمة الي90 الف جنيه وفوجئنا بقضية خطيرة ان المستشفيات الجامعية قد اقدمت علي رفع تكاليف العمليات الجراحية لهذه الحالات بصورة غير منطقية ولايمكن القبول بها.. اذا كان لدينا مسئولية مجتمعية تجاه هؤلاء المرضي فان المستشفيات الجامعية لديها ذات القدر من المسئولية لذلك اطالبها باعادة النظر في الزيادة التي قررتها حرصا علي حياة المرضي وعدم تحميلهم اعباء مادية لاقبل لهم بها. وضعف التحويل وفي تقدير الدكتور محسن جورج فان زيادة الطلب علي زراعة القوقعة ستدفع التأمين الصحي الي العمل بنظام قائمة الانتظار وهذا يترك أثره السيئ علي الحالات المرضية نتيجة لتأخر العلاج, لذلك يطالب المجتمع المدني بتحمل مسئوليته كاملة للمشاركة بالتبرعات في علاج هذه النوعية من الحالات علي اعتبار ان السرية في علاجهم مطلب طبي. وتطرح ايمان عبد الرازق استشاري تنمية الموارد بعدا آخر للمشكلة قائلة: التأمين الصحي لن يستطيع وحده التصدي لمرض ضعف السمع في ظل ارتفاع تكاليف عمليات زراعة القوقعة بعدما وصلت الي مايقرب من130 الف جنيه للحالة الواحدة.. لذلك فان العمل الاهلي في التصدي لمثل هذه النوعية من الامراض يصبح ضرورة مجتمعية حتي يمكن التعامل مع المرض بالسرعة المطلوبة ويتم اجراء العمليات الجراحية في الوقت المناسب لها والتفاعل علي جميع الحالات التي تزداد يوما بعد يوم.