إن حاسة السمع هي نعمة من بها الله سبحانه وتعالي علي الإنسان ليحيا حياة طبيعية ويتفاعل مع العالم الخارجي. فإذا ولد الطفل فاقدا لحاسة السمع فلن يمكنه النطق بالكلمات ولا التعلم أو التواصل مع الاخرين. لانه ينطق مايسمعه ويتعلم بالمحاكاة, كذلك فإن الشخص البالغ إذا تعرض لفقدان حاسة السمع فإنه يعيش معزولا غير قادر علي أداء عمله ويصبح معتمدا علي الأخرين. ويعتبر العامل الوراثي هو السبب الرئيسي لحدوث فقدان حاسة السمع لدي الأطفال حديثي الولادة كذلك فإن الإصابة بمرض الإلتهاب السحائي( الحمي الشوكية) قد تسبب فقدان حاسة السمع لدي الأطفال, أما بالنسبة للبالغين فإن من أسباب فقد السمع لديهم التعرض للضوضاء أو تناول بعض العقاقير المدمرة لخلايا الأذن الداخلية أو التعرض للإصابة بفيروسات قد تصيب الأذن الداخلية وكذلك ضعف السمع الناتج عن تقدم العمر.والقوقعة الإلكترونية هي جهاز إلكتروني مصمم لالتقاط الأصوات وفهم الكلام المحيط بالأشخاص الذين يعانون من فقد السمع الحسي العصبي, وضعف السمع لدي هؤلاء الأشخاص عادة مايكون شديدا إلي متناه أو عميق الدرجة في كلتا الأذنين. وهؤلاء الأشخاص لايمكنهم الاستفادة من استخدام المعينات السمعية التقليدية حيث أن هذه المعينات السمعية غالبا ماتكون ذات قدرة محدودة علي تحسين التقاط الكلام وفهمه بالنسبة لهم, وهذا الحال لايرجع الي عدم قدرة المعينات السمعية علي تكبير الأصوات بالصورة المطلوبة ولكن السبب يرجع الي تلف الخلايا الحسية المسئولة عن السمع أو عدم وجودها بقوقعة الأذن, ولذلك فإن الأصوات التي يتم تكبيرها عن طريق المعينات السمعية التقليدية لاتصل الي مراكز الإحساس بالسمع في المخ وبالتالي فإن هؤلاء الأشخاص لايستفيدون من هذه الأجهزة التقليدية في تحسين السمع. ومن هنا يأتي دور جهاز القوقعة الإلكترونية حيث يعمل علي تخطي الخلايا السمعية التالفة أو المفقودة بقوقعة الأذن ومن ثم إثارة العصب السمعي مباشرة. ويتكون جهاز القوقعة الإلكترونية من جزءين رئيسيين, جزء داخلي وجزء خارجي. الجزء الداخلي يزرع في الأذن عن طريق عملية جراحية بالرأس خلف الأذن ولايظهر بالخارج. اما الجزء الخارجي فيشتمل علي الميكروفون ومعالج الكلام وقطعة الرأس التي يمكن تركيبها وفصلها من علي الرأس بسهولة. وتعتمد طريقة عمل جهاز القوقعة الإلكترونية علي التقاط الأصوات والكلام عن طريق الميكروفون ثم يتم معالجتها عن طريق معالج الكلام وإرسالها الي الجهاز المزروع داخل الأذن من خلال الجلد حيث يتم برمجتها ثم تنقل هذه الإشارات المبرمجة الي مصفوفة الأقطاب المزروعة داخل قوقعة الأذن والتي تقوم بدورها بإثارة العصب السمعي ليرسل هذه الإشارات الي المخ الذي يستقبلها كأصوات. إن خطوات العلاج الأولي بعد اكتشاف الإصابة بالصمم الشديد هي المبادرة باستشارة طبيب الأنف والأذن والحنجرة أو أخصائي السمعيات الذي يقوم بتحويل المريض الي مركز متخصص في زراعة القوقعة الإلكترونية حيث يمكن تقييم مدي نجاح هذه العملية وذلك عن طريق إجراء مجموعة من الفحوصات الطبية والسمعية والنفسية وكذلك الأشعات اللازمة لقياس مدي الفائدة المحتملة من عملية زراعة القوقعة. وتعتمد درجة نجاح زراعة القوقعة الإلكترونية علي عدة عوامل تؤثر علي النتيجة ككل وتتضمن هذه العوامل طول المدة التي تعرض فيها الشخص لفقد السمع ونسبة السمع السابقة لفترة فقد السمع وعمر المريض عندما فقد السمع وكذلك حالة عصب السمع لدي المريض, كما تتضمن هذه العوامل مدي التزام الشخص المستخدم لهذه القوقعة بالتدريب والتأهيل اللازم له بعد زراعة القوقعة. إن جهاز القوقعة الإلكترونية يتيح للمرضي المصابين بالصمم حياة أفضل حيث أن الأشخاص البالغين يريدون الاستقلالية والاندماج في الحياة الاجتماعية بدلا من العزلة وكذلك الآباء الذين لديهم أبناء مصابون بالصمم يريدون إتاحة الفرصة لأبنائهم للتعلم والتحدث والتواصل مع الاخرين. كما أن التطور الذي حدث علي مدي العقد الأخير في زراعة القوقعة الإلكترونية هو حقيقة واقعة حيث استفاد مستخدمو هذه الأجهزة من سماع الأصوات المحيطة بهم كذلك استمتعوا بقدرتهم علي فهم الكلا م بدون الحاجة الي قراءة الشفاة وخاصة في الأجواء الهادئة. كذلك فإن هذا التطور الحديث في تقنية زراعة قوقعة الأذن سمح لمستخدميها التفاعل مع أحداث الحياة اليومية مثل السمع في وجود ضوضاء في الجو المحيط بالشخص أو سماع الكلام الخافت أو الإحساس بالموسيقي وكذلك استخدام التليفون في التواصل مع الاخرين. د/ هشام الفقي استشاري الأنف والأذن والحنجرة بقصر العيني