منذ35 عاما تقريبا ظهر مصطلح العشوائيات وبدأت الحكومة تنتبه الي تلك الظاهرة, وذلك عقب انتفاضة يناير1977, حيث ادركت ان بؤر الفقر يمكن ان تمثل وقودا لأي حركة احتجاج وعلي إثرها تم نقل سكان عشش الترجمان الي مدينة السلام, وجاء التعامل مع الظاهرة من منطلق أمني بالأساس, ومنذ ذلك الحين, ومع تعاقب حكومات ومسئولين واندلاع ثورة أطاحت بنظام كامل, ظلت العشوائيات بندا رئيسيا في اجندة اي حكومة لا يمكنها الفكاك منه, خاصة في ظل توحشها وانتشارها بشكل جعل منها أساسا للعمران يصل الي80% وتضم ملايين السكان, رغم أنف كل الخطط والميزانيات والتقارير والإحصاءات.. وفي18 اكتوبر.2008 نشأ كيان مختص بملف العشوائيات هو صندوق تطوير المناطق العشوائية التابع لمجلس الوزراء, وقبل ثورة يناير بأشهر اعتمد رئيس الوزراء الاسبق أحمد نظيف خطة لتطوير372 منطقة عشوائية, بتكلفة8.5 مليار جنيه, وبعد الثورة تعاقب اكثر من وزير للتنمية المحلية علي رئاسة مجلس الصندوق وأكثر من مدير تنفيذي, وأغرقوا الصحف بتصريحاتهم ورؤاهم وخططهم للقضاء علي تلك الظاهرة, باعتبارها مشكلة وليست ظاهرة لمشكلة, وهي تركز الاستثمارات العقارية في انماط السكن فوق المتوسط والفاخر, بينما يتركز الطلب علي الاسكان الشعبي والاقتصادي والمتوسط, فيلجأ المواطنون الي حلول ذاتية وتنشأ تلك التجمعات السكنية بلا اي تخطيط عمراني او مرافق وخدمات أساسية فتهدد حياة وصحة ساكنيها, في حين توجد5.2 مليون وحدة سكنية خالية ومغلقة دون استغلال وفقا للدكتور طارق وفيق وزير الإسكان والمجتمعات العمرانية, الأمر الذي يشير الي خلل ما. وما يزيد الوضع سوءا هو تضارب البيانات, ففي حين ذكر علي الفرماوي المدير التنفيذي السابق للصندوق وجود372 منطقة عشوائية علي مستوي الجمهورية, جاء بعده المهندس خالد الجبرتي المدير التنفيذي الحالي- ليصرح بوجود420 منطقة, الا اذا كان العدد زاد خلال ثلاثة أشهر, وهو ما يعني استحالة القضاء علي تلك الظاهرة, طالما لم يتم الالتفات الي أصل المشكلة, علما بأن تلك الارقام تشير الي المناطق العشوائية غير الآمنة أما اجمالي المناطق العشوائية, فيصل وفقا لبيانات الصندوق الي1099 منطقة. وكشف تقرير صندوق تطوير العشوائيات الذي تم رفعه لرئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء في أواخر2012 عن أنه تم إنقاذ حوالي29 ألف أسرة تم نقلها إلي مساكن آمنة خلال العامين الماضيين, من خلال خطة للقضاء علي العشوائيات بدأها الصندوق في عام2010, ومن المقرر أن تنتهي في2017, في حين وعد الجبرتي بمصر خالية من العشوائيات بحلول عام2020, وانه من بين420 منطقة عشوائية غير آمنة تم التخلص من50 منطقة وجار العمل في71, اما محمد علي بشر, وزير التنمية المحلية فأكد أن تطوير العشوائيات لن يتم قبل10 سنوات, فضلا عن تضارب التكاليف المطلوبة ما بين4 مليارات وفقا لوزير التنمية المحلية الي60 مليار وفقا لمدير الصندوق! وفي النهاية تظل العشوائيات عرضا لمرض, ولن يتم التخلص منها الا بوقف أسبابه, والاهم- كما يؤكد الخبراء- هو كيفية التعامل مع الظاهرة من منظور اجتماعي حقيقي يراعي مصالح وحقوق سكان العشوائيات, فالإخلاء القسري لن يكون الحل..