فور إعلان البيت الأبيض الأسبوع الماضي أن الرئيس الأميركي باراك أوباما سيزور كلا من الأردن وإسرائيل والسلطة الفلسطينية, في الربيع المقبل, اشارت التحليلات الي تكدر في سماء الشرق الأوسط، فمصر تهتز, وسوريا عاصفة, والقضية النووية الإيرانية تقترب من ساعة الحسم, وإلي حين خروج زيارة أوباما إلي حيز التنفيذ ربما يحدث تدهور آخر في كل واحدة من المناطق الثلاث وربما في جميعها معا وذلك ضد المصالح الأمريكية في المنطقة, وفي هذا الوضع تتعزز أهمية تنسيق المواقف وتسوية الخلافات بين أوباما ونيتانياهو, ولكن بالقدر نفسه تتزايد جاذبية استئناف عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين كوسيلة لتهدئة المنطقة, وإبعاد الانتقادات لواشنطن وربما إنشاء تحالف إقليمي ضد إيران أيضا. والمفاجيء في الأعلان الأمريكي أنه جاء عقب وصول توتر العلاقات بين أوباما ونتنياهو إلي أوجه, بعد اتهامات لرئيس الوزراء الإسرائيلي بالتدخل في انتخابات الرئاسة الأمريكية لمصلحة منافس أوباما المرشح الجمهوري ميت رومني, وقالت القناة العاشرة للتلفزيون الإسرائيلي إن أوباما سيصل إلي إسرائيل في20 آذار مارس المقبل, وستكون هذه الزيارة الأولي التي يقوم بها, كرئيس للولايات المتحدة إلي إسرائيل, بعد ان امتنع خلال ولايته الأولي عن القيام بها, ويعزو سياسيون ومحللون إسرائيليون هذا الامتناع إلي توتر العلاقات بين الرئيس الأمريكي ورئيس الحكومة الإسرائيلية, بنيامين نيتانياهو, الناجم عن خلافات بينهما فيما يتعلق بالتعامل مع البرنامج النووي الإيراني وعملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين. ويبدو أن القضايا التي سيبحثها أوباما في إسرائيل مرتبطة بالبرنامج النووي الإيراني بعد جولة مفاوضات جديدة بين الولاياتالمتحدة والدول الغربية وبين إيران وفي ظل استمرار تلويح إسرائيل بوجوب توجيه ضربة عسكرية لإيران, وإن كان ذلك بصورة أقل حدة من التهديدات التي سبقت الانتخابات الإسرائيلية. وسيبحث أوباما في إسرائيل الملف السوري واستمرار الحرب الأهلية في سوريا, ويأتي ذلك عقب غارات الطيران الإسرائيلي ضد أهداف في الأراضي السورية, وفي الوقت الذي ترددت فيه أنباء حول ضوء أخضر أمريكي لهذه الغارات. ويتعلق الموضوع المركزي الثالث الذي سيبحثه أوباما في إسرائيل, وفي رام الله والأردن أيضا, باحتمالات استئناف المفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية فهذه المفاوضات مجمدة منذ الحرب علي غزة, في نهاية عام2008 رغم أنها استؤنفت خلال أيلول عام2010 بضغوط أمريكية ولكن لم ينتج عنها شيء جراء رفض نيتانياهو مطالب دولية وفلسطينية بتجميد الاستيطان. وفي هذا السياق ألمح ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نيتانياهو, إلي احتمال تجميد البناء في المستوطنات المعزولة, الواقعة خارج الكتل الاستيطانية الكبري, مقابل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين, في خطوة تبدو أنها تأتي تمهيدا لزيارة أوباما. ونقلت صحيفة هاآرتس عن مصدر داخل ديوان رئيس الحكومة الإسرائيلية قوله إن رئيس مجلس الأمن القومي يعقوب عميدرور, ومبعوث نيتانياهو الخاص المحامي إسحق مولخو, ومستشارين آخرين لنتنياهو لا يستبعدون احتمال تجميد مؤقت للبناء في المستوطنات المعزولة التي تقع خارج الكتل الاستيطانية الكبري الثلاث, وهي أريئيل ومعاليه أدوميم وغوش عتسيون, وأضاف المصدر أن هذا التجميد سيكون فقط مقابل استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين بقيادة الإدارة الأميركية وتنفيذ الفلسطينيين خطوات مثل التعهد بعدم التوجه إلي المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي ضد إسرائيل. وتأتي هذه التلميحات الإسرائيلية في عقب الإعلان عن أن الرئيس الأمريكي سيسعي إلي تحريك عملية السلام بين إسرائيل والفلسطينيين, المجمدة منذ سنوات بعدما رفض نيتانياهو مطالب فلسطينية ودولية بتجميد الاستيطان.