أ.د. محمديونس الحملاوي تدافع الجمعية المصرية لتعريب العلوم منذ حوالي تسعة عشر عاما عن تعريب التعليم باعتباره ضرورة علمية لحل العديد من مشاكل التعليم وكأحد محددات الهوية والتنمية, وفي معالجتنا لقضية التعليم علينا النظر إلي بدايات النهضة وديمومتها, حيث بدأت جميع الحضارات وبلا استثناء بلغاتها ومنها الحضارة العربية ونهضتنا المصرية إبان عصر محمد علي والحضارة الأوروبية التيبدأت بعد تفتت اللاتينية إلي لغات قومية; وجميعها بدأت بترجمة علوم الآخرين للغاتها القومية. أما عن أهمية الترجمة لاستمرار النهضة فمن أكبر المشاريع حاليا الترجمة بين لغات دول الاتحاد الأوروبي السبع والعشرين وجميعها دول متقدمة وبعضها أقل من خمسة ملايين يتعلمون جميعهم من الحضانة وحتي الدكتوراه ويبدعون بلغاتهم القومية; فقضية تعلم لغة أجنبية غير مطروحة قبل ما يماثل المرحلة الإعدادية.كما تشير الإحصاءات الدولية إلي أن بالعالم23 دولة صدارة تقنيا عدد سكان أصغرها أربعة ملايين, يسير فيها جميعها التعليم والبحث العلمي بلغاتها القومية وتتواصل جميعها مع الخارج. أما نحن فخلال أكثر من قرن منذ استخدام الإنجليزية في تعليمنا الجامعي لم نبدع ولم ننتج علما, وعلينا لنتقدم أن نفكر بصورة مختلفة تتفق مع المنهج العلمي ومع الدراسات التربوية والتنموية والتي تشير جميعها إليأن التعليم باللغة القومية يؤدي لتجانس المجتمع اجتماعيا وتنميته. وبعض هذه الدراسات أجري في مصر علي المرحلة قبل الجامعية وعلي بعض كليات الهندسة والطب وغيرهاوتؤكد جميعها أن التفوق من نصيب الدراسة بالعربية. وتوصلت دراسةلمركز الدراسات والبحوث التربوية المصري إلي أن التدريس باللغات الأجنبية في التعليم المصري يؤدي إلي نمو لغة أجنبية مشوهة وله تأثير سلبي علي نمو اللغة العربية وعلي نمو الوظائف والمفاهيم والمعارف العلمية.وتشير دراسة أخري علي أوراق إجابة طلبة إحدي كليات الطب بمصر كتبت بالإنجليزية إلي أن عشرة بالمائة فقط من الطلاب استطاعوا التعبير عن أنفسهم بشكل جيد, وأن خمسة وعشرين بالمائة لم يفهموا المعلومات.وتشير دراسة ثالثة إلي تحسن التحصيل العلمي في حالة الدراسة بالعربية عن حالة الدراسة بالإنجليزية بنسبة أربعة وستين بالمائة. القضية أكبر من أن تترك لمدرس( لم يتخرج غالبيتهم من جامعات تدرس بالإنجليزية) وطالب لا يتعاملان بالإنجليزية مجتمعيا فلا يتقنانها إتقان العربية تخفياأحيانا خلف حاجز اللغة لضحالة المستوي العلمي, وأحيانا للإيهام بتفوق علمي باستخدام رطانة أجنبية; فأقل من واحد بالمائة من أساتذة الجامعة فقط يمكنه أن يلقي محاضرة كاملة بالإنجليزية. كما أن العديد من الكتب التي يطبعها بعض الأساتذة بالإنجليزية ما هي إلا تحرير لمواد علمية لم يقوموا بتأليفها. ونتوهم بذلك أننا نتعلم مما يؤخر تنميةالمجتمع. قضية التعليم باللغة القومية قضية نفعية بحتة بلا توجه سياسي, يجب أن تبدآ هذا العام بلا تسويف وعلي جميع المستويات فترجمة المصطلحات موجودة( دون إلغاء للمصطلح الأجنبي), والكتب العربية موجودة في جميع التخصصات ولكل المستويات. وليكن قرارنا العلميحاسما وحازما لنتعلم بلغتنا, ولنتعلم اللغات الأجنبية بكفاءة,, إن مقارنة سريعة بين مصر وسوريا التي تدرس جميع العلوم بالعربية لكفيلة بتوضيح بعض الحقائق; ومن خلال أرقام دولية; فسوريا تأتي قبل مصر في ترتيب الأطباء الأجانب العاملين في أمريكا بالنسبة لعدد سكان دولهم( أي أن تعلمهم بالعربية لم يفقدهم فرص العمل بالخارج), ولا يقل مستوي الأطباء السوريين عن المتوسط العالمي في امتحان المجلس التعليمي للأطباء الأجانب في أمريكا, كما أن المؤشرات الصحية والتيهي محصلة التعليمالطبي في سوريا أفضل منها في مصر, وتأتي سوريا في أدلة الأممالمتحدة( السبق التقني والتنمية البشرية والتعليم) قبل مصر, والكتب المؤلفة سنويا لكل مليون مواطن في سوريا أكثر من خمسة أضعاف عددها في مصر, كما أن عدد البراءات لكل مليون مواطن في سوريا أكثر من ضعف عددها في مصر. أبعد هذا يردد البعض أن تعريب التعليم سيقودنا إلي الفشل مثل سوريا؟ وليست هذه دعوة إلي نبذ تدريس اللغات الأجنبية بل لابد من تدريس اللغات الأجنبية كلغات أجنبية في مختلف معاهدنا في السن المناسبة بالتوازي مع تعريب التعليم في مختلف مراحله لنصبح من دول الصدارة علميا وتنمويا. أمين الجمعية المصرية لتعريب العلوم