ليست كل ضحكة يطرب لها الإنسان. وكان محمود السعدني ضحكة طروبا في فم الزمان. دعابة كلها ذكاء, وشقاوة جارحة أحيانا لكنك لا تملك إلا أن تحبها. نحن ننعي للزمن أزمنة المرح, فليست كل دعابة مرحة, فقد تكون فظة غليظة القلب كضحكة اليوم تضحك علي خلق الله الذين ابتلاهم بالعاهات, وتسخر من كل القيم. كان ولدا شقيا من أولاد البلد, وحين اغبر الافق السياسي في بداية السبعينيات سافر موكوسا لبلاد الفلوس. وحكي عن شقاوته في الصبا وصدر الشباب في الولد الشقي, وعن مغامراته الخليجية في الموكوس في بلاد الفلوس. وكانت دعابته حتي وإن مررها الزمان حلوة المذاق خفيفة الوقع حتي وهي تجرح, والخفة موهبة لا تكتسب. نحن ننعي فيك ياسعدني زمن الضحكة الخلية, والصحبة الحلوة, والروح المرحة, حيث كنتم أصحابا, تختلفون في النهار وتتواءمون في الليل تسهرونه معا, وتدور القفشات والنكات, وكنت أنت بطلها. ننعي فيك جيل الخمسينيات الذي كان يمتلك من النبل والمرح والنفس الصافية قدرا لا يقل عما أعطاه الله من موهبة.