بحلول عهد الرئيس الصيني الراحل دينج تشياو بنج في8791, والانفتاح الصيني علي العالم, والتعامل الإيجابي مع العولمة, أصبحت الصين في صعود اقتصادي لافت مما ولد عند قادتها شعورا بأنهم يستطيعون صياغة الأحداث في آسيا, كما لم يكن عليه الحال من قبل, لذلك فإنه في0102 ابتدعت إدارة الرئيس أوباما ما أطلق عليه سياسة المحاور أو نقاط الارتكاز في آسيا, وهو تحول يهدف إلي دعم الروابط الدفاعية مع عدة دول منها, وتوسيع نطاق التواجد البحري الأمريكي هناك. لقد تجلت الشواهد الدبلوماسية في1102, حينما أعاد وزير الدفاع الأمريكي ليون بانيتا التأكيد لحلفاء الولاياتالمتحدة في المنطقة, أولئك الذين صارت تساورهم الهواجس حول تعاظم الدور الصيني بقوله إن الولاياتالمتحدة سوف تظل متواجدة في الباسيفيك لمدة طويلة. علي أن سياسة الركائز هذه ترتكز الي أن الصين الصاعدة بدأت تمثل تحديا ملموسا لمصالح الولاياتالمتحدة من جهة, وتتسبب في الاخلال باستقرار المنطقة الآسيوية من جهة أخري, وأقرب مثال علي ذلك, أنه بعد إعلان الولاياتالمتحدة عن مبيعات صفقة أسلحة لتايوان في يناير0102, جعل ذلك القادة الصينيون يتحدثون عن فرض عقوبات علي الشركات الأمريكية العاملة في المجالات العسكرية التي أسهمت في اتمام هذه الصفقة, وجاء إعلان أحد القادة العسكريين الصينيين المشهورين عن دعوته لتلقين الولاياتالمتحدة درسا بأن إيذاء الغير قد يؤدي الي ايذاء الذات. ويتبادر الي الذهن سؤال: هل في ظل تصاعد المشاعر القومية في الصين سوف تتغير سياسة المشاركة الصينية الأمريكية؟ ولكي يتسني الرد علي ذلك, ينبغي الإشارة الي أن إداراة بوش كانت من قبل قد خصصت المزيد من حاملات الطائرات للمسرح الباسيفيكي, وكانت هذه السياسات الدفاعية تنهض في حقيقة الأمر بمثابة رد علي الهواجس حول سرعة التصاعد الصيني, ولكن عقب المواقف غير المتوافقة بين الصين والولاياتالمتحدة, في عامي9002 و0102, وجدت الولاياتالمتحدة نفسها تواجه مسائل متعلقة بعدم المصداقية: فمثلا, صار حلفاؤها في شرق آسيا يتساءلون عما اذا كانت الولاياتالمتحدة وقد صارت تواجه أسوأ أزمة اقتصادية منذ الكساد الكبير, يمكنها الآن مواجهة الصين في شكلها الجديد, وهي تتمتع بقدر كبير من الثقة في النفس والقدرات؟ وعمدت الولاياتالمتحدة من أجل تهدئة هذه المخاوف الي طمأنة حلفائها في المنطقة الباسيفيكية بأنها تستطيع الإبقاء علي توازن القوي في هذه المنطقة. ومن جهة أخري, قامت الولاياتالمتحدة بتحدي الصين, وذلك بدعم تواجدها في آسيا الباسيفيكية, فعبر السنوات الثلاث الماضية نفذت الولاياتالمتحدة أكبر مناوراتها العسكرية المشتركة مع كوريا الجنوبية منذ الحرب الكورية(0591), وعززت من قواتها هناك, كذلك عززت من وجودها العسكري في الهند الصينية, ومنذ أوائل التسعينيات من القرن الماضي, كانت الإدارات الأمريكية المختلفة قد رفضت طلبات المزيد من الرغبة الفيتنامية لتعزيز الروابط الدفاعية الاستراتيجية, لكن الولاياتالمتحدة كانت حينذاك تدرك أنها بحاجة الي مزيد من التعاون من بكين, وأن للصين اهتمامات استراتيجية في المنطقة أكثر مما لدي الولاياتالمتحدة, ولكن في0102 تمت زيارة أمريكية علي مستوي عال لهانوي وتمت الدعوة الي مشاركة استراتيجية دفاعية أمريكية فيتنامية, وفي أواخر0102 ولأول مرة قامت الولاياتالمتحدة بإجراء تدريبات بحرية مشتركة مع فيتنام, ومنذ ذلك التاريخ, صار الأسطول الأمريكي يقوم بتدريبات سنوية مشتركة مع الأسطول الفيتنامي, وفي1102 وقع البلدان مذكرة تفاهم حول التعاون الدفاعي, كذلك قامت الولاياتالمتحدة بتوطيد تعاونها مع كمبوديا. لكن كل هذه الخطوات كانت تعتبرها الولاياتالمتحدة أمرا لازما لأمنها القومي, ففي0102 كانت وزيرة الخارجية كلينتون قد حذرت بنوم بنه صراحة من عدم الاعتماد بشكل زائد علي الصين, ثم في النهاية, فإن إدارة الرئيس أوباما قد دعت الي تشجيع التحالف في بحر الصين الجنوبي, ولكي تكمل الولاياتالمتحدة دائرة الترابط الأمريكي في كل من الفلبين وفيتنام, قامت اليابان بتوقيع اتفاقية مشاركة استراتيجية مع هذين البلدين لتوسيع نطاق تعاونهما الدفاعي, والتبادل العسكري. وحين كانت الولاياتالمتحدة تقوم بالتدخل المباشر في نزاعات تتعلق بسيادة الصين, وتكثف من وجودها بالقرب من حدود الصين البرية, كانت الصين تري في ذلك تباعدا عن السياسة الأمريكية الماضية, وأنه توسع ليس له ما يبرره, ويحمل في طياته نوعا من التهديد لها, ولقد كانت أولي النتائج ممثلة في تخلي الصين في الضغط علي كوريا الشمالية قصد تخليها عن برنامجها النووي, فمنذ1102 انسحبت الصين من المباحثات السداسية حول البرنامج النووي لكوريا الشمالية.