ميادة العفيفي امضي الرئيس الأمريكي السابق جيمي كارتر الدقائق الأخيرة في منصبه, وهو يحاول حل أزمة احتجاز الرهائن الأمريكيين في إيران, كانت444 يوما من الفشل المتواصل, قد كلفته فرص البقاء في البيت الأبيض لولاية ثانية, قام بكل ما بإمكانه فعله لإنهاء الأزمة, لكن الفشل ظل يلاحقه, حتي عملية' مخلب النسر' الجريئة التي أمر بها لإنقاذ الرهائن, فشلت بشكل مروع, وأضافت المزيد من مشاعر الإهانة للقوات الأمريكية, أمام عدو أصبح مع مرور الأيام ضاغطا علي الأعصاب الأمريكية بشكل غير تقليدي. يروي المقربون من الرئيس كارتر, انه ظل حتي اللحظات الأخيرة وبمعني الكلمة, يحاول أن ينهي الأزمة في عهده, حتي انه أثناء أداء الرئيس الجديد, رونالد ريجان, لليمين, ظل يتابع المباحثات الأخيرة للإفراج عن ال52 رهينة أمريكية, أملا في أن يكون هو من سيستقبلهم أمام الطائرة التي اتفق أخيرا علي أن تقلهم إلي وطنهم. بعد أكثر من ثلاثين عاما, البعض يري أن إيران هي من رغبت في اهانة كارتر حتي اللحظة الأخيرة, وهي التي تعمدت بدء عملية الإفراج عن الرهائن, بعد دقائق من تسلم ريجان لمنصبه, في حين يؤكد الكثيرون أن ريجان كان قد زرع شبكة من المخبرين داخل أروقة البيت الأبيض, لإعلامه بكل مستجدات الأزمة, التي كانت السبب الرئيسي وراء فوزه أمام خصمه, والتي كشفت بعض الوثائق المفرج عنها مؤخرا, انه هو من كان يقودها سرا من خلال مدير الاستخبارات المركزية الأمريكية في ذلك الوقت, جورج بوش الأب, وان كارتر كان فقط في الواجهة, وفي نهاية المطاف عندما انتهت الأزمة, في20 يناير1981, لم يسمح لكارتر إلا بان يكون احد مبعوثي الرئيس الجديد لاستقبال الرهائن, لقد نجحت إيران في أن يدفع كارتر ثمن استقباله للشاه المخلوع. بدأت الأزمة يوم4 نوفمبر1979, بعد أن وافق الرئيس كارتر علي استقبال شاه إيران محمد رضا بهلوي لتلقي العلاج في الولاياتالمتحدة, مما أعاد لأذهان الإيرانيين, الانقلاب الذي دبرته عام1953 الاستخبارات المركزية الأمريكية, وأطاحت من خلاله بحكومة مصدق المنتخبة ديمقراطيا, وأعادت الشاه إلي الحكم مرة أخري, بعد أن كان تم نفيه, كثير من المحللين يرون أن انقلاب1953 وليس أزمة الرهائن هو الحلقة الأهم في تاريخ العلاقات المشوهة بين البلدين, والمنحني الذي افسد كل الأمور بعدها, فعندما غادر الشاه في نهاية المطاف عام1979, خشي الإيرانيين من تكرار الأمر وإعادته مرة أخري إلي الحكم, كان ذلك من الدوافع الأساسية التي دفعت الطلبة الإيرانيين إلي الاستيلاء علي مبني السفارة الأمريكية عام1979 واحتجاز نحو70 أمريكيا, وقتها ناشد الدبلوماسيون في طهران كارتر عدم قبول الشاه, لكن ضغوط أصدقاء الشاه الأمريكيين ومن بينهم ديفيد روكفلر وهنري كسينجر, دفعت كارتر في النهاية لقبوله, لتظهر التطورات بعدها, انه كان أسوأ قرار اتخذه رئيس أمريكي, وتشتعل بعدها حرب طويلة مع إيران لا يبدو إطلاقا أنها ستنتهي قريبا. سمح الطلبة الإيرانيون فيما بعد بالإفراج عن بعض الرهائن الأمريكيين ومنهم النساء والسود وغير الأمريكيين, واحتفظوا في نهاية المطاف ب52 رهينة, مطالبين بتسليم الشاه إلي إيران, كان رد فعل الإدارة الأمريكية, أن جمدت مليارات الدولارات من الأصول الإيرانية في البنوك الأمريكية, ووضعت حظرا علي صادرات النفط الإيراني مع قطع العلاقات الدبلوماسية, في24 ابريل1980 أعطي الضوء الأخضر لتنفيذ مهمة مخلب النسر السرية التي كانت تهدف إلي تحرير الرهائن, حيث استخدمت ثماني طائرات هليكوبتر عسكرية بغرض الانقضاض علي مبني السفارة الأمريكية في طهران, واستخراج الرهائن, والهروب إلي ست طائرات أخري تنتظر في مهبط للطائرات في الصحراء الإيرانية, المهمة فشلت فشل ذريعا وانتهت بكارثة, ووصمت إدارة كارتر بالمزيد من العار, عندما اصطدمت احدي المروحيات التابعة لمشاة البحرية بطائرة حربية أخري أمريكية تابعة لسلاح الجو علي الأرض وانفجرت في الجو, مما نتج عنه مقتل ثمانية جنود أمريكيين. بعد ثلاثة أشهر من العملية الفاشلة توفي الشاه في مصر, ولكن الخميني رفض إنهاء الأزمة, ولكن مع دخول إيران الحرب مع العراق في سبتمبر1980, أبدت إيران رغبتها في إنهاء الأزمة مطالبة بالإفراج عن12 مليار دولار من أصولها المجمدة ورفع العقوبات التجارية عنها, وبمساعدة ما عرف بمحادثات الجزائر, تم الاتفاق في19 يناير1981 علي الإفراج عن8 مليارات دولار من الأصول الإيرانية والتعهد بعدم التدخل سياسيا أو عسكريا في شؤون إيران الداخلية, ولكن للمزيد من إحراج كارتر لم يتم الإفراج عن الرهان إلا بعد دقائق من أداء ريجان اليمين الدستوري, لقد نجح الخميني في تهديده بأنه لن يمنح الرهائن لكارتر بأي حال.