نجح فيسبوك في هز عرش رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو.. ففي لحظة من لحظات الحقيقة الصعبة, وجد نيتانياهو نفسه في موقع الفائز بالأكثرية في الكنيست التاسع عشر والمهزوم أمام شاب صغير ينادي بالعلمانية . يجلس اكثر من8 ساعات يوميا يبعث برسائل عبر فيسبوك وتويتر لمئات الآلاف من الشباب العبري هو يائير لابيد بينما نيتانياهو نفسه مصاب برهاب التكنولوجيا ولا يمكنه إرسال رسالة إليكترونية. فقد قلب فيسبوك حقائق السياسة العبرية كما غير من المعادلة السياسية العربية خلال عامين.. هكذا تحدث الصحفيون الإسرائيليون بعد إعلان نتيجة الانتخابات البرلمانية وتتويج زعيم حزب هناك مستقبل يائير لابيد ملكا جديدا في السياسة العبرية عقب حصوله علي19 مقعدا في الكنيست الإسرائيلي( من إجمالي120 مقعدا). ودللت الانتخابات الإسرائيلية ليس فقط علي قدرة الزعيم الشاب والإعلامي المشهور علي جذب اعداد ضخمة من شباب الطبقة الوسطي في إسرائيل التي نجح في التواصل معها عبر فيسبوك, بل أيضا علي أن التحول الديموجرافي في إسرائيل وارتفاع نسبة الشباب المتعلم تصب في صالح الأحزاب العلمانية التي تعارض ممارسات اليهود المتشددين الحريديم وترفض استمرار الصراع مع الفلسطينيين إلي الأبد. وجاءت نتيجة انتخابات الكنيست التاسع عشر التي أجريت في22 يناير- علي غير توقعات استطلاعات الرأي العبرية, حيث حصل تكتل الليكود بيتنا الذي يتزعمه نيتانياهو ووزير الخارجية المستقيل أفيجدور ليبرمان علي31 مقعدا فقط ليخسر حزبي الليكود وإسرائيل بيتنا11 مقعدا مقارنة بالكنيست الثامن عشر(42 مقعدا). بالتوازي أصبح حزب هناك مستقبل ثاني التكتلات في الكنيست التاسع عشر بنحو19 مقعدا, وجاء العمل ثالثا ب15 مقعدا. وتلاه حزب البيت اليهودي اليميني المتشدد(12 مقعدا) وحصل حزب شاس الحريدي علي11 مقعدا ويهدوت هتوراة الديني المتشدد(7 مقاعد) ثم حزب الحركة بزعامة تسيبي ليفني(6 مقاعد) وحزب ميريتس(6 مقاعد) وحداش(4 مقاعد) والقائمة العربية الموحدة(4 مقاعد) وبلد(3 مقاعد) وأخيرا كاديما بزعامة شاؤول موفاز مقعدين فقط. وفي سياق هذه النتائج, فإن قدرة نيتانياهو علي تحقيق رغبته في تشكيل حكومة ائتلافية واسعة بقدر الإمكان أصبحت مرهونة بشكل رئيسي علي قدرته علي التفاوض مع لابيد بشأن ضم الحريديم مقابل قبول وجود ليفني في الحكومة واقرار مبدأ حل الدولتين في برنامج الحكومة. وهذا الطلب الأخير الذي يصر عليه حزب هناك مستقبل قد يجعل ضم البيت اليهودي المتشدد للحكومة بعيد المنال. ولعل تحول لبيد إلي نجم السياسة الإسرائيلية الجديد يرجع إلي عدة أسباب منها تصدر القضايا الاقتصادية والاجتماعية والعلاقة بين الدين والدولة أجندة الجدل الانتخابي علي حساب قضايا الصراع العربي الإسرائيلي ومستقبل التسوية والبرنامج النووي الإيراني. بالتوازي, فقدان كتل ضخمة من الشباب العبري الثقة في الأحزاب التقليدية وخشية مجموعات كبيرة من العلمانيين من صعود الأحزاب الدينية وخاصة البيت اليهودي ورفضها لتحدي الأحزاب الحريدية( شاس ويهدوت هتوراة) للمحكمة العليا وامتناعها عن تجنيد طلابها في المدارس الدينية بالجيش الإسرائيلي. فقد وجد جمهور الشباب الإسرائيلي العلماني ضالته في المذيع والصحفي العلماني المتمرد.. يائير لابيد ولد في تل ابيب عام1963 وابن الاعلامي والسياسي العلماني الشهير تومي لابيد الذي نجح في الفوز ب15 مقعدا خلال انتخابات2003 قبل ان يعتزل العمل السياسي والذي توفي قبل4 سنوات. فلابيد الأبن مثل صرخة التمرد لشباب الجيل الرابع في الدولة العبرية والذي مل من النقاش السياسي حول التسوية السلمية والتهديدات للدولة العبرية والسكوت عن ملفات حياته اليومية وفي مقدمتها السكن والأجور والوظائف والخدمات. ولكن في المقابل, فإن المحللين السياسيين في إسرائيل يخشون أن يلاقي لابيد الأبن مصير والده سياسيا, حيث إن الإسرائيليين عادة ما يقل شغفهم وانحيازهم لأحزاب الوسط العلمانية سريعا لصالح الأحزاب الواضحة في جبهتي اليمين واليسار.. فهل يكمل قائد فيسبوك المسيرة مدشنا تيار جديد في الدولة العبرية أم أن دولة فيسبوك( ساعة) ودولة المؤسسات تبقي سنين.