خرج الحاخام عوفاديا يوسف الزعيم الروحي لحزب شاس مؤخرا ملوحا بعدم الانضمام لحكومة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نيتانياهو الائتلافية المزمع تشكيلها عقب انتخابات الكنيست المقبلة. التي تحمل رقم19 منذ عام1948 في حال إصرار نيتانياهو علي موقفه من تجنيد الطلاب اليهود المتشددين( الحريديم) المتفرغين لدراسة التوراة علي حساب ميزانية الدولة العبرية, ومهددا بالهجرة من إسرائيل في حال تطبيق قانون التجنيد الإجباري علي الحريديم. بالتوازي, سارع رئيس حزب شاس ارييه درعي إلي نفي ما تردد بشأن دعم الحزب الديني المتشدد لزعيمة العمل شيلي يحيموفيتش لرئاسة الحكومة عقب الانتخابات, خشية أن يثأر نيتانياهو بإبعاد الحزب عن الحكومة. وفي الوقت نفسه, عادت ماكينة الفتاوي الحريدية من شاس وغيره من الأحزاب الدينية للدوران بتأكيد أن الناخب الذي سيمنح صوته للأحزاب الدينية سيكون له مكان في الجنة. وبدأت عملية تحفيز المتدينين علي ترك دراسة التوراة مؤقتا للتفرغ للدعاية الانتخابية لمصلحة أحزاب الله وتبشير الناخبين اليهود بالجنة مقابل أصواتهم الانتخابية. هذا السلوك الحريدي هو حلقة في مسلسل يتكرر في كل معركة انتخابية, فالأحزاب اليهودية السلفية ترفع راية الله والجنة للحصول علي الأصوات الانتخابية من أجل ضمان دخول الحكومة الائتلافية وتوفير الأموال لمؤسساتها وطلابها. فحزبا شاس ويهدوت هتوراة هما شريكان تقليديان في أغلب الحكومات الإسرائيلية بغض النظر من يقودها سواء كان يساريا أو يمينيا, فالأهم هو الأموال التي ستمنحها هذه الحكومة للحريديم. وبحسب البيانات الإسرائيلية فإن الحريديم يمثلون نحو9% من السكان, بينما يحصل حزبا شاس ويهدوت هتوراة علي نحو17 مقعدا في الكنيست بنسبة تتجاوز15%, وهو ما يرجع إلي نجاح شاس في كسب اصوات اليهود الفقراء من أصول عربية, بالإضافة إلي ارتفاع نسب التصويت بين الحريديم إلي نحو90% مقابل60% للمتوسط العام, ومن هنا تأتي قوة الأحزاب الحريدية في الكنيست, حيث تمثل رمانة ميزان تحدد اتجاهات تشكيل الحكومة الائتلافية. فهذه الكتلة السكانية الصغيرة نسبيا, مثلت خلال السنوات الماضية, رافعة الحكومات الإسرائيلية, حيث تسعي قبل إقرار الميزانية إلي ابتزاز الحكومة للحصول علي أكبر قدر من الأموال لمدارسها الدينية اليشيفوت ومؤسساتها الاجتماعية. وربما يدرك الحاخام عوفاديا يوسف جيدا أن نيتانياهو لا يمكنه ان يبعد بنظره عن الأحزاب الحريدية خلال تشكيل الحكومة المقبلة. فرئيس الوزراء الإسرائيلي يدرك أن السبب في صعوده للسلطة هو رفض تسيبي ليفني في2008 دفع300 مليون دولار اضافية للحريديم لينتهي بها الأمر إلي الفشل في تشكيل الحكومة والدعوة لانتخابات مبكرة في2009 جاءت بنيتانياهو للسلطة, والذي دفع الثمن بتقديم ال300 مليون دولار فور تشكيل الحكومة. هكذا نحن أمام معادلة الجنة اليهودية+ الأموال تعني حكومة مستقرة بوجود الأحزاب الحريدية, هذه المعادلة السلفية التقليدية, حيث إن هذه الأحزاب مستعدة لبيع الفتاوي وتغيير مواقفها السياسية في ثوان من أجل المشاركة في السلطة وتوفير الأموال. ولكن يبدو أن نيتانياهو وحلفاءه منزعجون بشدة من كثيرة مطالبات الأحزاب الحريدية إلي جانب خشيتهم خسارة الأصوات العلمانية في المدن الكبري في حال التنازل والتراجع عن تجنيد الطلاب الحريديم في الجيش الصهيوني.. وهنا تكمن المعضلة.. فهل يتجرأ نيتانياهو علي الابتعاد عن الحريديم أم أنه مجبر علي دفع الثمن المالي للحصول علي خدمات شاس ويهدوت هتوراة لأربع سنوات جديدة؟