أكتب إليكم عن مشكلة إنسانية أعايشها في المجال الطبي الذي أعمل به, وأرجو أن تساعدنا في إيجاد حل لها, فأنا طبيب عيون بمستشفي رمد الشيخة صباح بطنطا. ومن أمراض العيون المنتشرة بين المصريين التي نجدها في غالبية المرضي المترددين علينا مرض الانفصال الشبكي الذي يزداد معدله في مصر بشكل ملحوظ حيث إنه أحد مضاعفات مرض السكر.. وعلاجه يحتاج إلي تدخل جراحي حتي تعود الشبكية إلي مكانها, وأي تأخير في علاجه يتسبب في موت خلايا الشبكية ومن ثم فقد البصر نهائيا, وهذه الجراحة تتكلف في المستشفيات الخاصة نحو ثمانية آلاف جنيه, وهي تعتمد بشكل شبه كامل علي جهاز استئصال الجسم الزجاجي وثمنه نحو نصف مليون جنيه. ولكم أن تتخيلوا حال المستشفيات الحكومية التي لا يتوافر فيها هذا الجهاز ففي نطاق محافظات الغربية وكفر الشيخ والبحيرة لا يوجد غير جهاز واحد قديم في مستشفي جامعة طنطا يعمل أسبوعا ويتعطل شهرا, والنتيجة أن هناك قائمة انتظار لمرضي الشبكية تحتاج إلي عدة أشهر برغم أن الجراحة في هذه الحالة يجب أن تتم علي الفور وإلا أصبحت بلا جدوي. إنني أشعر بالعجز عندما يقف أمامي مريض فقير سوف يفقد بصره ولا استطيع مساعدته, فليس معقولا أن أعطي المريض الذي جاءني شاكيا من هذا المرض قطرة, وأكذب عليه بأن هذا هو العلاج.. إن ضميري يعذبني فهل نجد من يساعدنا لشراء هذا الجهاز ليكون عونا علي علاج البسطاء وغير القادرين. ولكاتب هذه الرسالة أقول: لقد بلغ التدهور في المستشفيات الحكومية أدني مستوي, فلا أدوية ولا أجهزة, وحتي العلاج علي نفقة الدولة في طريقه إلي الزوال, فلم يعد أي مستشفي حكومي يقبل المرضي الذين تتطلب حالاتهم إجراء جراحات إلا بعد تسديد ثمن الجراحة, أو الحصول علي القرار الموعود بالعلاج علي نفقة الدولة, ودائما نلجأ إلي أهل الخير الذين يسعون إلي تقديم الصدقات الجارية, ومن يخرجون زكاة أموالهم, والمتبرعين الذين يبحثون عن المرضي المعوزين فيأخذون بأيديهم. وكل هؤلاء يأتوننا من أجل أن يمدوا يد العون, ولا يريدون من أحد جزاء ولا شكورا, وإنما يبتغون بأعمالهم وجه الله, وهو سبحانه وتعالي يثيبهم علي ما يفعلون ويضاعف لهم أجرهم في الدنيا والآخرة.. فأبشر يا صديقي فالفرج قريب بإذن الله.