"الداخلية" تواصل فعاليات المرحلة ال 27 من مبادرة "كلنا واحد" لتوفير السلع بأسعار مخفضة للمواطنين    "الداخلية" تيسر إجراءاتها على المواطنين الراغبين في الحصول على الخدمات الشرطية    اتفاقية تعاون بين جامعتي بنها ولويفيل الأمريكية لإنشاء مسار مشترك للبرامج    برنامج تدريبي لتأهيل طلاب الثانوية لاختبار قدرات التربية الموسيقية بجامعة السويس    1072 فرصة عمل ب11 تخصصًا.. بيان من العمل بشأن وظائف الإمارات    توقيع اتفاقيات تعاون بين 12 جامعة مصرية مع «لويفيل» الأمريكية    سعر الذهب اليوم في مصر يهبط بمنتصف تعاملات السبت    ارتفاع السكر والزيت.. أسعار السلع الأساسية بالأسواق اليوم (موقع رسمي)    5.8 مليار دولار.. كيف تسد مصر الفجوة التمويلية خلال العام الحالي؟    حريق سنترال رمسيس.. تعويضات إضافية لعملاء الإنترنت الثابت    رفع نواتج تطهير الترع بقريتي الكوم الأحمر والنواورة بأسيوط    الجيش الإسرائيلي يقول إنه يواصل عملياته لضمان عودة المدنيين الذين عبروا الحدود مع سوريا    وزير الشؤون الأوروبية التشيكي: عقوبات الاتحاد الأوروبي الجديدة ضد روسيا طفرة    استمرار هطول أمطار غزيرة في كوريا الجنوبية وسط خسائر بشرية ومادية    وكيل "عربية النواب": مصر والسعودية حجر الزاوية لأمن واستقرار المنطقة    إسرائيليون يعبرون إلى الأراضي السورية بعد اشتباكات مع جيش الاحتلال    من اتهام بالتعاطي ل عرضه للبيع.. 3 أزمات لأحمد فتوح مع الزمالك    هل خصم فيفا 9 نقاط من الإسماعيلي؟.. النادي يرد ببيان رسمي    فوت ميركاتو: إيزاك منفتح على الانتقال للهلال السعودي    تقرير: أوباميانج يفضل العودة ل مارسيليا على البقاء بالدوري السعودي    "استعان بأصدقائه".. كيف يعمل رونالدو على إعادة النصر لمنصات التتويج؟    أمين حماة الوطن بالإسكندرية: حملتنا الانتخابية تنحاز للمواطن واحتياجاته    «الأرصاد» تكشف سبب سقوط الأمطار في «عز الصيف»    السيطرة على حريق فرن عيش بلدي ببنها    التعليم: إتاحة الاختيار بين الثانوية والبكالوريا أمام طلاب الإعدادية قريبا    عرض "طفل العسلية" على مستشفى المحلة لإعداد تقرير طبى بما فيه من إصابات    إعادة الحركة المرورية بالطريق الزراعي بعد تصادم دون إصابات بالقليوبية    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية» توجه ضربات أمنية ل«مافيا الاتجار بالدولار» في المحافظات    ضبط طن من زيت الطعام المستعمل داخل مصنع مخالف لإعادة تدوير زيوت الطعام ببنى سويف    بأطلالة متألقة وحضور جماهيري غير مسبوق .. أنغام تتصدر التريند بعد حفلها بمسرح U أرينا ضمن فعاليات مهرجان العلمين 2025    ختام أسبوع الثقافة الكوري 2025 بالمتحف القومي للحضارة المصرية    بسبب تشابه الأسماء.. موقف محرج للنجم "لي جون يونغ" في حفل "Blue Dragon"    ليلى علوي نجمة الدورة 41 لمهرجان الإسكندرية السينمائي لدول البحر المتوسط    بينهم "إليسا والحلاني ونانسي".. نجوم الفن بحفل زفاف نجل إيلي صعب (صور)    أحدث ظهور ل ليلى أحمد زاهر.. والجمهور:"احلويتي بعد الجواز"    الواعظة أسماء أحمد: ارحموا أولادكم صغارًا تنالوا برهم كبارًا.. والدين دين رحمة لا قسوة    عاوزه أوزع الميراث على البنات والأولاد بالتساوى؟.. أمين الفتوى يجيب    إجراء 2 مليون و783 ألف جراحة ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    الصحة: إجراء 2 مليون و783 ألف عملية جراحية ضمن المبادرة الرئاسية لإنهاء قوائم الانتظار    «الرعاية الصحية»: إنشاء مركز تميز لعلاج الأورام في محافظة أسوان    طريقة عمل البليلة.. وجبة مغذية ولذيذة للفطار أو العشاء    شاهد أعمال تركيب القضبان بمشروع الخط الأول بشبكة القطار الكهربائى السريع    "الخارجية الفلسطينية" تدين مجزرة "المجوعين" في رفح    ترامب يصعد ضغوطه ويخطط لفرض 20% رسوما على بضائع الاتحاد الأوروبي    هل يُفسد معسكر إسبانيا مفاوضات بيراميدز مع حمدي فتحي؟    وزيرة التنمية المحلية تناقش خلال مؤتمر دولى بأمريكا تطوير تطبيقات ذكية لتحسين الخدمات    تنسيق الجامعات 2025.. موقف الطالب الذي يتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 19-7-2025 في محافظة قنا    «الأرصاد» تحذر: طقس اليوم شديد الحرارة على معظم الأنحاء    «مرض عمه يشعل معسكر الزمالك».. أحمد فتوح يظهر «متخفيًا» في حفل راغب علامة رفقة إمام عاشور (فيديو)    ثورة يوليو 1952| نقاد الفن.. السينما.. أثرت في وعي المصريين    «شعب لا يُشترى ولا يُزيّف».. معلق فلسطيني يدعم موقف الأهلي ضد وسام أبوعلي    كل ما تريد معرفته عن مهرجان «كلاسيك أوبن إير» ببرلين    رئيس حكومة لبنان: نعمل على حماية بلدنا من الانجرار لأي مغامرة جديدة    عميد طب جامعة أسيوط: لم نتوصل لتشخيص الحالة المرضية لوالد «أطفال دلجا»    داعية إسلامي يهاجم أحمد كريمة بسبب «الرقية الشرعية» (فيديو)    أحمد كريمة عن العلاج ب الحجامة: «كذب ودجل» (فيديو)    5 أبراج على موعد مع فرص مهنية مميزة: مجتهدون يجذبون اهتمام مدرائهم وأفكارهم غير تقليدية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الربيع العربي بين اليأس والأمل
نشر في الأهرام اليومي يوم 21 - 01 - 2013

خلال الايام القليلة القادمة سيقف الكثيرون من العرب لكي يتأمل كل منهم في ذاته في ذكري الوثبات التي انطلقت قبل عامين في بعض بلدانهم والتي تمكنت من الاطاحة ببعض اعتي انظمة الاستبداد والقهر والفساد التي تربعت فوق دست السلطة فيها لعقود طويلة.سيكون هناك بالتأكيد تقييمات متفاوتة بين من يري في الثورات ربيعا اشرق علي العرب بعد طول سبات وبين من لن يراها الا علي هواه من مرتابين ومشككين وموتورين وذوي رؤي قاصرة.
كشخص عاش في ظل تلك الانظمة وحلم بهذه الثورات مبكرا, وعاصر بعضا منها في بلدانها, منذ ان بدأت ارهاصاتها الاولي, بل أسهم بقدر ما يستطيع في التحريض عليها, فأني أعرف تماما مشاعر القلق والحيرة, وربما ايضا خيبات الرجاء, التي تنتاب الناس بسبب ما يرونه من المسارات المتعرجة التي مشت فيها الثورات العربية, وايضا مخاوفهم من ان موسم حصاد ثمارها قد طال انتظاره. وأنا لست منزعجا من حالة القنوط والاحباط ومن فقدان الصبر الذي اجده لدي الكثيرين وهم يعبرون عن فداحة خيبة املهم بالثورات نتيجة لما يرونه من مآلات الامور, ابتداء من سوء الاوضاع الاقتصادية, وتدهور الامن وتعثر الثورات, بل سرقتها, او انهيارات في اسس الدولة والمجتمع, فتلك كلها أعراض جانبية عرفتها الثورات العالمية.غير ان ما يضايقني فعلا هو تلك التحليلات التي تقطع بان طريق الثورة لم يعد سالكا وان الاستثناء العربي لايزال هو القاعدة التي لا فكاك منها.
لا أحد بالسذاجة التي يمكن أن يبرر بها الانتكاسات التي تواجهها الثورات العربية, وخاصة التهديدات والمخاطر بانحراف مساراتها الي نقيضها, فتلك شواهد عيانية ماثلة في حياتنا, ولكن ليس بامكان احد كذلك ان يبخس منجزاتها وخاصة تحطيم جدران الخوف والتردد واللامبالاة, والكشف عن أثمن ما كان مخبوءا في دواخلنا كبشر من معادن, وهو رفض التسلط والتهميش وامتهان الكرامة والتشبث بقيم المساواة والحرية والعدالة. وما أريد قوله هنا هو أن التقليل من قيمة المكاسب المتحققة من الثورات امر غير ممكن فهي ولدت سلوكيات وعقليات مختلفة تماما عما ساد خلال عقود الدكتاتورية واصبح للناس ارادة حرة, يدركون من خلالها ان ما كان مستحيلا امسي الان ممكنا, كما اصبحوا يعون حقوقهم ويعرفون كيف يحرسونها, وبالاقل فانهم يعرفون الان ان الطغاة الذين يحتمل ظهورهم في السياق الجديد سيدركون فداحة الثمن الذي يتعين عليهم دفعه فيما لو حاولوا اعادتهم الي القن من جديد.
كذلك, لاغرابة في اننا نعاني من مصاعب جمة نستطيع ان نحصي الكثير منها, لكن ادراك جملة اسبابها سيساعدنا حتما علي فهم المرحلة وتجاوزها.هناك اولا الارث المهول لمراحل الاستبداد والخراب الذي عشناه, والذي يصعب ان نزيله بين ليلة وضحاها,وهناك ايضا مشاكل المرحلة الانتقالية واخطاؤها, كما ان هناك بالتأكيد من يحاول استثمار منطقة الفراغ للاستحواذ علي السلطة وتسخيرها لاهداف مبتسرة, دون ان يمتلك الحد الادني من برنامج التوافق الوطني الذي يحقق احلام اي ثورة, والمشروع الحداثي الذي تمثله قيمها النبيلة.بالاضافة الي ذلك فإن هناك قوي اقليمية ودولية متضررة توفر عقاقيرها السامة وتحاول التلاعب والضغط لحرف الثورات عن مساراتها واغراقها بالدسائس في وحول الفوضي والصراعات.
من هنا فان توجيه سهام النقد الي الثورة ذاتها لما آلت اليه الاوضاع في بلدانها يبدو بعيدا عن الانصاف, أو تقييما ساذجا وسخيفا, ان لم يكن أمرا ينطوي علي سوء نية, فالاحري ان نتمعن كثيرا في مظاهر التجربة ذاتها وان نوجه ذلك النقد للقوي السياسية والنخب الفكرية التي لايبعث اداؤها علي الحسد لعجزها عن الارتقاء الي مستوي المهمة التي اوكلت لها, او اوكلتها الي نفسها, في قيادة عملية التغيير وتسخير العقول والطاقات لتحقيق اهدف الثورة, وانشغلت عوض ذلك في صراعات وصفقات متوحشة من اجل الحصول علي النصيب الاوفر من الكعكة الثورية.
اننا في الحقيقة امام مجموعات من القوي تتحمل النصيب الاكبر من وزر الحالة المستعصية بغض النظر عن موقعها من الثورة, بعضها دوغمائي سلاحه كومة من عضات جذابة لكنها طوباوية او غير واقعية, بل حتي مضللة, وبعضها الاخر حالم ومشتت ينتظر ان يصعد علي اعتاب الفشل الذي سيصيب التجربة, وبطبيعة الحال هناك جزء اخر هي القوي المعادية للثورة في الداخل والخارج التي أخذت ترتدي ثياب الحملان.هؤلاء هم من يقف اليوم امام تأسيس مشروع الثورات العربية وتأمين وجودها وتحويل حلم الحرية والعدالة والعيش الكريم الي واقع.
اعود لاقول ونحن نقف جميعا لنستذكر تلك الايام الخالدة للثورات في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا إنه ليس هناك بالتأكيد عصا سحرية, لتحطيم القوقعة التي عشنا فيها زمنا طويلا ولا لازالة الحواجز الشاخصة في طريق الثورات, كما ان من التفاؤل المفرط الاعتقاد بامكان ان تتحقق جميع اهدافها بين ليل وضحاه.لكنا بالاقل بتنا اكثر ايمانا بان العجلة لن تدور الي وراء, وهو ما سنبقي بحاجة اليه لتذكير اولئك المتهافتين علي وراثة السلطة بان الثورة ليست مجرد تغيير للنظام, او حتي بديل افضل, بل هي صراع وجودي من أجل واقع مغاير تماما يجد الانسان فيه حريته وكرامته وسعادته وعيشه الرغيد.
كاتب عراقي مقيم في القاهرة
المزيد من مقالات صلاح النصراوى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.