مع شروق شمس يوم أمس الجمعة, أطل علينا علي استحياء وكأنه لايريد أن يأتي عام ميلادي جديد.. إنه العام العاشر في الألفية الثالثة بعد الميلاد. جاء العام الجديد وفي عينيه نظرة تردد غير مخفية وفي يديه رعشة تشي بانعدام الثقة في المستقبل, وفي الحلق غصة كأنما لسان حاله يوشك أن يقول:عام.. بأية حال جئت ياعام! وما هذا الإحساس بعدم الثقة إلا بسبب تلك التركة المثقلة بالهموم والمشكلات التي خلفها وراءه شقيقه الراحل غير مأسوف عليه( عام2009). لقد ترك فينا العام المنصرم ما إن تذكرناه فلن نترحم عليه ابدا: أزمة اقتصادية طاحنة خربت من البيوت ما خربت, وشردت من الأسر الآمنة ما شردت, وأفقرت من الملايين كما لم يفقر عام مثله من قبل.. فسادت البطالة كل البلدان, وليس هذا فحسب, بل أبي العام الفائت ان يمضي دون ان يترك فينا وباء خطيرا سنظل نعاني من آثاره نحن وآباؤنا طوال العام الجديد إلا من رحم ربي. ناهيك عن مشكلاتنا الخاصة بنا نحن العرب, كالقضية الفلسطينية التي استعصت علي الحل تاركة أشقاءنا الفلسطينيين تحت مقصلة الاحتلال وسندان الانقسامات التي لانهاية لها ولا معني, وكقضية السودان الموشك علي التقسيم إلي سودان شمالي وآخر جنوبي, وقضية اليمن المهروس بماكينة الحرب المتوحشة بين قوات الحكومة والمتمردين الحوثيين, فضلا عن استمرار نزيف العراق الدامي الذي مايكاد يصحو علي انفجار حتي ينام علي انفجار آخر! ومع الساعات الأولي للعام الجديد تنفجر الأسئلة:ماذا نفعل؟ وكيف نواجه؟ وماهي البداية الصحيحة بالضبط؟ ورغم تعدد الاجابات والاجتهادات إلا أن رأس الأولويات يجب ان تكون الثقة في الذات, والكف عن جلد أنفسنا والحط من امكانياتنا وكفاءتنا. ان في مصر الآن من مكونات الأمل ما إن تم استخدامه برشادة وإخلاص لقفزت بلادنا إلي شواهق مدهشة سيقف الجميع أمامها مشدوهين وماذا لدينا ياتري؟ لدينا طاقات بشرية هائلة وعلي أعلي مستوي من الكفاءة والتعليم لكن التشكيك وانعدام الثقة ومعاداة النجاح تحول دون استخدامهم الاستخدام الصحيح.. ولدينا رغبة عارمة في الانطلاق والنجاح ولا ينقصنا إلا أن ترسم لنا الإدارة طريق السير, وعندنا موارد مادية كبيرة جدا من سياحة وزراعة وبترول وبحار وأنهار ومصانع وشركات, لكن الذي ينقص هذا كله هو التنسيق بينها بشكل متناغم وبروح الفريق بعيدا عن الفردية والشللية والمصالح الخاصة الضيقة.. ولدينا برامج للاصلاح السياسي والاقتصادي في منتهي التطور والتقدم ولا يبقي إلا تفعيل هذه البرامج, وقد بدأ تفعيلها في السنوات الأخيرة, لكن المهم هو توافر الاستمرارية والدأب والنفس الطويل حتي نبدأ في الاحساس بالنتائج. .. وهكذا نستطيع جميعا تحويل هذا القادم الجديد( عام2010) من عام متشائم مليء بالقلق والخوف إلي عام للانطلاق والانجاز, بشرط ان نمتلك جميعا إرادة النجاح وهي ارادة لا تتحقق بالاماني الطيبة أو بدعوات الجدات الصالحات, بل يحققها التفاني في العمل وفق خطط مدروسة دراسة متعمقة سليمة. ان ما ينقصنا بجد هو الايمان بأننا فعلا قادرون علي التقدم, وبأننا لسنا أقل من آخرين نجحوا قبلنا في ايجاد طريق التقدم والسير فيه بثقة وثبات, إن مصر التي بنت أعظم حضارة عرفها التاريخ لقادرة علي العودة إلي بناء الحضارات من جديد.. فهل يكون العام الجديد عام الانطلاق؟.