علي ألواح من الحجر أخذت أماكنها في الميادين العامة نقشت وزارة البيئة الألمانية هذه الكلمات:( تبسمك في وجه أخيك صدقة من أقوال النبي محمد).. وعلي زجاجات المياه في الولاياتالمتحدةالأمريكية طبعت إحدي الشركات عبارة:( إقتصد في المياه ولو كنت علي نهر جار هكذا قال النبي محمد).. هذه دروس في التسامح والسمو علم بها مسيحيو تلك البلاد والأصقاع البعيدة من شاء أن يتعلم معاني التعايش والإعتراف بالآخر, والإنتماء إلي الحالة الإنسانية التي تشف فيها الحواجز وترف, وتتحول عوامل للإلتقاء, لا أسبابا للعزل أو الفصل. هنا تسقط ثقافة العنصرية ويفصح البشر عن أرقي مازرع الله في النفس الإنسانية حين نفخ من روحه في صلصال من حمأ مسنون فسوي الإنسان علي صورته التي عاش بها وعمر, وتعارف وتواصل, وتكاثر وتناسل, وفكر وإجتهد, وصلي ودعا, وزرع وصنع, وإبتكر وإخترع. هنا شهد التطرف وقائع هزيمته التاريخية بعدما ضيق علي المسلمين في نفس البلاد التي إحتضنت أقوال النبي, وأشاعتها في لوحات بالميادين العامة, وعلي منتجات تتداولها أيادي الناس أجمعين. هذه مجتمعات تربي نفسها, وتعمد إلي تقويم إعوجاجها حين يظهر من يناقض القيم الإنسانية والأخلاقية التي شادت بناءها الحضاري علي أساساتها, أما عندنا فيذيع التخلف وينتشر كخلايا السرطان المتوحش, ولا يجد من يصده ويرده, أو يحاول إستعادة بعض ملامح إنسانيتنا الضائعة, فيدعونا إلي عدم تهنئة المسيحيين بالعيد ويخطط لتفجير كنائسهم, ويجتهد في حصارهم ونفيهم, وترويعهم ووصمهم, والإساءة لهم, ولعقيدتهم لا بل ولتقاليدهم وأعرافهم وطرائقهم في الحياة.. هنا يخاصم البعض منا ويالبؤسه وتعاسته أقوال النبي محمد, ويدير الأكتاف لقيمها وإلهاماتها.. هنا يتجهم أصحاب الوجوه الكالحة العبوس, ولا يتذكرون محمد صلي الله عليه وسلم الذي تبسم في وجوه الناس ففاضت صدقاته علي الجميع.. هنا نسي المتطرفون الهائجون المندفعون إلي قطع أوصال هذا المجتمع, وتحطيم بنيته التاريخية, وإطاحت تراكماته الحضارية, تلك الآداب الإنسانية الرفيعة التي دعا إليها الحبيب النبي والتي نحتاج إلي إستعادتها وإستزادتها.. من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه.. المسلم من سلم الناس من لسانه ويده.. وأن نتبسم.. نعم.. فالنبي تبسم!. المزيد من أعمدة د. عمرو عبد السميع