السيسي يوجه بتعزيز قدرات الأئمة وتأهيل كوادر متميزة قادرة على مواجهة التحديات    "الشناوي" في رسالة رسمية لأعضاء النيابة الإدارية: أنتم أمناء على نزاهة انتخابات الشيوخ    الرئيس السيسي يتابع مستجدات إعداد رؤية استراتيجية لتجديد الخطاب الديني    محافظ الفيوم يوجه بتوفير مشروعات تنموية وفرص عمل بشركات ومصانع القطاع الخاص    طلاب ميكاترونيكس بحلوان يبتكرون ماكينة CNC تضاهي أنظمة التصنيع العالمية    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    النقل: إطلاق برنامج تدريبي مجاني لتأهيل سائقي الأتوبيسات والنقل الثقيل    الرئيس السيسي: رفضنا تهجير الفلسطينيين لعدم تفريغ فكرة حل الدولتَين    الرئيس الأمريكي: أتطلع إلى إطعام الناس في غزة    الأمم المتحدة: إنزال المساعدات جوا ليس بديلا عن التنسيق الميداني بغزة    زيلينسكي: إحباط "عدة مئات" من الطائرات المسيرة الروسية ليلا    السيسي: تهجير الفلسطينيين سيؤدي إلى تفريغ فكرة حل الدولتين    جدول مباريات الدور الأول لدوري الكرة النسائية وموعد قمة الأهلي والزمالك    اجتماع بين "فيفا" وبيراميدز بشأن بطولة كأس الإنتركونتيننتال    الصفقات الجديدة.. ثلاثي الزمالك يشارك في المران لأول مرة    النيابة تصرح بدفن جثة شخص عثر عليه مقتولا بدار السلام    التحقيق في مصرع شخصين في حادث دهس تريلا بدائرى البساتين    بالفيديو.. الأرصاد: استمرار الارتفاع التدريجي في درجات الحرارة على أغلب الأنحاء    هيتقبض عليها فورا، خالد يوسف يعلق على ابنة حسني مبارك المزعومة    صور- وزير الثقافة ومحافظ الإسكندرية يفتتحان فعاليات المهرجان الصيفي للأوبرا    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    الرئيس السيسي: أوجه نداء خاصا للرئيس ترامب بإنهاء حرب غزة وإدخال المساعدات    هدى المفتي تنفي خبر ارتباطها بأحمد مالك    في اليوم العالمي لمكافحة التهاب الكبد، هيئة الدواء تحذر: أعراضه صامتة    الصحة توجه نصائح مهمة مع ارتفاع درجة الحرارة.. تعرف عليها    لعلاج مشاكل الحموضة وصحة الأمعاء.. اتبع هذه النصائح    محافظ المنوفية يوافق على النزول بدرجات القبول ببعض المدارس الفنية بمختلف تخصصاتها    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    وكيل "تعليم الجيزة" يتفقد امتحانات الدور الثاني.. ويُحيل مسؤولين للتحقيق بسبب التقصير    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    النصر ورونالدو.. بوابة جواو فيليكس نحو كأس العالم    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    وزيرا "الشئون النيابية" و"الزراعة" يبحثان مستجدات تعديلات قانون التعاونيات الزراعية    إجلاء أكثر من 3500 شخص مع اقتراب حرائق الغابات من رابع أكبر مدن تركيا    على خلفية وقف راغب علامة.. حفظ شكوى "المهن الموسيقية" ضد 4 إعلاميين    الحوثيون يهددون باستهداف السفن المرتبطة بموانئ إسرائيلية    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    بالرقم القومي.. نتيجة مسابقة معلم مساعد "علوم"    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    المجلس التنفيذي لمحافظة مطروح يعقد اجتماعه الرابع للعام 2025 برئاسة اللواء خالد شعيب    مصر الأولى عالميًا في القضاء على فيروس C.. إنجاز ذهبي تاريخي يشهد به العالم    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    رئيس الوزراء البريطاني سيحث ترامب على الضغط على إسرائيل لوقف الحرب فى غزة    نشاط مكثف لتحالف الأحزاب في انتخابات الشيوخ 2025    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    المصري يستنكر بشدة ما حدث من تجاوزات في مباراة الترجي الودية    شوبير يدافع عن طلب بيراميدز بتعديل موعد مباراته أمام وادي دجلة في الدوري    توفير السيولة وخلق كوادر شابة مفتاح نهوض شركات المقاولات التابعة للقابضة للتشييد    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    بالأسماء.. 5 مصابين في انقلاب سيارة سرفيس بالبحيرة    السيطرة على حريق بمصنع كريازي في العبور دون إصابات    إدريس يشيد بالبداية المبهرة.. ثلاث ميداليات للبعثة المصرية فى أول أيام دورة الألعاب الإفريقية للمدارس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تهاوي الجنيه ومستقبل السلطة الحاكمة
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 01 - 2013

قيمة العملة الوطنية في مواجهة العملات الأخري ليست فقط رمزا معنويا مهما للبلد ولاقتصاده‏,‏ ولكنها محدد مهم لأقدار الاقتصاد والشعب والسلطة الحاكمة‏.‏ والتاريخ حافل بسلطات حكم سقطت تحت وقع انهيار العملة الوطنية والتضخم الجنوني الجامح الذي يرتبط به عادة, خاصة في أمريكا اللاتينية حيث كانت المحال أحيانا تتوقف عن وضع أسعار علي السلع عجزا عن ملاحقة تصاعدها الفلكي, فتكتفي بوضع مؤشر عليها, أو سعرها بعملة مرجعية ثابتة نسبيا, مثل الدولار, في ظاهرة تعرف في الاقتصاد بالدولرة, أي قبول الدولار في التداول بجوار العملة الوطنية أو حلوله محلها, ما ينهي عمليا أي ادعاء باستقلال الاقتصاد الوطني من وجهة نظر مهمة, وفي الجوار العربي لدينا حالة لبنان نموذجا علي الدولرة التامة.
ولا يخفي علي فطن ملم بأوليات الاقتصاد أن الاقتصاد المصري وأقدار المصريين ترتبط ارتباطا وثيقا بمعدل تبادل الجنيه بالعملات الأجنبية, خاصة الدولار الأمريكي. فمن الكوارث التي جرها الحكم التسلطي علي مصر وشعبها أن حول الاقتصاد إلي سلسلة مفككة من الأسواق المنفلتة والاحتكارية التابعة تبعية مفرطة لاقتصادات خارجية أساسا في الغرب, من دون قدرة إنتاجية قوية ومتنامية تسندها. ومن ثم, تتاجر في السلع المستوردة أو المنتجة محليا, ولكن تلك الأخيرة تنتج باستعمال نسبة كبيرة من قيمتها النهائية من معدات ومواد خام ومنتجات وسيطة أخري مستوردة بدورها من الخارج. وهكذا يعني انخفاض الجنيه مقابل العملات الأجنبية ارتفاعا مقابلا ومباشرا في أسعار جميع السلع والخدمات المتداولة في مصر. وبسبب جشع التجار في غياب حكومة قادرة علي الضبط الفعال للأسواق ترتفع أسعار السلع بمعدلات أعلي من ارتفاع قيمة العملات الأجنبية. ومن ثم, يذكي انخفاض قيمة العملة المحلية متصاعدا تضخميا شرها.
وعلي جانب آخر, يفترض أن يسهم تخفيض قيمة العملة المحلية في زيادة الصادرات من الإنتاج المحلي إلي الخارج إن كان عليها إقبال لجودتها أو تفردها. ولكن ينتقص من هذه الميزة أن تقل القدرة الشرائية للصادرات علي المستوردات بمعني أن يتطلب الحصول علي كمية المستوردات من الخارج نفسها تصدير كم أكبر من الإنتاج المحلي.
الجنيه المصري الآن كما يعلم الجميع يتهاوي بسرعة وبمعدل سريع. وقت الكتابة كان الجنيه ينحدر لهاوية سبعة جنيهات للدولار الواحد, ولم تكن هناك من بادرة جادة علي أن السلطة الحاكمة قادرة علي اتخاذ إجراءات كفيلة بإقالة الاقتصاد من عثرته من خلال مشروع حقيقي للنهضة وبناء القدرات الإنتاجية لاقتصاد مصر بدلا من استراتيجية الاقتراض والاستجداء وبيع الأصول لتدبير الإنفاق الجاري للسلطة, وجله غير رشيد, وبعضه سفيه. وإن استمرت الحال علي ذلك المنوال فلن يدهشنا أن يكسر الجنيه الحاجز الكارثي لنصف قيمته لينحط إلي اثني عشر جنيها للدولار الواحد خلال العام2013, ما نعتبره سقوطا كبيرا في ظل حكم سلطة الإسلام السياسي القصير نسبيا. وإن حدث, لا قدر الله, فسيكون ذلك هو السقوط الثاني الكبير للجنيه في تاريخ مصر خلال عقدين.
كان السقوط الكبير الأول المماثل إلي نصف القيمة منذ عشر سنوات تقريبا, عندما أصدر جمال مبارك أوامره بالتليفون من العاصمة الأمريكية لرئيس الوزراء الأسبق أحمد نظيف بتخفيض قيمة الجنيه أمام الدولار إلي النصف امتثالا لطلب وزارة الخزانة الأمريكية وصندق النقد الدولي, وكان تنفيذ هذا الطلب بمثابة اعتماد ابن الطاغية المخلوع قيصرا علي الاقتصاد المصري ووريثا لوظيفة المستبد الأكبر. والآن يدار السقوط الكبير الثاني للجنيه المصري المغلوب علي أمره, مرة اخري, امتثالا لأوامر صندوق النقد الدولي والخزانة الأمريكية, حيث يقوم بينهما تحالف متين دائم, ولكن بأسلوب تدريجي ملتو وخبيث تحت سلطة تدمن الكذب بأنها لا تنفذ إملاءات خارجية. وإن لم تكن تمتثل لإملاءات خارجية فذنبها في الفشل في إدارة الاقتصاد يعد أكبر وجرمها أفدح, والمطالبة بعزلها أوجب.
ولا يفتح الله علي رئيس وزارة الإسلام السياسي إلا بالتمني العاجز بأنه إن شاء الله سينخفض الدولار قريبا! وكأنه يدعو علي الدولار وأهله بالعقاب نتيجة لفشل حكومته, بدلا من أن تتخذ حزمة من السياسات والبرامج الكفيلة بتجاوز الأزمة الحالية وإصحاح الاقتصاد والحياة في البلد. وعندما سولت له نفسه الحديث عن برنامج للانطلاق الاقتصادي, أضاف إلي ذخيرة المصريين من التندر علي الحكومة والسلطة الحاكمة التي عينتها وتصر علي الاحتفاظ برئيسها علي الرغم من الفشل البادي والمتفاقم, والسخرية منهما. فقد قال لا فض فوه أن حكومته قد بدأت العمل علي برنامج للانطلاق الاقتصادي يقوم علي سبعة أعمدة وأنجزت الأول منها. ومفاجأة العام الجديد أن العمود الأول الذي أنجزته الحكومة كان السياحة. السياحة التي يعلم الجميع أنها شبه منعدمة, ولا تقوم أي شواهد علي بعثها من العدم في المستقبل المنظور مادامت سلطة الإسلام السياسي مستمرة في تمزيق الشعب وتقييد الحقوق والحريات, والأمن غائب والسلفيون المتشددون يعملون علي إحالة حياة السائحين جحيما. وإن كانت هذه حال العمود الأول للانطلاق الذي أنجزته الحكومة الهمام, فنرجوهم أن يكفوا أيديهم عن الاقتصاد والمجتمع, ونسأل الله الرحمة من تحكمهم في البلاد.
وحيث يعاني شعب مصر من أمراض تفشي البطالة واستشراء الفقر المزمنة ابتداء, فالنتيجة الحتمية لهذا الفشل الاقتصادي الفاحش والمتعاظم هو استشراء الفقر والظلم الاجتماعي.
ولا يجوز أن ننسي أن هذه الأمراض كانت وراء المسببات الموضوعية لشبوب الموجة الأولي للثورة الشعبية المجيدة في يناير2011, بالإضافة إلي تقييد الحقوق والحريات المدنية والسياسية البطش البوليسي.
وحيث لم تترفع السلطة الحاكمة عن النقيصتين الأخيرتين, بل أمعنت فيهما في ظل سياسة الاستبداد والاستكبار التي تملكتها بعد الوصول إلي السلطة, وتتكاثر الدلائل علي تصميم سلطة الإسلام السياسي علي تكميم الأفواه تقييدا لحرية الرأي والتعبير, وتقييد حركات الاحتجاج الشعبي المعارضة بمشروعات تقييد حقوق التجمع والتظاهر السلمي, بينما تبدو أقرب لرموز نظام الحكم الذي قامت الثورة الشعبية لإسقاطه ولم تنجح في ذلك بعد, بسبب إصرار سلطة الإسلام السياسي علي الإبقاء علي جوهر هذا النظام المقيت, بمؤسساته وأساليبه, وحتي بعض شخوصه, فعالة ومؤثرة.
كل هذا يضع سلطة الإسلام السياسي هدفا للإسقاط من خلال الموجة التالية من الثورة الشعبية. وبمعدلات الفشل الحالية لهذه السلطة فلن يطول الانتظار.
المزيد من مقالات د . نادر فرجانى


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.