مع انتهاء أزيز الطائرات وقعقعة السلاح في عدد من دول الربيع العربي بدأ السباق في عدد من الدول لتغيير العملة الوطنية التي حملت صورا للطغاة الذين أصيبوا بمرض العظمة ووضعوا صورا لهم علي بعض العملات لتحقيق أرباح طفيفة قبيل استبدال هذه العملات وارتفاع قيمتها مع تحسين الأوضاع الاقتصادية كما حدث في العملة اليمنية ولم يتنبه البعض من هذا البيزنس إلا بعد الثورة المصرية الذي قفز بمعدلات كبيرة مقابل الدولار بعد الثورة وسط مخاوف من عودة عمليات الدولرة. يري المحلل السياسي إسلام حجازي أن هذا البيزنس بدأ في الرواج في أعقاب ثورات الربيع العربي مستفيدين من أن هناك ارتباطا مباشرا بين الاقتصاد والسياسية وأن ما حدث مكن انتقال للسلطة في اليمن وسقوط القذافي يغري باكتناز العملات هو مؤشر علي الاستقرار بقدر ما، وبالتالي فإن العملية الاقتصادية تتأثر تبعا للاستقرار. ويضيف حجازي أن ارتفاع قيمة العملة في دول الثورات يعني شعورا بالثقة وأن لم يكن هذا الشعور كاملا وبقدر كبير مضيفا أن الوعود الدولية بدعم الاقتصاديات تشجع علي تحقيق مكاسب كبيرة ويعطي طمأنة للاستقرار الاقتصادي. ويقول الخبير الاقتصادي د.مجدي عبدالعظيم أن ما يحدث يشبه إلي حد كبير ما حدث عام 2004 بعد سقوط النظام العراقي حيث انتابت السوق المصرية 'ظاهرة الاهتمام بالدينار العراقي الجديد الذي بدأ التعامل به منذ أيام كانت في بدايتها عادية فهناك مصريون، كانت ولا تزال، لهم علاقة بالسوق العراقية، تحولت إلي مضاربة سريعة، لاكتناز الدينار الجديد، حيث كان سعر المليون دينار يقترب من خمسة آلاف جنيه، وفي أيام قليلة بلغت المضاربة حدها الأقصي ما بين 14 و17 ألف جنيه عند هذا الحد انتبهت السلطات النقدية وبدأت في تحذيراتها من هذا السلوك الخطر علي الاقتصاد وعلي حائزي العملة العراقية المتغيرة لأن الدينار مازال عملة محلية، غير قابلة للصرف أو التحويل، ولم تحدد لها أسعار للتعامل الخارجي بعد، أي أنها تجارة خاسرة واللجوء إلي المضاربة عليها بهذا الشكل والارتفاع المستمر في أسعارها، لا يعكس خللا اقتصاديا داخليا فقط بل قلقا متزايدا ! واستطرد عبدالعظيم قائلا: إننا لا نتعلم من أخطائنا بل نكررها، لأن نفس هذه الأزمة سبق أن مرت علينا مع الدينار الليبي وتم تخزينه وبيعه بعد فترة، عقب التغييرات السياسية الأخيرة في عهد القذافي، وبالعودة بالذاكرة فنفس الأزمة تكررت بالنسبة للدينار الكويتي، الذي انخفضت قيمته عقب الغزو العرافي إلي 50 قرشا ثم تجاوز 22 جنيها مصريا، لكن تنظيم الأسواق وسرعة مبادرة البنوك بالأسس المصرفية الحديثة تحمي المتعاملين من المضاربة والأهم فهناك حالة من انعدام الثقة، تجعل الأسواق مضطربة. ويقول الخبير المصرفي: أشرف سمير أن شركات صرافة مصرية "تستغل الأوضاع الراهنة التي تشهدها ليبيا، لتحقيق مكاسب كبيرة من تذبذب سعر صرف الدينار الليبي" لاسيما في الوقت الذي تحجم فيه المصارف المصرية عن التعامل به. وذكر أن مضاربين للعملة يتبعون كبار تجار العملة وشركات صرافة في مصر، ويعملون علي إيجاد حاجز أمام نشوء "حالة طلب" علي الدينار الليبي، من خلال رفع سعر بيعه بغرض الاحتفاظ بأكبر مخزون منه علي أمل تحقيق مكاسب كبيرة بعد سقوط نظام القذافي. وتابع قائلا إن الأسواق التجارية والفنادق والمقاهي في مدينة السلوم المصرية، الملاصقة للحدود مع ليبيا، تحولت إلي مراكز للمضاربة علي الدينار الليبي بداية الثورة في ليبيا، واستغل مضاربون للعملة، يتبعون كبار تجارة العملة وشركات الصرافة في القاهرة والإسكندرية. وأشار إلي أن المضاربين عمدوا إلي شراء أكبر قدر ممكن من الدينار اليبي من العائدين، وقاموا بإعادته إلي داخل الأراضي الليبية مرة أخري، بغرض مبادلته فورا ببضائع، خاصة في يالأيام الأولي للثورة الليبية، وبالتحديد فيما يختص بالمعادن وقطع غيارها، ومن ثم تم طرح هذه السلع للبيع بأسعار أقل من سعرها في السوق المصري، مع تحقيق ربح يوازي القيمة الشرائية الحقيقية للدينار الليبي، ومن ثم الحصول علي سيولة لضخها مرة أخري في صفقات المضاربة علي الدينار الليبي، في معاملات محمومة شهدتها الأيام الأولي للثورة الليبية. واعتبر أن هذا السلوك يعكس رغبة كبار تجار العملة في مصر، الذين يسيطرون فعليا علي شركات الصرافة في اختزان الدينار الليبي حتي عودته إلي معدلاته الطبيعية. وقد تكرر ذات الأمر بالنسبة للعملة اليمنية بحسب سمير حيث إن سبب الارتفاع الجنوني للدولار وبقية العملات الأجنبية خلال الأيام الماضية مقابل العملة المحلية "الريال" عائد إلي قيام كل التجار العرب وشركات كبري بالمضاربة عليه.