ليس أمام الفلاحين في بلادنا الآن إلا طريق واحد, إما الخضوع لجشع التجار الذين اعتادوا علي سرقة عرق الفلاح, أو ترك محاصيلهم تفسد والأمثلة علي ذلك عديدة, فهناك البطاطس والطماطم والبصل والأرز والقطن.. ويا ليت المسألة تقف عند جشع التجار فقط, فهناك مصيبة أخري تتعلق باستيراد نفس المنتجات من الدول الأخري برغم توافر المحاصيل المحلية بصورة جيدة وبأسعار مناسبة, ومنها الموز والخوخ والعنب وغيرهم, ولعل السؤال الذي يطرح نفسه الآن: هل من الممكن إيجاد حلول عملية لإنقاذ الفلاحين من جشع التجار وإغراق الاستيراد؟ بداية يقول مصطفي عبدالله رئيس مجلس إدارة الجمعية الزراعية للموالح بالعزيمة بمديرية التحرير: منذ بداية الثورة توقف التصدير تقريبا حيث إن شركات التعبئة والتصدير متوقفة عن العمل لعدم وجود طلبات خارجية للتصدير, وذلك لتخوف أصحاب سيارات الثلاجات لنقل المحاصيل من سرقة سياراتهم بالحمولة ولارتفاع قيمة هذه السيارات وحمولاتها, فالأفضل لهم العمل في مناطق آمنة من السرقة والتأخير لقطع الطرق. أيضا كان هناك دعم من الحكومة للمصدرين عن صادراتهم, وقد توقف ذلك الدعم مما رفع التكلفة علي المصدر فتراجع بعض الشئ, كل ذلك أدي لزيادة المعروض المحلي من الإنتاج للمحاصيل التي كانت تصدر مثل الموالح والبطاطس والخوخ والعنب والمشمش مما يقلل سعر البيع عند المنتج نفسه, ونظرا لزيادة تكلفة الإنتاج فأسعار البيع لتاجر الجملة لا تتناسب مع التكلفة من عمالة وسماد ومبيدات, فالمزارع يعمل بالخسارة وفي النهاية المحصول لا يباع ومضطر ومجبر علي رعاية مزارع الفاكهة لأنها أشجار لابد من رعايتها فعمرها يمكن أن يصل الي 40 سنة, وضرب مثالا بمحصول البطاطس عام 2012 حيث كان سعر الطن يصل الي 2500 جنيه وفي عام 2011 انخفض الي 400 وإلي 500 للطن في عام 2012, شركات تصدير البطاطس لم تبدأ في عرض طلباتها ونحن علي أمل تحسن الأوضاع والحل في التصدير. ويطالب مصطفي عبدالله بتوفير الأسمدة والمبيدات بأسعار تتناسب مع أسعار المنتج الزراعي, وبالكميات المناسبة أيضا. الأرز والقطن ويتحدث الحاج أحمد علي الديب مزارع مندهشا ويتساءل: كيف يكون محصولا الأرز والقطن في الدار لدي المزارع ولا يمكنه توريدهما للجمعية الزراعية والتجار متوقفون عن الشراء لتوقف السوق عن البيع والشراء منذ بداية الثورة, والزراعة والأسواق كلها مرتبكة حتي المزارع الذي ورد القطن أول السنة لم يتحصل علي قيمته من الجمعية وقد وصل سعر طن الأرز 1700 مقابل 2000 و2300 في العام السابق ولا بيع ولا شراء, ومضرب الحكومة أخذ كميته ولم يسدد للمزارع قيمته وبالتالي المزارع توقف عن التوريد, والحل في فتح أبواب التصدير, أيضا تتلخص مشكلة الفلاح في المبيدات والسماد وعدم توافره, فضلا عن ارتفاع سعره ففي بعض الزراعات الفدان يحتاج الي ستة شكاير من السماد والجمعية لا تعطي سوي شيكارتين بسعر75 جنيها للشيكارة يضاف إليها قيمة تطهير المجاري والقضاء علي الفئران لتصل الي 80 جنيها بينما في السوق السوداء يتجاوز سعرها 150 جنيها. أما أبوبكر أحمد مزارع, فيري أن الانتاجية موجودة وجيدة وكانت تصدر ولكن لسوء السياسة التصديرية من جانب الدولة والمصدرين, حدث كل هذا الكساد. أيضا هناك بعض المستوردين قاموا باستيراد منتجات زراعية مثل الفول والموز والعنب والخوخ في نفس توقيتات إنتاجه المحلي, مما شكل منافسة غير مناسبة. الحل في التعاونيات منذ سنوات والمزارعون لديهم مشكلة تسليم محاصيلهم أو بيعها للوسطاء بأسعار أقل من التكلفة, وعلي حسب ما يري الدكتور عبدالسلام جمعة الملقب بأبوالقمح, فإن إنشاء التعاونيات هو أساس حل مشكلة شراء المحاصيل الزراعية من المزارعين بأسعار مناسبة بعيدا عن الوسطاء, كما تمدهم بالبذور والسماد والمبيدات مما يساعد علي استقرار المزارعين والمنظومة الزراعية وأهم ما يحافظ علي التعاونيات هو العمل علي أسس سليمة, وأمامنا تجارب ناجحة في أمريكا وبلجيكا والسويد وتونس والمغرب لأن التسويق هو التعاون السليم الذي ينقذ المزارعين من الوسطاء, كما يمكن مع نجاح التعاونيات أن تقوم بتصدير المحاصيل الزراعية بصورة جيدة.