كان الراحل الدكتور حامد ربيع أستاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة يقول لنا في سبعينيات القرن الماضي بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية إن الخلاف مع إسرائيل هو خلاف حضاري, وهذا يعني أنه ممتد من ناحية, كما أنه يعني أن إسرائيل تري أن وجودها يتحدد بالمعادلة التالية: إما نحن.. أو هم أقصد اليهود. ولا يغيب عن بال اليهود المتأسرلين( من إسرائيل) أن الدين الإسلامي يسخر منهم ويري أنهم متكالبون علي طلب المال.. كما تسخر منهم الأمثال الشعبية المصرية عندما نربط بينهم وبين البخل والشح والتقتير!! وفي اليونان في أثناء مشاركتي في ندوة عن الحضارة الإسلامية كان ينظمها رئيس الجامعة العربية الصيفية الدكتور التونسي محمد عزيزة التقيت برئيس معهد الكونسرفتوار التونسي د. محمود قطيط( هكذا كان اسمه) وقال لي إنه بمجرد ما إن ناقش أطروحته للدكتوراة في باريس جاءته دعوة في اليوم التالي لزيارة إسرائيل كانت تتابع النوتة الموسيقية التي استند إليها في أطروحته, وكانوا يريدون منه تعديلها بحيث يعلي من شأن اليهود.. وإذا قال ذلك ضروبا فليعترف بأنهم مسئولون عن الاختراعات الموسيقية في المغرب العربي! وهذا معناه أنهم يحاربوننا في كل شيء وليس فقط بالنار والدبابات والزوارق والعتاد والجيوش علي الجبهة. وبغض النظر عن حلمها الذي تكتبه في الكنيست الإسرائيلي وهي أن حلمها يمتد من النيل إلي الفرات, فالمحقق أن إسرائيل تري أنها صاحبة حق في كل شيء يؤول إلينا. وليس خاصا أنهم يرون أن اليهود هم بناة الأهرامات في باريس.. هذا ما قاله شيمون بيريز للرئيس السادات وللدكتور عصمت عبدالمجيد عندما كان وزيرا لخارجية مصر, وبقي من المرحلتين ما لا نحمد عقباه.. لكن الحلم الإسرائيلي ظل كما هو!! وأذكر ذات مرة أني كنت في باريس ووجدت علي الحوائط الدعائية خبرا وصورة مكررة لأهرامات الجيزة وأبوالهول.. وللوهلة الأولي تصورت أن المكتب السياحي المصري هو الذي فعل ذلك.. لكن ازددت دهشة عندما علمت أن المكتب السياحي الإسرائيلي هو الذي فعل ذلك! والأعجب.. العبارة التي كتبها أسفل الأهرامات.. وهي: الطريق إلي أهرامات الجيزة وأبوالهول.. يبدأ من إسرائيل! هكذا سرق المكتب السياحي الإسرائيلي تراث مصر واستشدق في الدعاية للسياحة في إسرائيل.. وهذا يعني أن يهود إسرائيل يرون أن أهرامات الجيزة لهم ومن حقهم.. كذلك لو تأملنا بعض نجوم السينما وأصلهم اليهودي.. لأدركنا علي الفور أن إسرائيل ليست غافلة عن ذلك.. بحيث تقوم بتوظيف احتفال العرب بمرور001 عام علي السينما المصرية.. احتفاء بالممثلات اليهوديات أمثال ليلي مراد وراقية إبراهيم. ثم إذا اتجهنا إلي الاقتصاد وتأملنا مولات الزمن القديم مثل شملا وعمر أفندي لوجدنا أن يهود إسرائيل يريدون تعويضا عنها لأن ملكيتها تعود إليهم قبل أن يغادروا مصر! إذا استحضرنا في أذهاننا هذه الدعاوي التي ليس أقل منها حقهم في إقامة مولد أبي حصيرة في محافظة البحيرة لعرفنا أن إسرائيل تريد السيطرة علي بلادنا ماضيها وحاضرها ومستقبلها.. وفي هذا الإطار لابد من شجب دعوة أحد أقطاب الإخوان المسلمين ليهود إسرائيل الذين غادروا مصر بالعودة إليها,, لأن اليهود ليسوا بغافلين عن هذه الدعوة الفتنة ونسينا أن هذه الفتنة نائمة.. ولعن الله من يوقظها.. كما قال الرسول الكريم.. المؤسف أن أحدا من هؤلاء الذين يسمون أنفسهم بالقياديين في حزب الحرية والعدالة لا يعرف جيدا تاريخ بلده.. فعبدالناصر لم يطرد اليهود المصريين وإنما هم أصابتهم لوثة وخوف إلي حد الفوبيا.. فتركوا أشياءهم.. وسافروا إلي إسرائيل! الشيء الثاني أن تراث مصر صنعه المصريون.. بل إن مصر كما قال أحمد لطفي السيد قديما للمصريين لا للإنجليز ولا للعلمانيين ولا لليهود! ثم إن دعاواهم في ملكية ما ليس لهم معروفة منذ احتلالهم أرض فلسطين.. وتزييفهم للحقائق والمصطلحات يعرفه القاصي والداني منذ غيروا فدائي بإرهابي, ومطار اللد بمطار بن جوريون! إن مزاعم إسرائيل في ملكية أهرامات الجيزة لا تغيب علي أحد, ومن ثم فإن الدعوة إلي عودة يهود إسرائيل المصريين هي دعوة غير بريئة برغم ادعاء ما فيها من نبل وبرغم محاولة تصديق بأن فتح طريق العودة لهم سيفتح الطريق أمام عودة اللاجئين الفلسطينيين إلي فلسطينالمحتلة. .. إنها دعوة ستفتح باب جهنم, ولسنا في حاجة إلي هذا الجدل الذي يأكل وقتنا واهتماماتنا الوطنية, كما تأكل النار الحطب! ولم نكن في حاجة إليها.. في هذا التوقيت الذي يتكلمون فيه عن إفلاس أو إفقار مصر.. ونري في الوقت نفسه هزيمة الجنيه المصري أمام الدولار! وانتظار أن يعطف علينا صندوق النقد الدولي بإقراضنا بأموال لا تساوي عشر ما نهب في مصر عبر سنوات وسنوات! المزيد من مقالات د. سعيد اللاوندي