الإكتئاب أكثر الأمراض النفسية انتشارا.. و لا يفرق بين كبير و صغير.... فالكل قد يتعرض لهذا المرض كل تبعا للظروف الحياتية المحيطة ودرجة تقبله لها, و لكن المرأة بصفة عامة أكثر عرضة للإصابة به من الرجل لتعدد الأدوار التي تقوم بها. د.مروي عبد المجيد استاذ مساعد الطب النفسي بجامعة عين شمس تؤكد أن بعض النساء لديهن ما يسمي الشخصية الاكتئابية, وهن لسن بمرضي و إنما الاتجاه الاكتئابي السيء سمة من سمات شخصياتهن ونمط لحياتهن, وغالبا ما يتوقعن حدوث الأسوأ. وتلك الشخصية تكون خليطا من الظروف الاجتماعية و النفسية و الاستعداد المرضي, وهناك نوع آخر يعانين مما يسمي عسر المزاج و هي درجة من درجات الاكتئاب, فهي تعيش و تتعامل و لكن دون الشعور بالرضا والارتياح مما يؤثر في نمط حياتها و تعاملاتها مع زوجها وأسرتها, أما النوع الثالث فهو الإكتئاب الجسيم أو المزاج الحزين, و فيه تصاب المرأة بفقدان المتعة و الاهتمام بالأشياء و غالبا ليس له سبب مباشر و يكون لفترة معينة و يحتاج للتدخل الدوائي بمضادات الاكتئاب إلي جانب العلاج النفسي. و تؤكد د. مروي أن السيدات بصفة عامة أكثر عرضة للاكتئاب عن الرجال نظرا لعدة عوامل منها: التغيرات الهرمونية: و خاصة في فترة الدورة الشهرية وما يصاحبها من تقلبات مزاجية. الإكتئاب أثناء الحمل و ما بعد الولادة: حيث يصاب ما يقرب من90% من السيدات بحالة من الاكتئاب الشديد في الأسبوع التالي للولادة مباشر, حتي أنها في بعض الأحيان قد ترفض حمل وليدها وتعاني من نوبات شديدة من الحزن و البكاء بسبب المهام المسندة إليها فجأة, خاصة إذا لم يكن هناك دعم معنوي و نفسي لها من الزوج و الأسرة المحيطة. الإكتئاب بعد انقطاع الدورة الشهرية: حيث تشعر المرأة أنها فقدت شبابها وأنوثتها. كثرة الضغوط الحياتية اليومية الاجتماعية و النفسية خارج و داخل المنزل ومما لا يتيح لها فرصة للتمتع بوقت خاص لنفسها و إحساسها بذاتها, ويسفر عن عصبية شديدة و حدة في المزاج و فقدان المتعة و الاهتمام بالأشياء. و ينطبع كل ما سبق علي تعاملاتها مع زوجها وأسرتها بأكملها ويكون له أثر في غاية السوء علي حالتها النفسية, وقد يتسبب في بعض الحالات في الإصابة بالإكتئاب الشديد- وهي الشكوي الأكثر شيوعا بين النساء- و يترتب عليه زيادة فرصة الإصابة بأمراض القلب و الشريان التاجي وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري, و لذا يفضل في مثل هذه الحالات استشارة الطبيب النفسي و تناول مضادات الاكتئاب لمدة لا تقل عن ستة أشهر, حيث تتطلب تلك الأدوية الاستمرارية حتي تأتي بالنتيجة المرجوة, وعند التوقف عن تعاطيعا يجب سحبها تدريجيا, وهي لا تسبب الاعتياد أو الإدمان طالما وصفها الطبيب بجرعات معينة. و تقدم د.مروي روشتة للزوج و الزوجة للتعامل في مثل هذه الحالات لتخطي المشكلة بسلام قبل أن تتفاقم وتصل إلي مالا يحمد عقباه: بالنسبة للزوجة: لابد من تغيير نمط الحياة الروتيني إلي طريقة صحية سليمة, فلابد أن تمنح بعض الوقت ولو بسيط لنفسها وراحتها الشخصية يوميا تفعل فيه شيئا تحبه و يضفي عليها إحساسا بالرضا والبهجة حتي وإن كان مجرد استرخاء وتأمل, ومن الضروري ممارسة الرياضة وقد يكتفي بالمشي فقط علي الأقل مرتين أسبوعيا لأن هذا يشعرها بالسعادة والانتعاش ويزيح عنها بعض الهموم والمسئوليات الملقاة علي عاتقها, إضافة إلي أهمية الغذاء الصحي المتوازن, فالخضروات و الفواكة الطازجة تحتوي علي فيتامينات تعتبر مضادة للاكتئاب.. وأخيرا: الفضفضة.. أي أن يكون لديها القدرة علي التعبير عن مشاعرها و مشاكلها مع وجود الشخص( الصديقة المناسبة)لهذه المهمة, وإذا شعرت بوجود أعراض اكتئابية فلا يجب تجاهلها ولابد من زيارة الطبيب النفسي. أما بالنسبة للزوج: ففي بعض الأحيان يكون هو العامل الرئيسي في دخول المرأة في حالة من إكتئابية بسبب إهماله لها و لمشاعرها و احتياجاتها و كثرة التأنيب و التهكم إذا ما صدر منها أي تقصير و من هنا أوجه له رسالة.. هي نصفك الآخر الذي بدونه لن تكتمل الحياة فهي شريكتك و زوجتك و حبيبتك و أم أطفالك و لذا وجب عليك تحملها ونصحها و إرشادها ومشاركتها في مسئولياتها وتقديم الدعم النفسي و المعنوي و الإجتماعي لها و إذا ما وصلت إلي مرحلة المرض النفسي فمثله مثل أي مرض آخر فتعامل معها بحكمة شديدة و اغمرها بعطفك وحنانك و كن خير عون لها حتي تعبرا سويا بسفينة حياتكما إلي بر الأمان.