شهد عام 2012 تغييرا كبيرا في السياسة المالية بمصر تأثرا بالأوضاع الاقتصادية التي تمر بها البلاد منذ ثورة يناير حتي الآن, بل ويعد هذا العام هو الأصعب, حيث تدهور الحالة الاقتصادية بسبب زيادة حجم الإنفاق, والذي يقدر بموزانة العام المالي الحالي بحوالي533.7 مليار جنيه, ونقص الإيرادات والتي قدرت أيضا بحوالي393.4, وعجزا متوقع حوالي135 مليار جنيه طبقا لتقديرات الموازنة العامة للدولة. إلا أن الواقع يشير إلي أن العجز بالموازنة الحالية قد يتراوح بين200 230 مليار جنيه إذا استمرت الأوضاع الحالية دون تغيير, حيث إن الإيرادات العامة للدولة لا تغطي إلا60% من حجم الإنفاق العام, وهو ما يفرض علي المجتمع ثلاثة بدائل, إما أن نخفض الإنفاق العام بنسبة كبيرة, أو زيادة حجم الإيرادات العامة, أو نعمل علي كلا الجانبين, أيضا حتمية وقف نزيف المطالب الفئوية والتي تقدر تكلفتها بنحو 17 مليار جنيه حتي الآن وفوائد أقساط الديون المحلية والأجنبية والتي تقدر بنحو133.612 مليار جنيه بزيادة نحو29 مليار جنيه عن العام الماضي. ومع بداية يناير2012 بدأت وزارة المالية تطبيق بعض الإجراءات الإصلاحية في السياسة المالية لترشيد الإنفاق العام بنحو 40 مليار جنيه, وهي: بدء تطبيق الحد الأقصي للأجور بما لا يزيد عن36 ضعف الحد الأدني بكل جهة عمل علي حدة. تخفيض الدعم المخصص للمواد البترولية بمقدار25.5 مليار جنيه ليصل إلي70 مليار بدلا من 95.5 مليار العام الماضي, وذلك دون المساس باحتياجات الأسرة المصرية ومحدودي الدخل, إنما اقتصر علي رفع أسعار الغاز المستخدم في الصناعات كثيفة الطاقة, وترشيد استخدام البوتاجاز وتعديل أسلوب توزيعه. واستكمالا لخطة الدولة لترشيد الإنفاق وزيادة الموارد.. قررت وزارة المالية خصم 20% من الإيرادات الشهرية للصناديق والحسابات الخاصة وتوريدها لحساب الخزانة الموحد بالبنك المركزي لإضافتها لإيرادات الموازنة العامة. أيضا دعت وزارة المالية وحدات الجهاز الإداري للدولة إلي الالتزام الصارم بضبط الإنفاق وترشيده وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق, وتضمنت التعليمات للوزارات تخفيض المكافآت بنسبة 10%, وتخفيض اعتمادات شراء السلع والخدمات بنسبة 3%, أيضا إعادة توزيع اعتمادات المكونات العينية علي المشروعات الاستثمارية الممولة من الخزاتة وفقا للاحتياجات الضرورية اللازمة لتشغيل كل مشروع, وذلك بعد تخفيض هذا البند بنسبة 5%, أيضا ضرورة الاستفادة الكاملة من المخزون السلعي الراكد ومراعاة حظر الشراء من غير الإنتاج المحلي إلا في حالة الضرورة القصوي. كما شهد هذا العام أيضا طرح أذون خزانة بالعملات الأجنبية لتعزيز الاحتياطي الأجنبي, والمساهمة في تمويل الموازنة. كما شهد هذا العام أيضا مباحثات مصر مع صندوق النقد الدولي للحصول علي قرض ميسر بقيمة2.3 مليار جنيه, ثم زاد ليصل إلي4,8 مليار جنيه, حيث انتهت المباحثات في نوفمبر الماضي, حيث تم الاتفاق علي أن يبدأ صرف الجزء الأول من القرض في يناير المقبل شريطة التزام الجانب المصري بالبرنامج الإصلاحي التي قدمته للصندوق, إلا أن الأحداث الأخيرة المتعلقة بالدستور وحالة الانقسام السياسي التي سادت البلاد أدت إلي إرجاء الصندوق للإجراءات النهائية لوقت غير معلوم. وقبل نهاية العام بأيام أعلنت الحكومة عن حزمة تعديلات ضريبية وفتح حوار مجتمعي حولها قبل إقرارها, وقد أثارت هذه التعديلات جدلا واسعا لدي المواطنين خوفا من زيادة الأعباء المالية وارتفاع الأسعار, إلا أن ممتاز السعيد وزير المالية أكد أكثر من مرة خلال لقاءاته مع الغرف التجارية والصناعية والمستثمرين أن هذه التعديلات تستهدف بالدرجة الأولي سد ثغرات التهريب من الضرائب والرسوم حفاظا علي حقوق الخزانة العامة, وأنها ركزت علي تغيير أساليب المحاسبة الضريبية وتبسيط الإجراءات وحل المشكلات التي أظهرها التطبيق العملي لقوانين الضرائب خلال السنوات الماضية, مشددا علي أنها لن تؤثر إلا علي عدد محدود جدا من السلع والخدمات وهم 10 سلع فقط و3 خدمات تغيرت فئة الضريبة عليها و12 سلعة أخري تغير أسلوب محاسبتها بنفس الفئة الضريبية.