فتح بنك الاستثمار القومي ملفات التعثر لعدد من الشركات العامة والجهات الإدارية التابعة للدولة يطالبها بمستحقاته الناتجة عن العقود البنكية التي أبرمتها هذه الشركات والجهات معه. ثم توقفت عن سداد الأقساط المستحقة عن هذه العقود حتي تراكمت المديونيات والفوائد المقررة عليها وأصبحت تحصي بمئات الملايين من الجنيهات وهذه الدعاوي تتكدس أمام المحاكم, حيث تنتدب فيها لجان مختلفة من الخبراء لتقييم هذه المديونيات وتحديد أحجامها. هذه الجهات كانت قد أبرمت عقودا بنكية مع البنك لتنفيذ البرامج القومية التي وضعتها لها الدولة في اطار خطة الدولة الاقتصادية لتوصيل السلع والخدمات الي المواطنين بأسعار مدعمة, وكان من نتائج ذلك تراكم هذه المديونيات وعجز هذه الجهات عن السداد مما اضطر البنك اللجوء الي القضاء لمقاضاة هذه الشركات والجهات ومن أمثلتها: الدعوي رقم415 لسنة4 ق التي فحصتها محكمة القاهرة الاقتصادية برئاسة المستشار فرج عبد الغني جاب الله وعضوية المستشارين فوزي أحمد السيد عبد الله وأكرم عمر عبد القوي صديق رئيسي المحكمة بأمانة سر عبد الرحمن محمد وقضيت فيها بإحالة دعوي بنك الاستثمار القومي التي يطالب فيها شركة مياه الاسكندرية بباقي مستحقاته البالغة7 ملايين و988 ألف جنيه والناتجة عن ثمانية عقود بنكية قيمتها344 مليونا و402 آلاف جنيه الي محكمة الاسكندرية الاقتصادية للاختصاص. والدعوي الثانية وتحمل رقم276 لسنة3 ق ضد شركة مياه الشرب بالقاهرة الكبري ويطالب فيها بنك الاستثمار القومي بمستحقاته التي قدرها ب022 مليونا و691 ألف جنيه, حيث أمرت المحكمة برئاسة المستشار حسين مسلم محمد وعضوية المستشارين مأمون السيد عبد الهادي وهلال رمضان البليوشي رئيسي المحكمة بأمانة سر علاء ابراهيم بإحالة الدعوي الي خبير مصرفي لبيان حجم هذه التسهيلات البنكية التي حصلت عليها الشركة وكذا قيمة المديونية المتبقية في ذمتها وحددت المحكمة جلسة21 مارس المقبل لتقديم هذا التقرير. ومن أكثر الدعاوي التي أقامها بنك الاستثمار القومي كانت ضد الشركة المصرية للحراريات التي يطالبها بمبالغ كبيرة منها الحكم الصادر في الدعوي رقم173 لسنة79 الذي قضي فيه بإلزام الشركة بدفع532 مليونا و191 ألف جنيه بل تم تأييده امام محكمة استئناف القاهرة ولايزال هناك العديد من الدعاوي المنظورة امام المحاكم حول المديونيات المتراكمة علي الشركة الناتجة عن العقود البنكية التي ابرمتها مع البنك. وكذلك الدعوي التي اقامها البنك يطالب فيها شركة النصر لانتاج الحراريات والسيراميك سورناجا بمستحقاته التي قدرها ب7.624 مليون جنيه وناتجة عن مجموعة قروض حصلت عليها إضافة الي الفوائد المستحقة عليها, وقد أمرت محكمة القاهرة الاقتصادية التي تنظر الدعوي انتداب خبير مصرفي لتقديم هذه المديونيات. وهناك الدعوي التي اقامها البنك يطالب فيها ب401 ملايين و178 ألف جنيه من هيئة الصرف الصحي بالاسكندرية, حيث قررت محكمة القاهرة الاقتصادية احالتها الي محكمة القضاء الاداري بمجلس الدولة. وهناك الدعوي التي أقامها البنك يطالب فيها الهيئة المصرية العامة للمعارض والمؤتمرات يطالبها ب962 مليونا و908 آلاف جنيه قيمة11 قرضا حصلت عليها وقررت محكمة القاهرة الاقتصادية تأجيلها. مسألة شائكة يعقب عدد من خبراء الاقتصاد علي أزمة هذه الشركات والجهات الادارية المتعثرة بأنها قضية شائكة تحتاج الي تدخل سريع وحاسم من الحكومة كما يقول الدكتور سلطان أبو علي وزير الاقتصاد الأسبق إن الأموال التي اقرضها هي ملك لهيئة البريد من حصيلة ايداعات دفتر التوفير الذي تطرحه للمواطنين وكذا أموال التأمينات والمعاشات وحصيلة شهادات الاستثمار وغيرها من الموارد. يضيف ان هذه المشكلة قديمة ولم يجرؤ مسئول ماعلي الاقتراب منها ومحاولة مناقشتها مشيرا الي ان الدعاوي القضائية التي يرفعها البنك بالطبع تزيد أعباء التقاضي علي القضاء الذي يشكو من تكدس القضايا والتباطؤ في الفصل فيها لكنها قد تكون حالة علاج مؤقت يلجأ إليها المسئولون في البنك للضغط علي هذه الشركات والجهات للسداد لكن بالطبع في ظل هذه الظروف.. الأمر مستحيل. بحث المسئولون في بنك الاستثمار علي التعامل مع كل حالة تعثر علي حدة وتقييم أوضاعها ومدي قدرتها علي الدفع.. مؤكدا ضرورة اعادة تقييم أوضاع البنك في الوقت نفسه وبيان موارده والاستخدام الأمثل لهذه الأموال للتأكد من سلامة بنيانه المالي. يختتم متسائلا: لماذا تم فتح ملفات هذه الشركات والجهات في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية الحالية؟ تحريك الأسعار يطالب الدكتور سعيد عبد الخالق وكيل أول وزارة الاقتصاد الأسبق بأن تقوم الحكومة باعادة هيكلة هذه الشركات والجهات المتعثرة علي ان يساير عملية الهيكلة تحريك أسعار الخدمات والسلع التي تنتجها هذه الشركات وتقدمها للمواطنين تدريجيا حتي يمكنها ان تقف علي قدميها للسيطرة علي نزيف الخسائر حتي يمكن تجميد حجم هذه الديون علي أن يتم فتح ملفات هذه الديون بعدما تحقق هذه الشركات والجهات أرباحا. يري ان حل المشكلة القائمة يحتاج الي قيادة حكومية جريئة لإيقاف نزيف خسائر هذه الشركات أو تصفيتها لان ترك هذه الدعاوي في المحاكم لن نجني من ورائها سوي المماطلة وتزايد نزيف الخسائر, وفي النهاية فإن الأحكام القضائية التي سيحصل عليها بنك الاستثمار سيجد صعوبة بالغة في تنفيذها لأن ذلك يعني الحجز علي أصول حكومية.